حرية – (8/9/2021)
حمزة مصطفى
لست أعرف دوخة وصداع ووجع رأس وشقيقة وعمة وخالة مثل دوخة وصداع ووجع رأس وشقيقة الإستثمار عندنا. كل الرئاسات في أي بيان من بيانتها حتى لو كان بمناسبة عيد الفطر أو عيد ميلاد الأم تيريزا يدعون كبريات الشركات الى الإستثمار في العراق. كل الزعماء وما أكثرهم يدعون كبريات الشركات في العالم للإستثمار في العراق طبقا لبيانات تصدرها مكاتبهم. لايفرق الأمر في حال كان من يستقبلونه أصحاب السعادة السفراء الأربعة الكبار الذين يفترون على الجميع وفق جداول محسوبة بالتمام والكمال, أو الحاجة بلاسخارت أو أمين عام منظمة “لغافون بلاحدود”. وكل رؤساء الكتل البرلمانية الذين في العادة يأخذهم واهس الإستقبال حتى لو إستقبلوا منتخبنا الأولمبي للمحيبس يطالبون عبر البيانات الشركات للإستثمار في العراق.
ولكي تكون بياناتهم مختلفة عن بيانات الرؤساء والزعماء فإنهم يضيفون جملة إعتراضية وهي أن العراق بيئة آمنة للإستثمار. آمين رب العالمين. الأمر نفسه ينطبق على الوزراء. فهم في العادة كثيرو الحركة في الداخل والخارج. فحين يسافرون يدعون الشركات الى الإستثمار, وحين يقومون بجولات في المحافظات يطالبون الشركات بالإستثمار, وحين يستقبلون السفراء والمدراء وشيوخ العشائر ووجوها ومنظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان والشفافية والنزاهة والعدالة ومنظمة بادر ماينهوف يدعون الى الإستثمارأيضا. المحافظون ومن هم بدرجتهم يدعون كبريات الشركات الى الإستثمار في وقت لايوجد دوام في محافظاتهم بناء على أوامر صادرة من “حسوني الوسخ”. لكن لماذا لم تستجب هذه الشركات لكل دعواتنا وصلواتنا وصيامنا وقيامنا وتنفذ المشاريع المطروحة للإستثمار وما أكثرها طبقا للطموح والتخطيط؟ اليس المفروض نطرح على أنفسنا مثل هذا السؤال قبل أن نستمر بل “ونلح بالزلاطة” داعين متوسلين تلك الشركات للإستثمار؟
لا أريد في سياق الإجابة عن هذه الأسئلة أن أذهب الى ماهو معروف وهو الروتين والفساد الذي يعيق عملية الإستثمار ذلك أن مثل هذه الأمور صارت معروفة لقاصي الشركات ودانيها وبالتالي لم تعد عائقا بحد ذاتها. العائق أكبر وهو عدم إقتناعنا بأننا يمكن أن ننجح في مجال الإستثمار بسبب كمية الإحباط التي نعيشها والتي تضخها فينا يوميا السوشيال ميديا التي لا هم لها سوى بث السيمفونية التاسعة للإحباط مثل “يمعود. معقولة يصير عدنا إستثمار, وين أكو هيج ركة تلعب شناو, تهي بهي يريدونا نصير مثل دبي, وين أكو هيج لغاوي, ألعبوا غيرها عيني, توتال .. سلم لي على توتال”. هذا مايجري منذ أن وقع العراق عقدا ضخما مع شركة توتال الفرنسية التي “شقت جفن” الإستثمار بقيمة تصل الى 27 مليار دولار. وربما الأرباح بعد سنوات ستكون أكثر بكثير. هناك من يربط بين كيفية قيام الحكومة بتوقيع مثل هذا العقد في نهاية مدتها؟ وهناك من يربط بين زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الى العراق وتوقيع هذا العقد؟ كلا الامرين لا مشاحة فيه. فالحكومات سواء طالت مددها أم قصرت لاتشتغل على طريقة تصريف الأعمال بل تشتغل وفقا لخطط مدروسة لعشر سنوات قادمة على الأقل. أما زيارة ماكرون فإننا في الواقع نتمنى أن تكون زيارات الآخرين مثمرة مثل زيارة ماكرون.