حرية – (24/8/2021)
تواجه تطبيقات السياسة النقدية تحديات كبيرة لاسباب عديدة مرتبطة بتأثيرات وانعكاسات الواقع الاقتصادي الذي يعيشه العراق منذ 2003 ومازال مستمرا وخلال السنوات السابقة ومنذ صدور قانون البنك المركزي رقم 56 لسنة 2004 بذل البنك المكزي جهود كبيرة في تثبيت السياسات والبرامج وتنفيذ الاجراءات بهدف تجاوز تلك التحديات وتحويلها الى فرص لتحقيق الاستقرار النقدي خصوصا اثناء الازمات الاقتصادية والمالية والامنية التي عانى منها العراق لعدم استقرار اسعار النفط وهو المورد الرئيسي للموازنة العامة وتفشي جائحة كورونا والحرب على الارهاب ومازال البنك المركزي يبذل جهودا واضحة على هذا الطريق .ولغرض عرض وتحليل هذه التحديات وفرص تجاوزها وتحويلها الى انجازات حققها البنك المركزي خلال مسيرته للسنوات السابقة ومازال مستمرا بنفس الخطى والمنهج لتحقيق هدف الاستقرار النقدي .قمت بمراجعة اجراءات البنك المركزي منذ صدور قانونة في عام 2004 والاطلاع على بعض الدراسات والبحوت المختارة التي اصدرها سابقا ووثقت اجراءاته وسياساته وبرامجة في تطبيقات السياسة النقدية وربط كل ذلك بالواقع الاقتصادي من خلال المعايشة والمتابعة والمراقبة توصلت الى دراسة مختصه بهذا الموضوع الحيوي في الظرف الراهن .
البنك المركزي العراقي ..الوظائف ومسيرة الانجازات (١)
ان البنك المركزي العراقي مؤسسة اقتصادية مالية سيادية رصينة تاسست في عام 1947 من القرن الماضي وهو المختص برسم مسارات وسياسات تطبيقات السياسة النقدية والاشراف والرقابة على القطاع المصرفي ويعتبر المستشار المالي للحكومة. والبنك المركزي العراقي كان دوره اساسيا في ادارة العملية الاقتصادية في العراق بعد التغيير في عام 2003 وفقا لقانونه الجديد 56 لسنة 2004 ومن خلال ادارتة للسياسة النقدية وتحقيق اهدافها حيث مرّ العراق خلال 18سنة الماضية بمرحلة مهمة من مراحل نظامه الاقتصادي حيث شمل التغيير بداية تطبيقات جديدة للبناء الاقتصادي تعتمد بناء مقدمات الانتقال من فلسفة واستراتيجيات النظام الاقتصادي المركزي في إدارة الاقتصاد إلى فلسفة واستراتيجيات وآليات اقتصاد السوق. وأهم ما ميَّز هذه المرحلة هي التجريبية وممارسة سياسات واجتهادات اقتصادية تعتمد بالأساس في تطبيق آليات اقتصاد السوق دون الاعتماد على المرتكزات الاقتصادية الأساسية لهذا الانتقال، إن ارتباك الرؤية و عدم التنسيق بين السياستين المالية والنقدية واختلاف السياسات الاقتصادية وعدم وضوح المنهج الاقتصادي للبناء الجديد للاقتصاد وظروف العراق السياسية والامنية غير المستقرة ساهم مساهمة واضحة في تشتت التطبيقات في السياسات الاقتصادية والمالية واختلاف الرؤى والاستراتيجيات للوصول إلى الأهداف المركزية المحددة، إضافة إلى قصور في بعض مواد البيئة التشريعية للقوانين الاقتصادية النافذة والصادرة في عام 2004 التي تنظم العملية الاقتصادية ، مما أدّى إلى إضطراب في التطبيق .
مسيرة الانجازات (١)
الا ان البنك المركزي العراقي والقطاع المصرفي خطى خطوات تطور كبيرة باتجاه الانتقال من النشاط الصيرفي الى النشــــاط الحقيقي والتنموي خصوصا خلال السنوات الاخيرة فمنذ صدور القوانين التي تنظم العمل المصرفي في عام 2004 تحققت إنجازات كبيرة في مجال:
* الحد من التضخم الجامح الذي كان يعاني منة العراق والوصول به إلى معدلات جيدة بلغت اقل من 2بالمائه كما تشير البيانات والمؤشرات المالية ..
* وأن البنك المركزي العراقي استطاع المحافظة لعدة سنوات على سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار الأميركي بشكل متوازن بالرغم من التذبذب والتباين صعوداً ونزولاً تبعاً للظروف الاقتصادية الصعبة والازمــــات المالية والاقتصادية بسبب الانخفاض في اسعار النفط والحرب على الارهاب والمضاربات التي تحدث في الأسواق.
*اصداره التعليمات والضوابط والمذكرات واللوائح التنظيمية والارشادية التي تنسجم مع المعايير الدولية ومتطلبات انظمة وقواعد الامتثال ومكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب واصدار قانون ينظم ذلك في عام 2015 وتصفية 700 ملاحظه مشخصة من قبل مجموعة العمل للمالي (FATF) والتي نقلت العراق من المنطقة الرمادية الى المتابعة الاعتيادية كل سنتين
* السيطرة على الخروقات التي تحدث بالمراجعة والتقييم وتصنيف المصارف لاغراض الثقييم الشامل وفق نظام (camels) ولاغراض نافذة بيع العملة الاجنبية بهدف السيطرة على حركة العملة الأجنبية والحد من التصرف بها بخلاف الاهداف الاقتصادية المحددة لتطبيقات السياسة النقدية. حيث إن التعامل ببيع العملة الأجنبية يعتبر من أكبر عمليات السوق المفتوحة في السيطرة على مناسيب السيولة المحلية ووضع الفائض النقدي في مساراتة السليمة وهو مؤشر اقتصادي جيد بأن يتم استقرار سعر الصرف بالرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة التي مر بها العراق مابعد 2014 .
*استطاع البنك المركزي العراقي الاحتفاظ باحتياطي نقدي أجنبي جيد بالرغم من ظروف الركود الاقتصادي، ومع ذلك فقد شكل غطاء أميناً للدينار العراقي ولتغطية التجارة بحدود فترة اكثر من ستة اشهر وهو معدل قياسي معتمد عالميا.
* ساهم بشكل واضح في تغطية العجز في الموازنات العامة وفقا لما هو مخطط من خلال اعادة خصم سندات الخزينة التي تصدرها وزارة المالية واصدارة لسندات الخزينة الدولية اضافة الى اشادة البنك وصندوق النقد الدوليين ببرامج الاصلاح الاقتصادي والمالي التي اعتمدها البنك المركزي وفقا لاستراتيجيتة لخمسة سنوات .
*تشكيل لجنة مشتركة فيما بينه وبين المالية للتنسيق بين السياستين المالية والنقدية وقد تحققت بسبب ذلك اجراءات تنسيقية عديدة وهذا يؤشر حقيقة واضحة أن البنك المركزي العراقي قد استطاع بجهود واضحة خلال السنوات الاخيرة أن يعزز رصيده من النقد الأجنــــبي في خزائن البنك وفي البنوك الأجنبية واحتياطه من الذهب في بغداد والخارج بشكل جيد يتناسب مع أسعار النفط والمستجدات على الساحة المحلية والاقليمية .
*ان الاجراءات الاقتصادية والمالية المحسوبة والجريئة التي قام بها البنك المركزي وتجربته الناجحة في تقديم الدعم المتواصل للاقتصاد العراقي اضافة الى مبادرته بتنشيط الدورة الاقتصادية واطلاق ومتابعة تنفيذ مبادراته المتعدده لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة والاسكانية والاستثمارية في قطاعات الاسكان والزراعة والصناعة والخدمات ودعم سيولة المصارف وتحقيق هدفين اقتصادي واجتماعي في ان واحد .
* اتخاذ اجراءات اخرى مهمة بتأسيس شركة ضمان الودائع والتي باشرت مهامها لغرض اعادة الثقة بالقطاع المصرفي وزيادة نسبة الادخار للكتلة النقدية في المصارف على حساب نسبة الاكتناز .
*ان كل ذلك رافقه تطورات بنيوية وهيكلية تطويرية في كافة دوائر البنك الاختصاصية والنوعية والتركيز على ادارة الجودة الشاملة والتطوير المؤسسي واعتماد المعايير الدولية وادارة المخاطر والتوعية المصرفية والتطورات التقنية في انظمة المدفوعات والدفع الالكتروني وتكنلوجيا المعلومات مما ساهم بالانتقال بسياسات واجراءات العمل بالبنك المركزي الى مرحلة متقدمة على خطى تحقيق الاستقرار النقدي .
لذلك فان البنك المركزي العراقي هو المسؤول عن السياسة النقدية في العراق وتطبيقاتها وعن الدور التنموي الذي يجب أن يقوم به كمؤسسة سيادية رصينة في رسم وتطبيق السياسة النقدية في ظروف تشابك في الخطط والسياسات. ولكن بعد ذلك أصبحت للسياسة النقدية ملامح واتجاهات واستراتيجيات واضحة،
وتتمثل وظائف البنك المركزي العراقي في تحقيق الأهداف أعلاه بما يلي:
اولا‐صياغة وتنفيذ السياسة النقدية بما فيها سياسة سعر الصرف.
والاحتفاظ وإدارة كافة الاحتياطات الأجنبية.
ثانيا‐إدارة احتياطي الحكومة من الذهب.
ثالثا-إصدار وإدارة العملة العراقية.
رابعا-مراقبة وتعزيز سلامة وكفاءة أنظمة الدفع.
خامسا‐اصدار التراخيص أو الإجازات للمصارف وتنظيم ومراقبة المصارف كما هو محدد في قانون المصارف رقم 94 لسنة 2004.
ادوات السياسة النقدية
ويمكن تحديد أهم ما تم تحقيقه من أدوات السياسة النقدية خلال السنوات الماضية كما يلي:
أولاً: الاستقرار النسبي لمعدلات سعر الصرف
إن الهيكلية الحالية لاستقرار معدلات سعر الصرف، بالرغم من الارتفاع والهبوط إلى المعدلات الحالية عدة مرات خلال السنوات الثلاث الاخيرة، قد منحت فرصة للاقتصاد العراقي لإعادة بنائه ونموه النسبي، على الرغم من أن الأسعار لم تستقر بشكل كامل، ويعود الأمر في جانب منه إلى عدم الاستقرار وطبيعة الظروف الأمنية والسياسية وهبوط أسعار النفط عالمياً وضعف التخطيط الاقتصادي.
ثانياً: السياسة النقدية المتشددة
إن السياسة النقدية المتشددة التي يعتمدها البنك المركزي العراقي في إطار إستراتيجيته الرامية إلى تحقيق هدف الاستقرار، وإطلاقه حرية التحويل الخارجي وفق أسس وضوابط تم تعديلها عدة مرات، ولكن لم يتم السيطرة الكاملة على سوق التداول النقدي بسبب المضاربات في السوق الموازية وضعف الآليات والسياسات المعتمدة في تفعيل وتحفيز الاقتصاد الكلي وفقدان التنسيق بين الحلقات والاجهزة الاقتصادية المختصة .
ثالثا: الحد من الظاهرة التضخمية
يعكس الانخفاض التدريجي في الظاهرة التضخمية الآثار الايجابية لسياسة البنك المركزي العراقي في تعزيز سعر الصرف الدينار العراقي الذي أضفى آثاره القوية على استقرار أسعار السلع القابلة للتبادل، حيث أدّت هذه السياسة إلى تخفيض معدلات التضخم السنوي خلال السنوات 2018‐2019.
ويتطلب من البنك المركزي العراقي اعتماد سياسة ترمي إلى خفض التضخم والتصدي لاتجاهاته ومسبباته بعد تغيير سعر الصرف الجديد للاسباب الذاتية والموضوعية والتي تجسدت في اجراءاتة ومبادراته الجديدة لتنشيط الدورة الاقتصادية وتحفيز الاقتصاد بالرغم من ان القطاعات والوزارات المعنية الاخرى لم تبدي تعاونا وتنسيقا مع البنك المركزي في تنفيذ ماتم الاتفاق علية قبل تغيير سعر الصرف والذي اشار اليها بشكل واضح بيان البنك المركزي في كانون الاول / 2020 والذي اعلن فية سعر الصرف الجديد للدينار لوزارة المالية وللمصارف وللجمهور ( مرفق بالدراسة). وعلى نحو يوفر استقراراً نقدياً أوسع على نحو يعجل من توازن واستقرار السوق المالية والاستقرار الكلي في البلاد.
رابعا: السيطرة على مناسيب السيولة وإدارتها .
استناداً إلى قواعد الاستقرار الاقتصادي تعمل السياسة النقدية بتحليل عرض النقد بمفهومه الضيق والواسع ووضع السيولة وتحديد عرض النقد ومكوناته بالمفهوم الواسع (السيولة النقدية)، ولكن واقع التطبيق يؤكد أن السيطرة على مناسيب السيولة لم تتحقق بشكل كامل وفاعل وكان لهذا تأثيراته السلبية على حركة التداول النقدي، وبالتالي عدم السيطرة على معدلات السيولة في حدودها الدنيا والعليا وضمن المعايير المحددة من قبل البنك المركزي العراقي.
خامسا: تحفيز المصارف للتوجه نحو السوق.
تنفيذاً للسياسة النقدية المعتمدة وبما يخدم توسيع نطاق الائتمان ويحقق
اهداف التنمية الاقتصادية، فقد استخدم البنك هذه الأداة بقصد السيطرة على السيولة النقدية من خلال توجه المصارف للتوجه نحو السوق والمساهمة في تحقيق الاستقرار الاقتصادي بمنح الائتمان النقدي لتمويل القطاعات الاقتصادية في الزراعة والصناعة والخدمات والتجارة والإسكان ولكن ظروف العراق الاقتصادية والأمنية والسياسية وعدم إعطاء دور أساسي للقطاع المصرفي الخاص أدّى إلى ضعف قيام القطاع الخاص بقيادة السوق.
السياسة النقدية والاستقرار النقدي
الاستقلالية ونافذة العملة الاجنبية
ان السياسة النقدية كانت وماتزال تشكل موضوعه اساسية في العملية الاقتصادية في البلاد . فهي انعكاس للاداء العام للدولة ومدى جديتها في تلافي الصعوبات والمعضلات والازمات وجعلها متناسقة مع الاهداف المرسومة.
ففي ضوء المتغيرات الاقتصادية بعد 2003 برزت الحاجة للاصلاح الجذري للبنك المركزي وصدر القانون الجديد الذي اكد استقلاليتة وتثبيت دوره الاساسي في حماية موارد البلاد.
وتم تحديد مهامه هي مواجهة غسل الاموال ومحاولات تمويل الارهاب التي تقف في مقدمة التحديات التي تواجه البنك المركزي العراقي . كما ان الحرص على سلامة العمليات النقدية من خلال نافذة بيع العملة الاجنبية هو الاخر أمر اساسي في اداء البنك وتثبيت مبادئ وقواعد التعامل المشروع في جو سليم من الرقابة والاشراف.
كذلك المحافظة على استقلالية البنك وتمكينه من اداء مهمته من غير تدخل حكومي وجعله مؤسسة فعالة وضامنة لمصالح المجتمع ككل . اضافة الى سيطرته على استقرار سعر الصرف وادارة عرض النقد .
ان عملية بيع العملة الاجنبية بحاجة الى فهم عميق في ظل الاتهامات الكبيرة التي يتعرض لها البنك من دون ادلة تثبت وجود شبهات فساد او عملية غسل للاموال او تهريب للعملة . وان الطرح الذي يقول ان بيع العملة هو هدر للمال العام فهذا توصيف لايمت للعلمية الاقتصادية بصلة وان هناك الكثير من الدول تمارس هذه العملية وهي من الوظائف الرئيسية للبنوك المركزية في العالم .
ويمارس البنك المركزي العراقي وظائفا متعددة الابعاد فهو معني بالاستقرار المالي وادارة نظام المدفوعات وادارة الاحتياطات الاجنبية وترخيص ومراقبة المصارف والمؤسسات المالية ، ويتولى وضع الضوابط الوقائية ، اضافة الى مهام اخرى تتعلق بالاصدار النقدي ونشر البيانات والمؤشرات والتنبؤات الاقتصادية .
ومن المهام الاساسية التي يقوم بها البنك المركزي ادارة السياسة النقدية التي نهدف للسيطرة على التضخم وتحفيز الاقتصاد والاستخدام الكامل وتوازن ميزان المدفوعات وتحقيق الاستقرار النقدي.
ان تحقيق اهداف السياسة النقدية يتوقف بشكل رئيسي على استقلالية البنك المركزي ، والاستقلالية هنا هي في قدرة البنك المركزي على التحكم والسيطرة على حجم الكتلة النقدية ، ورغم ماتنص عليه قوانين البنوك المركزية في اكثر دول العالم الا ان هذه الاستقلالية من الناحية الواقعية والعملية تخضع لتاثيرات وتحديات اخرى ، بدرجات متفاوتة تؤثر في تلك الاستقلالية .
ان الاستقرار النقدي يمثل نقطة الانطلاق نحو الاستقرار الاقتصادي ويتطلب ذلك استقرارا نقديا يتمثل في قدرة السلطة النقدية على تحقيق استقرار الاسعار عند مستويات مستهدفة .
التحديات والفرص (٢)
تواجه السياسة النقدية (تحديات عديدة اهمها :
اولا- الاقتصاد الريعي
والذي يؤدي الى سلوك ريعي ، تتبدد فيه الموارد بالانفاق الاستهلاكي والتبذير والترهل وضعف الكفاءة وبزيادة الانفاق الريعي مع عدم مرونة الجهاز الانتاجي المحلي وعدم تنوعه ويزداد الاستيراد، ويزداد الاستيراد ويزداد تحويل العملة الاجنبية الى دينار لصالح الحكومة من قبل البنك المركزي ، مما يشكل ضغطا تضخيميا وضغطا على ميزان المدفوعات .
ثانيا – السياسة المالية :
ان طبيعة الايرادات العامة ( دولارية بنسبة 95% ) وهي تشكل الاساس النقدي لدى البنك المركزي ، وانفاق الحكومة هو المحدد للتوسع في العرض النقدي ، وهنا تبرز الظاهره التي تمثل تحديا امام السياسة النقدية ومنها :-
1- ان تغطية النفقات المحلية من الايرادات المحلية لاتتجاوز الـ 5% مما يؤدي الى استبدال العملة الاجنبية ( المتأتية من الايرادات النفطية ) بالعملة المحلية ( الدينار) عن طريق البنك المركزي ، مما يؤثر في عرض النقد بشكل واسع .
2- يضعف مرونة النفقات والايرادات والتي غالبا ماتكون محكومة بارادات وتأثيرات سياسية تتسبب في نفقات يصعب تخفيضها مثل الرواتب والاعانات وغيرها . وبدلا من تكييف النفقات وفقا للايرادات او زيادة الايرادات غير النفطية .
3- لم يستهدف الانفاق الحكومي توسيع القدرات الانتاجية المحلية وتهيئة ظروف ودعم القطاع الخاص ، ولم يتحقق زيادة في انتاجية شركات القطاع العام ، بل استمرت في تلقي دعم الموازنة العامة رغم خسائرها الكبيرة والمتراكمة .
ثالثا : تمويل عجز الموازنات العامة :
يمثل العجز في الموازنة العامة للدولة اكبر التحديات امام السياسة النقدية ، وهو يتناسب عكسيا مع استقلالية البنك المركزي حين يتم تمويل هذا العجز عن طريق شراء البنك لحوالات الخزينة .
لقد خصم البنك المركزي حوالات خزينة خلال الفترة من نهاية سنة 2015 ،ولغاية الوقت الحاضر لغرض تسديد الرواتب ومستحقات المقاولين والفلاحين .
رابعا – ظاهرة التعامل بالنقد :
تمثل الكتلة النقدية التي يتم تداولها خارج القطاع المصرفي وقنواته مبلغا كبيرا يتجاوز 65 تريليون دينار وهذه الظاهرة تمثل تحديا كبيرا امام السياسة النقدية ، حيث تتعطل اداوته للسيطرة على تلك الكتلة فضلا عن تفويت فرص التمويل والتشغيل والائتمان .
خامساً – ضعف العمق المالي .
تتسم الاسواق المالية ( اسواق الاسهم والسندات ، اسواق رأس المال ، اسواق النقد ) بالمحدودية ، مما يفوت فرص توظيف المدخرات المحلية والحد من ظاهرة الاكتناز وسحب السيولة لتوظيفها في القطاعات الحقيقية .
سادساً – ضعف الجهاز المصرفي :
يمثل الجهاز المصرفي ركنا اساسيا من اركان الاقتصاد والحلقة الرئيسية فية وذراعا مهما
للبنك المركزي في تحقيق الاستقرار النقدي وعاملا مهما في المساعدة في ادارة الكتلة النقدية عبر ادوات البنك المركزي التي يقوم بها من خلال الجهاز المصرفي من خلال اسعار الفائدة والاحتياطات الالزامية
وبيع وشراء الاوراق المالية وسوق سعر الصرف .. الا ان هذا القطاع يعاني من ظواهر تحديات عديدة منها :
1- محدودية المنتجات والخدمات المصرفية نوعيا وجغرافيا .
2- هيمنة المصارف الحكومية على القطاع بنسبة نزيد على 80% .
3- الديون المتعثرة وتركز الائتمان .
4- ضعف الحوكمة المؤسساتية .
5- تلقي صدمات مالية بسبب انخفاض نشاط القطاع الحقيقي وتعثر الحكومة في سداد مستحقات المقاولين والمجهزين وغيرهم .
سابعا- انخفاض الاستثمار المحلي وزيادة الادخار الاجنبي :
نظرا لظروف البيئة الامنية والسياسية والتشريعية والتنظيمية فأن نسبة كبيرة من المدخرات تذهب الى الاستثمار خارج العراق ، ومع ضعف واردات العملة الاجنبية من مصادر التصدير فأن كل ذلك يؤدي الى ان يصبح البنك المركزي هو الجهة التي تحتكر عرض العملة الاجنبية في سوق الصرف بالكامل اي انها بحكم الواقع المصدر الوحيد الذي يغطي الطلب على العملة الاجنبية .
ثامنا- ضعف التنسيق بين السياسة المالية والنقدية :
تشكل السياستان المالية والنقدية ركنا السياسة الاقتصادية وحيث ان السياسة المالية تلعب دورا مهما في ادارة النفقات والايرادات العامة واللذان يؤثران تأثيرا مباشرا في الناتج المحلي الاجمالي وعرض النقد والطلب الكلي والتشغيل فأن التنسيق بينها وبين السياسة النقدية امر مهم بدونه تتلقى السياسة النقدية ضغوطا وتحديات كبيرة ، ومع غياب هذا التنسيق كانت السياسة النقدية مصدرا مستمرا لموجات الانفاق المتزايد وضعف الايرادات المحلية وضعف الانفاق الاستثماري .
مستشار مالي ومصرفي