حرية – (6/4/2021)
الانفتاح السياســــي يعني في أكثر وجوهــــه فاعلية انفتاحا اقتصاديــــا، وتوطيــــداً لأركان بناء الدولة التــــي لا ينفك فيها الشأن السياسي عن الشأن الاقتصادي عن التلازم والتفاعل والتواصل، فبقدر ما يمثلانه من بيئة عميقة لصياغة العقد الوطني، فإنهما يمثلان أيضا الاســــاس الذي يمكن أن يشرعن آليات ومشــــاريع صناعة الواقع الاقتصادي الحقيقي، والذي سيكون السند الكبير للمشروع السياسي الوطني.
التعقيــــد في طبيعة المشــــكلات السياســــية العراقية، وغياب الإرادة الجامعة للفرقاء السياسيين ينعكس بشكل أو بآخر على أيــــة معالجة تخــــص الاقتصاد والاجتمــــاع والخدمات والثقافــــة والصحــــة، إذ كثيراً مــــا تتضخم تلك المشــــكلات لتتحــــوّل إلى معوقات إزاء إصدار القوانــــين والقرارات، وإزاء عدم معالجة مظاهر الفشــــل والفساد وضعف إدارة الملفات الأخرى، ولعل التأخير الذي حدث قبل اقرار الموازنة الاتحادية للعام الحالي يكشف عن طبيعة تلك الأزمــــات وضغوطها، وعــــن أثرها في مواجهة التحديات السياســــية، لا ســــيما ونحن أمام استحقاقات وطنيــــة وتنموية ملحة، وعند ابواب انتخابــــات مبكــــرة تتطلــــب وجود بيئة سياســــية فاعلة وآمنة، مثلما تتطلــــب أفقــــا يستشــــرف اهمية التغيير في نمط الإدارة السياسية، وفــــي معالجة الازمــــة الاقتصادية التــــي تكرســــت مظاهرهــــا طوال سبعة عشر عاما.
البحــــث عن بيئــــة الاســــتثمار في الداخــــل أو الخــــارج يمثــــل إجــــراء صحيحاً، وخطوة شــــجاعة تعكس وعي المســــؤولية، مثلما تعكس أهمية أن يكون هذا البحث بمستوى الطموح، وضمن الرؤيــــة الســــتراتيجية التــــي تتطلــــب وجود وعــــي ودعم السياســــيين، فضــــلا عن وجــــود الإرادة التي تملــــك القرار، وهــــو ماحدث خلال زيارات الســــيد رئيس مجلــــس الوزراء مصطفــــى الكاظمي إلــــى الســــعودية وإلى الإمــــارات، والتي حملت معها رســــائل سياسية واقتصادية في آن معا، لفتح آفــــاق وعلاقات أكثر فاعليــــة، ولايجاد بيئــــة إقليمية بعيدة عــــن المحاور والصراعــــات، والتي تملك ضمانــــات نجاحها، وقدرتها على قابلية تحقيق أمن اقليمي يشارك فيه الجميع، وبما يلبي طموحاتهــــم الناجعة، على مســــتوى التخفيف من غلواء الازمات، وعلى مســــتوى تحويــــل المنطقة الى بيئة جاذبــــة للاســــتثمارات، ولتقوية أوامر العلاقات السياســــية والاقتصاديــــة والأمنية بما يخدم المصالــــح الجامعة، ويعزز مســــارات الامــــن المجتمعي والســــيادي، فضلا عــــن ايجاد حلــــول عقلانية للصراعات فــــي المنطقة بعيدا عن التدخلات الخارجية وتضخيم نزعات العسكرة التي باتت منطقتنا من أكثرها هوسا بشــــراء الاسلحة، وتأزيما للمشكلات الأثنية، وللحروب الاقليمية الأكثر دموية وعنفاً.