حرية – (26/8/2021)
تختبئ النساء في منازلهن لكن معظمهن يرتدين النقاب لدى خروجهن
غامرت شابة أفغانية بالخروج للمرة الأولى في كابول، الإثنين 23 أغسطس (آب)، لتجد صعوبة في تصديق ما يدور حولها، معتبرة “الأمر أشبه بنهاية العالم”.
يسود الهدوء في الشوارع التي كانت تعج سابقاً بالحياة، في مشهد يتناقض مع الفوضى التي عمت المطار، حيث تتواصل عمليات إجلاء الراغبين في الفرار من نظام “طالبان” الجديد.
“يبدون كالوحوش”
وتختبئ النساء في منازلهن، لكن معظمهن يرتدين النقاب لدى خروجهن. وقالت هذه الشابة التي تبلغ 20 عاماً، “الناس يخرجون ويعودون إلى منازلهم بأسرع ما يمكن”.
لم يعد بإمكانها الذهاب إلى الجامعة، حيث تقول إن النساء أصبحن مبعدات إلى أن يتم فصلهن عن الرجال. واعتبرت هذه الناشطة “أنه قرار غبي لأنه ليس لدينا عدد كاف من المعلمات”.
كما وجدت نفسها عاطلة عن العمل بعد أن منع المصرف الذي يوظفها عودة النساء احترازياً. وبعد أن نفد الطعام، قررت، أخيراً، الخروج مع والدتها، الإثنين، بعد أكثر من أسبوع من استيلاء “طالبان” على السلطة.
تم تمزيق اللافتات التي تبدو عليها النساء والملصقة على جدران العاصمة، أو تم طليها بالفرشاة، باستثناء “تلك التي كانت مرتفعة جداً”، بحسب الشابة. فيما لا تزال بعض مراكز التجميل وتصفيف الشعر مفتوحة.
وأضافت مازحة “أتمنى أن يستخدموها (طالبان)، إنهم يبدون كالوحوش”.
لا قوانين بعد
لم تعد الموسيقى تصدح في كابول. لكن الأطفال نزلوا للعب في الشوارع، وأقرت في نهاية المطاف أن الوضع حتى الآن “ليس بالسوء الذي نتخيله”.
لم تشكل “طالبان” حكومة بعد، كما لم تضع قوانين تنظم بالضبط ما هو مسموح أو محظور.
واعتبر شاب يعمل في أحد مصارف كابول “أنها تجارة الخوف. ليس لديهم جيش يمكنهم من السيطرة على الناس. لكن الخوف يهيمن على الجميع”.
تضم راية “طالبان” أشخاصاً مختلفين للغاية. وأوضح “تتصرف بعض المجموعات بشكل لائق مع السكان” لكن البعض الآخر يفعل ما يحلو له، مثل أولئك الذين يأكلون في المطاعم من دون أن يدفعوا.
عجلة الحياة
في خوست (جنوب شرق)، يبدو الإسلاميون أكثر مرونة ربما لأن هذه المنطقة، الأكثر محافظة من العاصمة، هي معقلهم.
قال أحد العاملين في المجال الإنساني “عادت الحياة إلى مجراها الطبيعي. على الرغم من تباطؤ حركة المرور، لكن العديد من المحلات التجارية فتحت أبوابها من جديد، عاد الصبيان والبنات إلى المدرسة كما قبل”.
وأوضح “لكن الناس قلقون، حيث يجب استئناف الخدمات العامة لتلبية احتياجات السكان، فقد كثير من الناس وظائفهم ويخشون على الاقتصاد”.
ذهب إلى محل لبيع الملابس لنساء عائلته، لكن لم تكن هناك أي امرأة. إلا أنه أكد أن “تعامل طالبان أكثر مرونة بكثير مما توقعه الناس. كانوا يعتقدون أن طالبان ستكون كما كانت من قبل، لكنها ليست كذلك”.
كما ذهب إلى حفل زفاف، أخيراً، وكان هناك مغنون وراقصون. وأضاف مبتسماً “لقد رقصت مع كثير من الأصدقاء”.
الادخار
وفي قندوز (شمال)، يُسمح فقط للنساء بالعزف أو الغناء في الأعراس، بحسب أحد المقاولين المحليين. ويحظر مشاركة الموسيقيين أو المغنين، إذ يتعين تسجيل الصوت مسبقاً.
وفي السوق، تعلن “طالبان” عن قواعد معينة عبر مكبر الصوت. بعضها معروف بالفعل، لأن ولاية قندوز كانت خاضعة لهم قبل وقت طويل من سقوط المدينة ثم السيطرة على البلاد.
تضررت المدينة بسبب أسابيع من القتال. وتدمرت المباني وسُرقت مستودعات باعة الطرق.
وأشار المقاول إلى أن “البعض بدأ في إعادة بناء متاجرهم، لكن ليس المنازل، لأن الناس فروا ولم يعودوا بعد، أو لا يملكون المال اللازم لذلك”.
وأضاف أن المدينة خلت تقريباً من النخب المتعلمة والشباب الذين “يخشون لأنه لم يعد هناك مانحون دوليون لتمويل مشاريع التنمية أو التعليم”.
لقد غادرت العديد من المعلمات، بينما تظهر الحاجة إليهن أكثر من أي وقت مضى في ظل عدم السماح للرجال بتعليم الفتيات العائدات إلى المدرسة.
أما هو فاضطر إلى إغلاق شركته المتخصصة في مستحضرات التجميل، لأن الناس، القلقون على المستقبل، خصوصاً في ظل ارتفاع الأسعار، لا يشترون سوى المواد الغذائية الضرورية كالأرز والبطاطس والخبز.
وقال “لم يعد الناس يأكلون الفاكهة حتى. إنهم يرون أنه من الضروري الادخار لأنه لن يكون ممكناً جني الأموال في المستقبل”، مضيفاً “أنهم لن يستخدموا بعد الآن الصابون أو الشامبو”.