حرية – (19\2\2021)
على بعد أكثر من 22 كم شرق بعقوبة مركز محافظة ديالى، تجمع العشرات من المواطنين أغلبهم من الشباب والصبية بانتظار حدث غير عابر واستثنائي وهو انطلاق سباق الخيول الاصلية الذي أقيم قبل أيام، في أطراف ناحية كنعان التي كانت من النواحي الأكثر تضرراً من العمليات الارهابية بعد 2006 وفقدت المئات من أبنائها في موجات عنف دامية قبل أن يلوح الأمن سماءها في السنوات الأخيرة.
السباق والذي شاركت به أكثر من 10 خيول أصيلة ضمن ماراثون يمتد لنحو 1500 متر في أرض زراعية مفتوحة، يعد الأول من نوعه منذ 2003 على مستوى ديالى.
ويقول جمال الشمري وهو مسؤول حكومي سابق (عضو مجلس ناحية كنعان المنحل)، في حديث له ، إنه “حدث استثنائي هو الأول من نوعه في ديالى ويبدو أن كنعان حملت شعاره”، لافتاً إلى أن الحدث “شكل مفاجأة للأهالي في وجود سباق خيل لأن الكثيرين لم يعلموا أن في الناحية هناك العديد ممن يمتهنون تربية الخيول العربية الأصيلة”.
ويضيف الشمري، أن “في ناحية كنعان هناك شخصيات معروفة محبة للخيول العربية الأصيلة وهي تقوم بتربيتها منذ أجيال، لكن تجربة السباق فريدة من نوعها، ورغم إجراء أول جولة لها لكنها خلقت أبعاداً إيجابية كبيرة وشكلت رسالة مهمة عن الاستقرار الأمني”.
وتعد ناحية كنعان من أهم النواحي المرتبطة بقضاء بعقوبة وهي تشكل نسيجاً مجتمعياً من كل الاطياف وتضم أكثر من 30 عشيرة عانت بعد 2006 من هجمات دامية لتنظيم القاعدة ونزوح آلاف الأسر وتدمير منازلهم خاصة في قاطع الجنوب قبل أن تستقر الأوضاع الأمنية.
“انطلاق سباق خيول في كنعان رسم الابتسامة على شفاه أجيال تعيش في ناحية منكوبة بعد 2006″، هكذا بدأ المواطن عرفان حسن حديثه ، مضيفاً أنها “كانت أروع رسائل السلام لأنها جمعت شباباً وصبية من كل المناطق وهذا ما نريده الآن أن نشعر بأننا نمثل جسداً واحداً”.
ويشير حسن إلى أنه رأى “زائرين من 6 محافظات أغلبها جنوبية، جاءوا لحضور السباق الذي يمثل خطوة استثنائية وجريئة وربما يتحول هذا الحلم إلى شيء كبير ويتحول إلى سباق على مستوى العراق يكون مقره في كنعان”.
من جانبه، يذكر أبو شاكر وهو مهتم بتربية الخيول العربية الأصيلة، أن “تربية الخيول موجودة في بعض مناطق كنعان، بالإضافة إلى مدن أخرى في ديالى ولكنها ليست كبيرة خاصة وأن الأحداث الأمنية والنزوح أثرت بشكل كبير ناهيك عن الاهتمام بالخيول مكلف بعض الشي”.
ويتابع أبو شاكر أن “سباق الخيول رغم تواضع تجربته الأولى لكنها بداية وكانت ناجحة في كل المقاييس خاصة وأن الكثير من الأهالي تفاعلوا معها من خلال الحضور الميداني أو عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي”.
ويلفت إلى أن “سباق الخيول هو رسالة سلام ومحبة وتجري من أجل تغيير الأجواء بالإضافة إلى التعريف بأهمية الخيول وتبادر الخبرات بين المربين كما أنها يمكن أن تتحول إلى مرفق اقتصادي من خلال البيع والشراء”.
أما قيس الشمري، وهو مختص في الخيول العربية، فيقول إن “4 مناطق في ديالى لا تزال تربي الخيول ولو بشكل محدود عند أفراد لأن الكثير من الأسباب ساهمت في خفض عدد المهتمين بها خاصة وأن أوضاع ديالى بشكل عام كانت بعد 2003 صعبة جداً”.
ويردف الشمري، أن “كنعان من أهم المناطق في ديالى التي لا تزال تضم نخبة من المربين ولو أعداد لا تزيد عن 8 لكنهم يمتلكون أسماء مهمة في عالم الخيول العربية الأصيلة”، مشيراً إلى أن “انطلاق السباق هو رسالة إعلامية مهمة سيكون لها أثر إيجابي في إحياء سباقات الخيل في العراق تنطلق من كنعان”.