حرية – (21/8/2021)
تمتاز الانتخابات النيابية المقبلة، بكثرة الوعود الاقتصادية الكبيرة، اذ الخطابات والشعارات واعلانات بعض التحالفات السياسية او المرشحين، تركز على تحسين الاقتصاد وحل مشاكله المعقدة بسهولة ويسر، وجعله عالم وردي خالي من الديون والتقشف والتضخم والضرائب والبطالة.
بعض هؤلاء المرشحين يراهنون، استخدام حلولا سريعة للازمات التي نعيشها اليوم، الا ان هذا الرهان خاسر وحلولهم مجرد وهم، لان اصلاح الاقتصاد يحتاج إلى وقت طويل وبرنامج واضح المعالم ومفهوم التطبيق، اذ سينصدم المرشح بوجود أحزاب غالبيتها لا تفقه بالاقتصاد او تستخدمه لمصلحها السياسية فقط، مما يعني المزيد من المعاناة والأزمات.
وعندما يفوز المرشح للانتخابات النيابية وتتشكل الحكومة الجديدة سيجد أنه بحاجة إلى اتخاذ خطوات وإجراءات اقتصادية لا تتفق مع رغبة الشارع الذي أنتخبه، فيغض البصر عن استخدام الإصلاح الحقيقي ليتحدث وينظر ويظهر على التلفاز ليناقش الواقع بكلام غير منطقي وبعيدا عن الوعود التي وصل بها إلى قبة البرلمان ،اذ سيأخذ بعين الاعتبار سياسة حزبه ليشرع وينفذ حلول ترقيعية ترضي الساسة فقط.
ولكن هناك فئة أخرى، وهم أصحاب البرامج الواقعية، وهو الاقتصادي الحقيقي الذي سينتظره الخطر، اذ يصف هذا الخطر الكاتب الاقتصادي الأمريكي تود جي باكولز في مقدمة الفصل الأول من كتاب “أفكار جديدة من اقتصاديين راحلين”، بالقول، ” ليس من السهل أن تكون مفكرًا اِقْتِصَادِيًّا؛ فالمديرون التنفيذيون للشركات يهاجمونهم لعدم حسابهم التكاليف والأرباح بالدقة المطلوبة، ويتهمهم محبو الأعمال الخيرية بأنهم شديدو التدقيق في التكاليف والأرباح، أما الساسة، فينظرون إلى المفكرين الاقتصاديين على أنهم هادمة اللذات الذين لا يسمحون للساسة بأن يَعْدُوا الجماهير بتحقيق الرخاء دون تقديم أي تضحيات”.
وقد كرس عدد من اَلْكِتَاب الساخرين وقتهم لمهاجمتهم؛ أمثال جورج برنارد شو وتوماس كارلايل.
وفي الواقع، بدأ موسم الهجوم على المفكرين الاقتصاديين منذ أن أطلق كارلايل على الاقتصاد اسم العلم الكئيب.
ولكن للأسف، إن العراق يكاد يخلو من وجود الفكر الاقتصادي الحقيقي، لأنه سيفشل، كونه بعيد عن المجاملة ولا يتناسب مع أهواء الشارع ولا يحقق أي مكاسب لرجال السياسة، لان الرأي الاقتصادي الحقيقي والصريح سيواجه النبذ والتحقير وحتى تشويه السمعة وربما قد تصل القتل.
الخلطة السحرية لنجاحك كاقتصادي في العراق:
أن تتكلم بما يرضي الشارع وبما يجذب أنظار الإعلام ومقاهي المثقفين وأن تكون مصدرًا لمعلومات السياسيين يستخدمون أفكارك المداهنة في جلساتهم وحتى في تشريعاتهم.
انس مرشد
مستشار تطوير اعمال وسياسات عامة