حرية – (31/7/2021)
تنص المادة 21 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن “إرادة الشعب هي مناط سلطة الحكم؛ ويجب أن تتجلى هذه الإرادة من خلال انتخابات نزيهة تجرى دوريا بالاقتراع العام وعلى قدم المساواة بين الناخبين وبالتصويت السري أو بإجراء مكافئ من حيث ضمان حرية التصويت”
. وتتناول المادة 19 من الإعلان نفسه الحق في حرية الرأي والتعبير على النحو التالي: “لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير؛ ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفى التماس الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين، بأية وسيلة ودونما اعتبار للحدود”. ويمارس هذان الحقان – الحق في الانتخاب والحق في حرية التعبير – في أثناء الانتخابات، ويجب الاهتمام بالحفاظ على الترابط بينهما.
فينبغي في الأنظمة الديمقراطية تمكين الناخبين من تحديد المسائل المدرجة على جدول الأعمال السياسي، والإدلاء بأصواتهم بحرية وبدراية كاملة بالسجلات والبرامج السياسية للمرشحين. وتتأثر نتائج الانتخابات وتبعاتها تأثرا بالغا بالخطاب السياسي والبيانات الإعلامية، وكذلك بدور وسائل الإعلام في العملية الانتخابية.
وأصبح إسهام الصحافة الحرة والمتعددة والمستقلة والمأمونة في بناء الديمقراطية معرضا للضغط على نحو غير مسبوق في يومنا هذا، إذ فقد العديد من المجتمعات الثقة في الأحزاب السياسية القائمة وفي وسائل الإعلام نفسها، وكثيرا ما يقترن ذلك بالاستقطاب السياسي الذي يعرض الأجواء السلمية للانتخابات وحرية الصحافة للخطر. وبات الدور الذي تضطلع به الصحافة في إرساء الديمقراطية معرضا للخطر في العديد من المناطق بفعل تزايد محاولات الجهات الفاعلة السياسية السيطرة على وسائل الإعلام، مما يفاقم الوضع الاقتصادي المتردي لهذا القطاع أصلا
. ويتزايد في الوقت نفسه استبعاد المؤسسات الإعلامية بفعل استخدام السياسيين قنوات أخرى غير وسائل الإعلام لمخاطبة الجمهور مباشرة، وتبادل الناخبين المحتوى مباشرة فيما بينهم. فهناك سيل جارف من المعلومات الواردة من مصادر غير صحفية في أثناء الانتخابات، التي تتضمن حقائق مختلقة وتصريحات معادية لوسائل الإعلام ومحاولات للتشكيك في صدق التقارير الإخبارية.
وقد تؤدي هذه الظروف إلى تراجع مكانة الصحافة المهنية وتأثيرها.
وترتبط جميع هذه العوامل بالدور المحوري المتنامي للإنترنت في فترة الانتخابات.
وقد جرت مناقشات مهمة بشأن تركز السلطة في أيادي شركات التكنولوجيا، وبشأن نماذج عمل هذه الشركات التي تخترق الخصوصية وتستجلب الانتباه.
وقد يجد المواطنون أنفسهم، نتيجة تعرضهم المستمر لكمية معلومات هائلة ذات مضمون انفعالي يستند إلى اقتصاد الانتباه والذكاء العاطفي، مستقطبين وعاجزين إزاء “فيض المعلومات”.
ويلجأ البعض إلى “الحلول السهلة” ويثق الأفراد ثقة عمياء في كثير من الحالات في المعلومات التي يحصلون عليها من الأصدقاء المقربين أو الزعماء مثل اعتماد نظريات المؤامرة أو الحكم على جميع المعلومات بأنها غير موثوق بها بلا استثناء.
الشعبويين؛ وفي حالات أخرى، تحل السخرية واللامبالاة محل التشكيك السليم والمواطنة الفاعلة.
وتتزايد في المقابل الدعوات إلى تحسين التنظيم الذاتي لشركات الإنترنت، واعتماد أنواع من التنظيم الحكومي والتنظيم المتعدد الأطراف.
بيد أن تدخل الدولة أسفر عن تنامي إغلاق مواقع الإنترنت وحجب بعض المحتويات الإلكترونية وغربلتها، الأمر الذي أدى إلى الحد من إمكانية الوصول إلى المواد الإعلامية والاطلاع على المضامين في فترة الانتخابات.
ولا بد في ظل هذا الواقع المعقد من الاستمرار في دعم وسائل الإعلام الحرة والمستقلة والمتعددة، وممارسة الصحافة المهنية بلا خوف من التعرض للاعتداء.
ومن الضروري أيضا ضمان تنوع محتويات البرامج الإعلامية وتمكين جميع فئات المجتمع من الاطلاع عليها.
وهذه هي الطريقة التي يمكن بها مساعدة المواطنين في الاهتداء إلى طريقهم عبر الأجواء الضبابية والمتناقضة، والمشاركة بنشاط في الحياة الديمقراطية المستنيرة.
و يكتسي الطابع المتميز للصحافة فيما يتعلق بقدرتها على المساعدة في ضمان نزاهة الانتخابات أهمية أكثر من أي وقت مضى.
ونظرا إلى ما ورد آنفا قررنا نحن وكالة حرية الاخبارية ان نعمل علة افتتاح موقع خاص بالانتخابات العراقية ايماناً منا بالعمل الديمقراطي ولكي نعمل على مصلحة المواطن في التثقيف الانتخابي وقررنا العمل على ما يلي:
- سبل تأثير العصر الرقمي في الاتصال والإعلام في الحملات الانتخابية.
- المحاولات الجديدة لتقويض دور وسائل الإعلام في بناء الديمقراطية: تشويه سمعة الصحافة المهنية وعرقلة الانتفاع بالإنترنت
- القدرة الكامنة في وسائل الإعلام على تعزيز ثقافة السلام والديمقراطية المستدامين.
تخضع التغطية الإعلامية للانتخابات، سواء عبر الإنترنت أو خارجه، منذ فترة طويلة لمحاولات السيطرة عليها لدعم اتجاه سياسي معين وتقويض اتجاه سياسي آخر.
وباتت هذه المساعي للتلاعب بالمعلومات تستعين في يومنا هذا بوسائل التواصل الاجتماعي ونشرالرسائل عبر هذه الوسائل بغية الالتفاف على مصداقية التقارير المهنية وإضعافها.
وتطرأ هذه التغييرات في وقت أصبح فيه الإنترنت الموقع الرئيسي للنقاش السياسي والمنتدى الأبرز للحصول على المعلومات للكثيرين.
وأصبحت في غضون ذلك البيانات المستمدة من استخدام الناس للإنترنت عملة مطلوبة جدا توفر فرصا لتوجيه إعلانات إلى فئات محددة في المجتمع استنادا إلى تحليلات حاسوبية، وذلك بلا علم عامة الناس في كثير من الأحيان.
فضلا عن ذلك، تعطي الخوارزميات الأولوية للمحتوى العاطفي الذي يجري تداوله على نحو مكثف وعلى نطاق واسع جدا على حساب الحجج السياسية المنطقية القائمة على الحقائق.
ويزيد الطين بلة الارتفاع الهائل في كم المعلومات المضللة عبر الإنترنت . ويتوقع من وسائل الإعلام حاليا تقديم محتويات صحفية عبر الإنترنت بصورة دائمة (في حين يفضل العديد من الناس الحصول على الأخبار بلا مقابل).
ويلقي ذلك عبئا ثقيلا على الصحافة من حيث جودة التقارير الإخبارية ومستواها المهني. وتتمثل الصعوبة التي يواجهها قطاع وسائل الإعلام في الاستعاضة عن التحليل السياسي الموثق جيدا بالمحتوى الأرخص والأكثر استنادا إلى الرأي العام.
وإذ يتزامن ذلك مع إيلاء وسائل التواصل الاجتماعي الأولوية لإثارة العواطف مثل الخوف والغضب، فقد يحدو بالناس إلى الاقتراع استنادا إلى المواقف بدلا من تقييم كفاءة البرامج السياسية من التعرض للاعتداء، تمثل مكونا أساسيا من مكونات المجتمعات السياسية للمرشحين.
ويطرح الاستخدام المتزايد لخدمات الرسائل الرقمية للتأثير في الانتخابات مشكلات أيضا. فخلافا لوسائل التواصل الاجتماعي التي تكون فيها معظم المعلومات متاحة للعموم، يصعب مراقبة خدمات الرسائل والإبلاغ عنها. ومن ثم، يفلت أحد مجالات الاتصالات من عملية الرصد لمعرفة مدى امتثاله لقواعد الانتخابات ومعايير الحقيقة والنزاهة.
ويجري بالفعل الاستعانة بالذكاء الاصطناعي لإدارة محتوى وسائل التواصل الاجتماعي. إذ تبث غرف الدردشة الآلية مواد دعائية، وهو ما يثير تساؤلات بشأن تأثير البرامج السياسية الخفية.
ويجب الربط بين المناقشات الجديدة المتعلقة بتبعات استخدام الذكاء الاصطناعي الأخلاقية والتكنولوجية والسياسية والاجتماعية والقانونية وحرية التعبير بوجه عام، والانتخابات بوجه خاص. أما الجانب الإيجابي فيتمثل في تعزيز التقنيات الرقمية للحق في الانتفاع بالمعلومات، وهو أمر مهم أيضا للانتخابات.
بقلم احمد الحمداني