حرية – (10/1/2021)
فوجئ مراجعو هيئة التقاعد العامة في بغداد صباح يوم الثاني والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر2020، بعناصر أمنية مدججة بالسلاح تقود رتلاً من الموظفين وهم مقيدي الأيدي ومعصوبي الأعين الى خارج المبنى، ليكتشفوا لاحقاً انهم كانوا شهوداً لتفكيك شبكة تزوير كبرى كانت تنهب ثلاثين مليار دينار شهرياً من المال العام.
وكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية التابعة لوزارة الداخلية، أعلنت بعد ساعات في بيان لها اختراقها وتفكيكها لشبكة تزوير في هيئة التقاعد الوطنية، مؤلفة من 29 متهماً بينهم 17 موظفاً.
جاء البيان بعد مرور أكثر من شهرين على اعتقال أحمد السعدي الرئيس السابق لهيئة التقاعد في منطقة الوثبة وسط العاصمة بغداد، والذي اعتقل يوم الثلاثاء 15 أيلول/سبتمبر بتهمة الفساد بعد متابعة دقيقة لتحركاته بحسب مصادر استخبارية.
يقول صباح الكناني رئيس مؤسسة الإصلاح والتغيير المعنية بتتبع قضايا الفساد ان “ظاهرة التحايل على حقوق المتقاعدين ليست وليدة اليوم، بل هي متأصلة منذ زمن بعيد ويديرها موظفون فاسدون معروفون للقاصي والداني”.
الكناني المطلع عن كثب على ملف القضية، ذكر بأن الشبكة التي جرى القبض على افرادها مسؤولة عن ترويج آلافٍ المعاملات التقاعدية المزورة بينها 4500 معاملة في محافظة الأنبار وحدها. وجميع المستفيدين منها لا تنطبق عليهم الشروط القانونية، مقدرا المبالغ التي كانوا يستحوذون عليها بأكثر من ثلاثين مليار دينار شهرياً.
ويشير الى ان بعض المتورطين بعمليات التزوير “كانوا يديرون عمليات التلاعب والتحايل من خارج البلاد”.
مسؤولون كبار وراء التزوير
وبحسب الكناني فان “شبكة التزوير كانت تعمل بتواطؤ من رئيس الهيئة أحمد الساعدي المعتقل حاليا والذي يخضع مع مدير فرع الهيئة في محافظة الأنبار للتحقيق”، مبينا أن “أفراد الشبكة روجوا معاملات تقاعدية لعناصر في تنظيم داعش بعد قيامهم بالتلاعب في أوراقهم الرسمية واعتبارهم من ضحايا العمليات العسكرية التي جرت في الأنبار سنة 2016”.
ووفقاً للكناني فان “مجموع المعاملات المزورة التي تم ترويجها ومنحت بطاقات هوية تقاعدية بموجبها” بلغت نحو 9000 معاملة، بينها 4500 في محافظة الانبار و700 في محافظة ميسان و1500 في محافظة صلاح الدين و2600 في محافظة البصرة.
في الأشهر التي سبقت عملية الكشف، تصاعدت نداءات شعبية وبرلمانية تحذر من وجود عمليات فساد إداري ومالي في أقسام هيئة التقاعد المسؤولة عن احتساب حقوق موظفي الدولة بعد احالتهم على التقاعد واصدار هويات لهم بموجبها تصرف مستحقاتهم المالية عن طريق صندوق التقاعد، ما دفع الدوائر الرقابية الى التحرك بشأنها.
ماذا جري في هيئة التقاعد ؟
حاول معد التقرير التواصل مع إداريين في هيئة التقاعد الوطنية، لكنهم رفضوا الادلاء بأية تفاصيل بشأن عمليات التزوير التي كنت تجري، في ظل تعليمات تمنع الموظفين من التصريح، إلا أن (رسول) وهم اسم مستعار لموظف يعمل في الهيئة، وافق على توضيح جوانب من ما كان يحصل بعد أن شدد على عدم ذكر اسمه.
يقول: “عمليات التزوير اتخذت صوراً وأشكالاً متعددة، بدأت بالتلاعب بملفات المتقاعدين وتغيير جهة الإحالة من وزارة إلى أخرى وزيادة عدد سنوات الخدمة وجعله مستحقاً لمكافأة نهاية الخدمة التي تصرف لمن تبلغ خدمته من موظفي الدولة أكثر من 30 سنة”.
وعن كيفية حصول الموظفين المتورطين بهذه الأعمال على مبالغ مالية، يوضح “المزورون يحصلون على مكافأة نهاية الخدمة كأجر أو أتعاب، وهو مبلغ كبير يتقاسمونه بينهم، بينما يحصل الشخص المستفيد على الراتب التقاعدي”.
ويكشف رسول ان المتهمين “قاموا بعد انتهاء عمليات تحرير مدينة الفلوجة بمحافظة الأنبار من داعش في حزيران 2016 بإدراج اسماء أشخاص متوفين لأسباب طبيعية داخل بيوتهم واعتبارهم من ضحايا الأعمال الحربية عبر التنسيق مع موظفين في لجان التعويضات الموجودة في المحافظة. وتم لاحقا ترويج المعاملات التقاعدية لهم بتنظيم محاضر أرسلت الى هيئة التقاعد لصرف الرواتب التقاعدية”.
يقول القانوني عبد السلام حيدر، شارحا ما يحدث، ان المتلاعبين يقومون بعملية تبيض سير عناصر من داعش أو متهمين بالولاء للتنظيم، ويتم ذلك بمجرد حصولهم على اوراق رسمية تفيد بوضع قانوني معين، كحالة الوفاة الطبيعية.
ويوضح: “بالاستناد إلى شهادة الوفاة المزورة، يتجنب ذووه الملاحقة ومن ثمة يستندون اليها في ترتيب اوضاع قانونية لمصلحتهم كالراتب التقاعدي وحتى التعويض المحتمل عن الاضرار خلال الاعمال الحربية”.
وينبه إلى أن الأمر يقتصر على حالات وأنها ليست ظاهرة عامة وأغلبها تتعلق بأشخاص والوا التنظيم أو يشتبه في أنهم كانوا موالين له.
ويستدرك “مع ذلك ينبغي اعادة التدقيق في جميع المعاملات التي تم ترويجها في هيئة التقاعد وأيضاً في الجنسية والأحوال المدنية خلال السنوات السبع الأخيرة أي منذ سيطرة داعش على نينوى والمحافظات الغربية في 2014 ولغاية الآن”.
اعترافات
تابع معد التقرير، اعترافات لمتهمين ألقي القبض عليهم في هيئة التقاعد وبثتها قناة العراقية الفضائية، كشفوا فيها عن جوانب من عمليات التزوير والتلاعب، طابقت وبنحو كبير ما أفاد به مصدرنا (رسول).
وذكر أحد المتهمين أنه وبحكم وظيفته، كان بوسعهِ اصدار أوامر تعيين حكومية مزورة لأي شخص وينسب للوزارة التي يرغب بها ثم يحال الى التقاعد بأوراق مزورة أيضا وتصرف له رواتب وحقوق تقاعدية كأنه موظف حقيقي متقاعد.
وبشأن الكيفية التي تم بها تزوير بطاقات هوية تقاعد لأشخاص بلا صفة وظيفية، قال المتهم “أصدرنا هويات تقاعدية لمقتولين من عناصر تنظيم داعش بحجة أنهم من ضحايا الارهاب، وزورنا لهم أوراقاً تحقيقية ثم خصصنا لهم في ضوئها رواتب تقاعدية”.
ويشير إلى أن أفراد مجموعته “تقاضوا مبالغ مالية جراء هذه العمليات وصلت بالمجمل إلى 600 ألف دولار”.
وكان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي قد أصدر أمراً ديوانياً في 27 آب 2020 شكل بموجبه لجنة دائمة للتحقيق في قضايا الفساد برئاسة الفريق الحقوقي في وزارة الداخلية أحمد طه هاشم أبو رغيف، وعضوية ممثلين عن جهازي المخابرات والأمن الوطني وهيـئة النزاهة، كما كلف قوات جهاز مكافحة الإرهاب بتنفيذ القرارات الصادرة عن قضاة التحقيق أو المحاكم المختصة المتعقلة بقضايا الفساد.
الداخلية تؤكد عمليات التزوير
يؤكد مدير العلاقات والإعلام في وزارة الداخلية اللواء سعد معن، ان بعض عمليات التزوير في هيئة التقاعد ارتبطت بقيام افراد في الشبكة بعرقلة معاملات المتقاعدين بهدف ابتزازهم واجبارهم على دفع رشاوي الى جانب سرقة وثائق مهمة من معاملاتهم للاستفادة منها في عمليات التلاعب.
ويقول “المزورون كانوا يموهون على أعمالهم من خلال ترددهم على مكاتب في ضاحيتي المنصور والشواكة وسط العاصمة بغداد وضعت عليها لافتات تدل على أنها مكاتب للمحاماة”.
ويكشف اللواء معن، عن ضبط مجموعة من الأختام المزورة ولواصق فسفورية تحمل اسم هيئة التقاعد، وعدد كبير من بطاقات الماستر كارد، وطابعات قديمة، استخدمت في تزوير الأوراق القديمة، وشهادات الوفاة والتقارير الطبية جميعها كانت بحوزة أفراد الشبكة الملقى القبض عليهم.
ووفقاً لما يورده مدير العلاقات في وزارة الداخلية فأن أحد المتهمين الذي كان يعمل موظفاً في وقت سابق في هيئة التقاعد (دون أن يشير الى اسمه او صفته الوظيفية) هو من أشرف على عمليات التزوير والتلاعب في معاملات المتقاعدين وكان يستخدم منزله الواقع شرقي بغداد كورشة لأعمل التزوير.
ويوضح أن عملية القاء القبض على بعض المتهمين خارج أروقة هيئة التقاعد، استغرقت عدة أشهر وبدأت بتلقي المعلومات ثم الاستدراج والتعقب وانتهت بنصب الكمائن في مناطق مختلفة من العاصمة للإيقاع بهم”.
ويشكو الكثير من المتقاعدين من تأخر انجاز معاملاتهم التقاعدية لأشهر طويلة، في ظل الزحام والبيروقراطية التي تتطلبها انجاز الاوراق الرسمية، ما يجبر بعضهم الى دفع رشى من اجل تسريع انجاز معاملاتهم.
يطلق غانم محي الدين ضحكة ساخرة وبين يديه رزمة كبيرة من الأوراق قال بأنها مصورة عن ملفٍ يحكي قصة معاملة التقاعد الخاصة به. ويقول: “قضيت أكثر من خمسة وثلاثين سنة موظفاً في وزارة الزراعة قسم الثروة الحيوانية، وسيرتي الوظيفية بأسرها ليس فيها أوراق رسمية كالتي اجبروني على احضارها على مدى أكثر من سنة من المراجعات، وأيضاً بلا جدوى”.
رفت شفته السفلى ورمشت عيناه عدة مرات:”رفضت أن ادفع لهم رشى مقابل حق شرعي لي وهو التقاعد بعد سنوات طويلة من الخدمة. وكانت النتيجة دخولي في متاهة من العرقلة المتعمدة لكي أصل الى مرحلة اليأس وأدفع لهم”.
وبحسب غانم فأن مبالغ الرشى تختلف بحسب الدرجة الوظيفية وهنالك سماسرة ومعقبون لتسهيل الأمور. والسير في اجراءات رسمية بدون المرور بقنواتهم أو قبول دفع الرشوة يعني فترة انتظار طويلة تمتد لأشهر أو سنوات.
ويشير برزمة الاوراق التي بين يديه “ليس من السهل الحصول على هذا العدد من الأوراق والكتب الرسمية التي ليس لها داعٍ مطلقاً!”.
لا قواعد بيانات لمتقاضي الرواتب
ترى عضو لجنة النزاهة النيابية بالبرلمان العراقي عالية نصيف، ان ظاهرة الفساد في هيئة التقاعد قد بدأت منذ العام 2011 واتسعت لعدم وجود رادع حقيقي، مبينة انها “من أكبر ملفات الفساد التي تستلزم الوقوف بوجهها بشجاعة”.
نصيف، وهي احدى الوجوه البرلمانية التي تتحدث بشكل متواصل عن ملفات الفساد، تقول ان الفاسدين يهدفون الى “تدمير الاقتصاد ويسعون للاستحواذ على المال العام بمختلف الطرق غير المشروعة”.
وتعتقد نصيف أن “شركة الدفع الالكتروني (كي كارد) متهمة بالتواطؤ مع المزورين في هيئة التقاعد لتمرير المعاملات المزورة، مستغلة عدم وجود قاعدة بيانات كالتي تملكها دول أخرى وعدم توفر احصائيات دقيقة عن أعداد موظفي الدولة لدى المؤسسات الحكومية”.
وتلقي باللوم على ما تسميه “العلاقات المشبوهة بين بعض من نواب البرلمان ومسؤولي الشركة ودورهم في تأخير إجراءات المتابعة والتدقيق بحق الشركة”.
وكانت قوة أمنية قد ألقت القبض على بهاء عبد الحسين عبد الهادي مدير شركة كي كارد في مطار بغداد الدولي يوم ألخميس 17 أيلول/سبتمبر2020 وهو يروم السفر إلى خارج العراق.
وليس بعيداً عما يقوله أعضاء لجنة النزاهة البرلمانية، يأتي موقف الخبير الاقتصادي ضرغام محمد علي، إذ يرى بأن”شبكة التزوير في هيئة التقاعد كانت تعمل بغطاء سياسي وهي من المافيات المتوغلة في مؤسسات الدولة، لكن كشفها وانفضاح أمرها جاء بعد رفع الغطاء السياسي الذي كان يمارس من قبل أحزاب السلطة”.
ويشير الى أن “هذه العمليات تستنزف ما لا يقل عن ٢٠ الى ٣٠ بالمئة من موازنة العراق التشغيلية، وان القضاء عليها وايقاف هدر الأموال من شأنه أن يوفر للدولة مبالغ تسد بها العجز الحاصل حالياً في موازنة الدولة”.
ويلفت الخبير الاقتصادي الى أن “واحدة من أكبر الفضائح هي عدم وجود قواعد بيانات لمتقاضي الرواتب وهو ما يجعل مهمة مكافحة الفساد صعبة وعسيرة كونها تتعامل مع مئات الآلاف الفضائيين”.
ولفظة (فضائي) تطلق في العراق على الموظفين الوهميين، وهم من يتم تخصيص رواتب لهم في الدوائر الحكومية دون ان يكون لهم وجود حقيقي في تلك المؤسسات. وهي واحدة من أبواب الفساد التي يكثر الحديث عنها في البلاد منذ سنوات.
وفي تصريح صدم الشارع العراقي، ذكر وزير التخطيط د.خالد البتال ان وزارته لا تملك أرقاما دقيقية بأعداد الموظفين. وقال في مقابلة عرضتها قناة العراقية الفضائية شبه الرسمية في 12 ايلول/سبتمبر2020:
“أنا وزير للتخطيط ومع ذلك لا أعلم أعداد الموظفين في البلاد. وأيضاً وزير المالية لايعلم على وجه الدقة أعداد الموظفين الحكوميين في العراق !”.
تورط الأحزاب واسترداد الأموال
يعتقد أعضاء باللجنة المالية البرلمانية، أن وجود شبكات فساد وتزوير بوزارات الدولة ومؤسساتها محمية من أشخاص داخل أحزاب السلطة، يعد دليلا على أن تلك الأحزاب التي تدير الدولة متورطة بما يجري وليس لها رغبة وإرادة اصلاحية.
ويعرب عضو اللجنة المالية النائب جمال كوجر عن قناعته بأنه “لولا عملية الاكتشاف والاعتقال التي حصلت في الهيئة لأستمر أفراد الشبكة في استنزاف وسرقة الأموال العامة لأمد بعيد”، مبينا أن عملية الاعتقال تلك تثبت “أن لا قدسية لأي جهة متهمة بسرقة المال العام”.
ويؤكد كوجر ما يكرره مسؤولون بارزون عن “غياب الاحصائيات الدقيقة عن أعداد موظفي الدولة ومجموع ما يتقاضوه من مبالغ مالية من الميزانية العامة”.
ويرى ان غياب الشفافية وعدم وجود الأرقام والبيانات الدقيقة، يعقد عملية محاربة الفساد، لأنك لا تعرف حجم الاموال المهدورة، وهذا يجعل من “استرداد الأموال التي سرقتها مافيات الفساد في مختلف وزارات الدولة عملية بالغة الصعوبة”.
يوافق الخبير القانوني علي التميمي، النائب كوجر في صعوبة مواجهة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة خاصة المهربة الى خارج البلاد، ويرى ان “ايقاف هدر المال العام ومحاربة الفساد المالي، لا يمكن أن يتم إلا من خلال انشاء محكمة متخصصة تحقيقا ومحاكمة”.
ويلفت الى ان “طبيعة الوصف القانوني للجرائم المرتكبة في هيئة التقاعد يتباين في قانون العقوبات العراقي لسنة 1959 ما بين الاختلاس والرشوة واستغلال النفوذ الوظيفي”.
ويجد التميمي في “إبعاد النفوذ السياسي عن الأداء القضائي، ومنع التأثير المالي على المحاكم القضائية” أمراً جوهرياً دونه لا يمكن مواجهة الفساد، مشدداً على العمل وفق مبدأ “لا أحد أقوى من الحق ولا من القانون”.
ويعتقد الخبير القانوني بقدرة العراق على استرداد ولو جزء من الأموال المهربة للخارج والتي تقدر بـنحو (500) مليار دولار أمريكي، حسب تقارير حكومية، عن طريق اتفاقية غسيل الأموال لعام ٢٠٠٥ بالتعاون مع الجانب الأمريكي وفق المادة ٢٧ من الاتفاقية العراقية الأمريكية لسنة ٢٠٠٨، وايضا وفق المادة ٥٠ من ميثاق الأمم المتحدة التي تؤكد على حق الدول التي تحارب تنظيمات موضوعة تحت الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة طلب مساعدة الأمم المتحدة. والعراق كان يحارب داعش الموضوع تحت الفصل السابع بموجب القرار ٢١٧٠ لسنة ٢٠١٧”.
جمعية المتقاعدين: لن نتنازل عن حقوقنا
ممثل النقابة الوطنية للمتقاعدين أبو سامر الشكري يرجع سبب ما أطلق عليه التعمد في تأخير إنجاز معاملات المتقاعدين وحرمانهم من حقوقهم التي نص عليها القانون وسرقة بعضها، الى سطوة المتهمين في هيئة التقاعد وتحكمهم بحقوق المتقاعدين وسرقاها أو منحها لآخرين خلافاً للقانون.
يتهم ممثل النقابة الوطنية للمتقاعدين أبو سامر الشكري، موظفين ذوي سطوة ضمن شبكة الفساد في الهيئة، بتعمد تعطيل وتأخير إنجاز معاملات المتقاعدين وحرمانهم من حقوقهم التي نص عليها القانون وسرقة بعضها أو منحها لآخرين خلافاً للقانون.
ويقول ان المتقاعدين الذين يربو عددهم على ثلاثة ملايين و800 ألف بين مدنيين وعسكرين يحملون رئيس الهيئة السابق، ومن خلال الشبكة التي كان يديرها، مسؤولية سرقة حقوقهم من صندوق التقاعد ومنح بعضها لأفراد في تنظيم داعش، منبها الى تراجع كبير في الأموال الموجودة في الصندوق بسبب الفساد.
وكانت وزارة المالية قد وجهت في الخامس والعشرين من تشرين الثاني 2020 كتاباً بالرقم 14079 الى مكتب رئيس الوزراء، لجنة الامر الديواني 29، أكدت فيه حجز الاموال المنقولة وغير المنقولة العائدة الى كل من (أحمد عبد الجليل حسين علون الساعدي) رئيس هيئة التقاعد العامة السابق وشقيقه (صباح عبد الجليل حسين علون الساعدي) وزوجاتهم وأولادهم.
وتشهد محافظات عراقية عدة بينها نينوى، عمليات اعتقال لموظفين في دوائر التسجيل العقاري والبلدية والتقاعد والتربية ودواوين المحافظات بتهم فساد تتعلق ببيع اراض تابعة للدولة وإهدار الأموال العامة وتقاضي رشى مقابل احالة مشاريع حكومية.
لكن عمليات الاعتقال تلك تظل محدودة، بحسب المحامي سرور علي، مقارنة بحجم الفساد في تلك الدوائر، وهو ما يتطلب “اجراءات حازمة تطال الرؤوس الكبيرة” التي تحمي شبكات الفساد في المؤسسات الحكومية “دون ذلك لن تنجح حملات مواجهة الفساد في تحقيق أهدافها، وستظل جيوش الفضائيين كما عمليات التلاعب بالعقود تلتهم ثلث موازنة الدولة التي تقترب من حافة الانهيار في ظل عجز مالي كبير ومزمن ومع تراكم الديون”.
أنجز التقرير بدعم من مؤسسة “نيريج” للصحافة الاستقصائية