بغداد – سارة القاهر
لا يغيب ان الازمة الاقتصادية والمالية الراهنة ، تشغل حاليا جميع المعنيين والشرائح الاجتماعية ، ولا يغيب ايضا ان الفساد وسوء ادارة الدولة من اهم مسببات هذه الازمة .
ما يهمني بهذه المقالة الموجزة ، اضاءة بعض العناصر التي اسفرت عن الوضع المأساوي الراهن ، وهنا يبرز ملف اقتسام الثروات العراقية والتفريط بها بشكل مذهل ، بمعنى هناك تفنن لبعض الاجندات السياسية في المقامرة بالثروات النفطية ، وهذا لا يتم الا عبر توافق الاجندات والاطراف السياسية المختلفة.
ويبدو ان المشهد السياسي المنقسم على نفسه، موغل في استغلال الثروات الوطنية لصالح مكوناته ، وبعيدا عن التلميح ، نجد وبشكل صريح اعتراض اقليم كردستان على سبيل المثال على مواد تضمنها الدستور ، والدليل مقاطعة النواب الكرد للبرلمان العراقي بعد اقرار قانون التمويل المالي ، فيما نصت المادة 27 خامسا من الدستور على تسليم الاقليم موارده الى الحكومة الاتحادية ليتسنى له تسلم حقوقه المالية، وهذا ما يعترف به الكرد انفسهم، الا ان رفض الاقليم تسليم الموارد الى بغداد يأتي في سياق الحصول على اكبر قدر ممكن من “الغنائم“.
في مقابلة متلفزة ولافتة لعضو اللجنة النيابية المالية ، محمد صاحب الدراجي ، كانت ثمة مؤشرات جريئة تميز الدراجي بطرحها ، فقد اعتبر التصريحات الحكومية بخصوص الافلاس ، بانها تصريحات غير مسؤولة.
ولا يجانب ذلك الصواب ، اذ من المعيب بمكان، الحديث عن الافلاس المالي في بلد نفطي يرفل بمختلف الثروات والموارد الاخرى.
ومرة اخرى يبرز ملف الفساد خلف التصريحات الحكومية والتلويح بعدم صرف الرواتب ، وكل ذلك بهدف ايهام الشعب بأزمة مالية خانقة ، ونحن لا ننكر هنا وجود الازمة ، لكننا لانعدم الحلول في الوقت نفسه.
اذ ان الاغرب في هذا السياق عدم استجابة الحكومة للحلول والاجراءات التي تصدر عن المعنيين لمعالجة الوضع ، ما يدل على رغبة الحكومة بالاستمرار في عمليات الفساد وانهاك الاقتصاد العراقي لأسباب معروفة سلفا .
في اللقاء المتلفز ، اوضح النائب الدراجي ، انه قدم عشرين حلا ومقترحا لتجاوز الوضع المالي ، فيما اتفقت اللجنة المالية النيابية ايضا على 33 نقطة كحلول واجراءات لتعظيم الايرادات والسيطرة على الوضع الاقتصادي.
والسؤال هو ما الذي يمنع الحكومة من الاستفادة من مقترحات وحلول اللجنة النيابية ومن جميع الحلول العلمية والواقعية التي تصدر عن المعنيين بالشأن الاقتصادي ومن هم على دراية كاملة بالوضع الاقتصادي الراهن ، ولماذا ترجح الحكومة ورقتها الرمادية المليئة ببيانات الأنترنيت ، والخالية من الحلول الفعلية باستثناء الحل الاسهل وهو مواصلة الاقتراض الذي يصل باحتياط البنك المركزي الى الافلاس ويقفز على حصة الاجيال القادمة من ثروات البلاد.
وبالعودة الى ملف الفساد ، واقتسام الاجندات السياسية للأموال والتفريط بثروات البلد ، فمن الممكن توضيح احدى الحقائق المتعلقة بالنفط ، وهو المصدر الرئيس للاقتصاد ، وهنا يمكن ملاحظة ان النفط الطبيعي العراقي يباع بأدنى الاسعار ، ثم يعود الى الاسواق العراقية كوقود( نفط ابيض، وكاز ، وبنزين، وغيرها) فيشترى في العراق بخمسة اضعاف من السعر المباع ، وهذه نقطة كشفها النائب الدراجي ، اما لماذا يحصل ذلك ؟ فالجواب ببساطة هو ، يحصل ذلك لعدم وجود مصافي في العراق ، واذا تساءلت لماذا لا توجد مصافي ، فالجواب هو ، ان الحكومة او الحكومات المتعاقبة لا تريد انشاء مصافي ولا تمنح اجازات لمن يرغب في الاستثمار بهذا المجال ، من اجل الاستمرار ببيع النفط بثمن بخس لتحقيق منافع خاصة وجني اكبر قدر ممكن من الاموال.
وعلى الرغم من ملفات الحكومة الحافلة بالفساد ، الا ان الاخيرة تحاول تعليق فشلها على البرلمان وتتخلى عن مسؤوليتها بألقاء الكرة في شباك مجلس النواب الذي يجتر هو الاخر اهات المحاصصة والخضوع السياسي للكتل التي ينتمي لها النواب.
تصريحات رئيس الحكومة الاخيرة بعدم المسؤولية عن تامين الرواتب للعام القادم ،اذا لم يقر البرلمان الموازنة، هي بمثابة لي ذراع للبرلمان ، ووضع الكرة في شباك مجلس النوب، متناسيا بهذا التصريح ان حكومته لم تقدم موازنة عام 2020 ، وان الموازنة المالية الاتحادية للعام المقبل ، ماتزال حتى الان في ادراج وزارة المالية لم تكتمل بعد ولم يتم ارسالها حتى الان الى مجلس النواب.
وفي الوقت الذي يتوهم فيه البعض وجود صراعات بين الحكومة والبرلمان ، وانا اعني هنا اللجنة المالية النيابية تحديدا ، فذلك مغالطة واضحة ، والدليل ان هذه اللجنة قدمت حلولا ومقترحات قابلة للحوار والتطبيق فيما لو كان…