سرى العبيدي||
فيما خلا الاستبداد وثقافته وما سيخلفه من مشكلات، فإن الاختلاف مسألة طبيعية بين البشر، وما هو ليس طبيعي هو أن لا نختلف!
حينما نركن الى العقل، نتفهم بيسر أن ثمة مسوغات متوفرة دوما للاختلاف، وهي على الأغلب مسوغات شرعية أو عقلية أو معرفية أو ثقافية أو بيئية؛ وأكثرها بروزا هي المسوغات السياسية.
غالبا ما نفزع في تعليل أخلافاتنا، الى تبريرات تقع خارج التسويغ العقلاني، فندخل فورا ومن حيث نعلم او لا نعلم في خانة الاستبداد وثقافته!
تعليلات وسياقات المؤامرة والخيانة، والعمالة والارتباط بالأجنب،ي والبلادة والحماقة والجمود والرجعية وغيرها من سياقات حادة، هي تعليلات تؤدي بمطلقها الى الاستبداد في الموقف ، وهو من أشد أمراض المجتمع، ويكون على أشده ضررا في الحالة السياسية، لما له من آثار وتأثيرات متعددة وفي مختلف الاتجاهات.
إن خطاب التخوين والعمالة، من أشد الخطابات تدميرا للبلدان وأكثرها تمزيقا للشعوب، وإذا كنا ننوي الانتقال الى مجتمع تعددي ديمقراطي؛ تقوده دولة تعمل وفقا لهذا المعيار، فإن من أبسط قواعد بناء هذا المجتمع، أن نجد فيه للمخالف على كل صعيد، مقعدا محترما يليق بشريك وطني. والمخالف هنا شخص أو هيئة أو حزب أو كتلة سياسية أو عقيدة أو فكرة..
دعونا نركن الى ماضينا المشرق، دعونا نقلب أوراق ديننا الإسلامي السمح، لنتأمل سماحته التي تتجسد يوم كان الفقيه الحق في تاريخ هذا الدين يقول: رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب.
هذا موقف صائب عقلائي ما زلنا نحتاجه اليوم في الفقه، ولكننا أشد حاجة إليه في السياسة..