حرية – (20\3\2021)
سلط تقرير صحفي، الضوء على آثار بابل، وما تواجهه من تحديات وأعمال غير قانونية، مثل السرقة، فضلاً تجاوزات السكان المحليين.
ويقول التقرير الذي نشره موقع “اندبندنت عربية” تابعته – حرية – (20 آذار 2021) إن: “من يطالع تاريخ العراق القديم يدرك أن ما تركته الحضارات هو نور لم ينطفئ، لكنه يتوارى عن التوهج بفعل الحروب وآثارها التي تترك هذه الكنوز تتلقّفها عمليات السرقة والإهمال. ولطالما أوحت مدينة بابل الأثرية للأذهان بأشياء شتى، فالاسم مرادف لبرج بابل وبوابة عشتار وشارع الموكب وشريعة حمورابي والملك نبوخذ نصر، لتمثّل شواهد على حضارة أرض الرافدين، تحديداً المملكة البابلية”.
قصور ومعابد
وتضم المدينة الأثرية بابل قصوراً ومعابد وساحات وشوارع، ولعل أهم معالمها التاريخية هي بوابة عشتار، التي بناها نبوخذ نصر عام 575 ق م شمال المدينة، إهداءً لعشتار آلهة البابليين. والبوابة على اسم آلهة الزهرة (عشتار)، وهي المتحكمة في أمور البشر ومكسوّة بكاملها بالمرمر الأزرق والرخام الأبيض والقرميد الملون. وكانت مزينة بـ 575 شكلاً حيوانياً بارزاً، منها التنين المعروف بالسيروش والثيران. وعلى جدرانها، تماثيل جدارية تمثل الأسد والثور والحيوان الخرافي المسمّى “مشخشو”، وهو رمز الإله مردوخ.
أما شارع الموكب، فمركز للنشاط الديني، تحديداً في أثناء مهرجان “أكيتو”، عيد السنة البابلية، فالمعتقد البابلي أنه في هذا اليوم يخرج الإله من معبده الرسمي باتجاه المعابد الأخرى في المدينة، وخلال الاحتفال يُحمل تمثال يجسّد الإله مردوخ وآلهة أخرى.
وتذكر الأساطير البابلية أن الاحتفال الديني في شارع الموكب “يمثّل تعويذة لطرد الأرواح الشريرة”. ولم يدرك البابليون أن الأروح الشريرة ترصدت مدينتهم، فبدأت التجاوزات على آثارهم عندما حوّلت قوات الاحتلال الأميركية المدينة الأثرية إلى معسكر لها، وبعد خروجها استمرت التعديات من قبل الأهالي.
عقبات التنقيب
يقول حاكم الشمري، مدير عام دائرة هيئة الآثار والتراث، “عمليات التنقيب عن الآثار ليست سهلة، إذ تحتاج إلى رسم للمكان وتصويره، وكذلك أموال طائلة وأيدي عاملة متمرسة في هذا المجال”، مؤكداً أن آثار بابل “لم تشهد عمليات تنقيب منذ الثمانينيات، وكل الأعمال الموجودة حالياً هي عملية إنقاذ وصيانة للمدينة الأثرية”.
ويضيف الشمري في حديثه إلى “اندبندنت عربية”، “ما تواجهه الآثار بشكل عام في العراق هو كثرة تجاوزات الأهالي، كما أن بابل تعرّضت للتخريب على يد قوات الاحتلال الأميركي التي اتخذت الموقع الأثري مقراً لها”، لافتاً إلى وجود “حملة للمفتشيات العامة للآثار لإنهاء التعديات على المواقع”.
ويوضح الباحث في حضارة وادي الرافدين عقيل منصراوي أن القوات الأميركية “حوّلت المدينة الأثرية إلى معسكر، ومنعت الموظفين من الدخول إليها، باستثناء مديرة الموقع، كما تحوّلت أيضاً بعد مغادرتها إلى معسكر للقوات البولونية التي دخلت بعد 2003 مع القوات المتعددة الجنسيات”.
المياه الجوفية
وعن سبب قلة الكشف عن معالم بابل، يشير منصراوي إلى “قرب المدينة من شط الحلة وتأثرها بالمياه الجوفية”، موضحاً أن التقنيات “لم تصل إلى أداور العصر البابلي القديم وما قبله، إذ حاولت بعثة التنقيب الألمانية الوصول إلى طبقات ذلك العصر، إلا أنهم فشلوا نتيجة ظهور المياه الجوفية”.
ويضيف، “ما جرى الكشف عنه في المدينة بواسطة التنقيبات المحدودة لا يتناسب مع حجم بابل الأثري وتنوّع معالمها، إذ إنه يتراوح بين ثمانية في المئة و14 في المئة”، شارحاً أنه “إضافة إلى التنقيبات الألمانية برئاسة كولدوفاي في 1899 التي توقفت بعد الحرب العالمية الأولى، يوجد تنقيب لفريق عراقي بدأ في 1978 وانتهى عام 1989”.
ويوضح المرشد السياحي لآثار بابل مكي محمد فرهود الحميري أن المدينة تشهد صيانة الآن على معبد ننماخ وبوابة عشتار حيث لم تحدث ترميمات منذ 1964، مفضلاً أن لا تجري عمليات التنقيب من دون “إعداد خطة مستقبلية كاملة”، تتضمن صيانة الذي جرى اكتشافه، مردفاً “غالباً ما يُترك الموقع الذي ينقب عنه، وهذا يؤدي إلى تعرّض الآثار لمزيد من عمليات السرقة”.
وعلى مقربة من آثار بابل، يقع القصر الرئاسي الذي شُيّد فترة النظام السابق، ويطل على نهر الفرات وفي الجانب الآخر على المدينة الأثرية، وأهمل القصر أيضاً وتعرّض للتخريب والسرقة، وتسعى دائرة هيئة التراث بالتعاون مع محافظة بابل وبتوجيه من منظمة “يونيسكو” إلى أن يكون متحفاً يضم آثار المدينة.