حرية – (8/9/2021)
خطف سيد رجب الأنظار بموهبته اللافتة (الحساب الرسمي لمهرجان القاهرة السينمائي على إنستغرام)
أن تبدأ من الصفر، ثم تجتهد وتصل إلى ما تطمح، فهذا أمر يستدعي الفخر دوماً، ويشجع عليه كل رواد الأعمال، حيث تكون هذه هي النصيحة الأولى للخريجين الجدد الذين يرغبون في النجاح بمشروعاتهم، أياً كان مجالها.
لكن، أن تنطلق في حقل جديد تماماً، وتعود إلى هوايتك الأولى بعد عشرات السنوات من العمل بعيداً عنها، فهو شيء غير معتاد، خصوصاً في عالمنا العربي، إذ يفضل كثيرون المكوث في المنطقة الآمنة وعدم المغامرة باكتشاف أنفسهم مجدداً، والرجوع إلى شغفهم القديم.
وفي عالم الفن الأمر يستحق التجريب دوماً، خصوصاً بعد النجاحات اللافتة التي حققها ممثلون بدأوا مسيرتهم نحو الشهرة، وهم على مشارف الخمسين، وحققوا النجومية الحقيقية، وهم في الستينيات من عمرهم.
هروب من الوظيفة
قد يكون الفنان المصري بيومي فؤاد (مواليد 1965) من أشهر تلك النماذج، فإلى جانب عمله موظفاً في وزارة الثقافة المصرية، حاول تجريب حظه في التمثيل، وبدأ الظهور بأدوار صغيرة منذ أن كان في الأربعينيات من عمره، حيث انتظم في الظهور بالأفلام والمسلسلات منذ عام 2005.
وبعد خمس سنوات جاءت فؤاد فرصته الأكبر بدور “الدكتور ربيع” في مسلسل “الكبير قوي” مع أحمد مكي، فقدم الشخصية بأجزاء العمل المختلفة، وخطف الأنظار بتلقائيته بوصفه كوميدياناً مختلفاً، ومن وقتها أصبح الورقة الرابحة في الأعمال الفنية، ليكون رصيده في العام الواحد نحو عشرة أعمال بين مسلسلات وأفلام ومسرحيات، ومنذ ظهوره بهذه الشخصية عام 2010 قدم خلال تلك الفترة فقط نحو 220 عملاً فنياً، وتميز في الأدوار التراجيدية إلى جانب الكوميدية كذلك، وقد حقق بيومي شهرته ونجوميته الحقيقية وهو في العقد السادس من عمره.
أما الفنانة المصرية ليلى عز العرب، التي أمضت وقتاً طويلاً من حياتها في العمل بمجال البنوك، وحققت نجاحاً كبيراً في مناصب إدارية عليا تقلدتها، فقررت وهي في الثانية والخمسين من عمرها الالتحاق بدورات تمثيلية لترضي هواية قديمة بداخلها.
وحصلت عز العرب على أدوار متفرقة منذ ذلك الوقت، لكن شهرتها الملموسة
أما الفنانة المصرية ليلى عز العرب، التي أمضت وقتاً طويلاً من حياتها في العمل بمجال البنوك، وحققت نجاحاً كبيراً في مناصب إدارية عليا تقلدتها، فقررت وهي في الثانية والخمسين من عمرها الالتحاق بدورات تمثيلية لترضي هواية قديمة بداخلها.
وحصلت عز العرب على أدوار متفرقة منذ ذلك الوقت، لكن شهرتها الملموسة
جاءتها مع فيلم “ألف مبروك”، بطولة أحمد حلمي عام 2009، حيث كانت في الـ61 من عمرها، حينما قدمت دور الأم وكأنها ممثلة مخضرمة، وبعدها توالت مشاركاتها بأدوار متنوعة، حيث باتت ليلى عز العرب وجهاً مطلوباً جداً، وتجاوز عدد ما قدمته حتى الآن الـ100 عمل فني.
وعلقت ليلى في لقاء تلفزيوني سابق على بدايتها المتأخرة بأنها كانت مستقرة وناجحة في عملها بمجال البنوك، لكنها قررت تغيير خطها، لافتة إلى أنها اختبرت قدراتها في البداية بأدوار صغيرة، ثم تأكدت من موهبتها، ومن هنا قررت التفرغ بشكل تام للعمل الفني.
وشهد فيلم “ألف مبروك” أيضاً ظهور موهبة تمثيلية لافتة للغاية، تمثلت في الفنان محمود الفيشاوي، الذي قدم دور الأب، وهو في الـ59 من عمره، وعلى الرغم من أنها كانت المرة الأولى له في مجال الفن بعد سنوات طويلة من العمل في المؤسسات الحكومية، فإنه أبدع في الشخصية، وحقق شهرة كبيرة، وأصبح اسمه معروفاً، وكثير من النقاد أشادوا بموهبته وتلقائيته.
واشترك الفيشاوي بعد الفيلم الناجح في حملة إعلانية، وتعاقد على فيلم جديد، لكن وافته المنية قبيل انطلاق التصوير، حيث توفي في مطلع 2010.
ظهور متأخر
على الرغم من أن الفنان المصري سيد رجب (مواليد 1950) عمل سنوات طويلة في مجال المسرح التجريبي، وكان قريباً دوماً من دائرة النجوم وعالم الفن بشكل عام، إذ إنه مؤلف أيضاً، فإن الانتظام في الظهور على الشاشة ممثلاً كان في العقد الأول من الألفية الثالثة، وهو في الخمسينيات من عمره.
وخطف رجب الأنظار بموهبته اللافتة، وأطلق عليه لقب “مورغان فريمان العرب”، وحقق في رمضان الماضي تميزاً كبيراً بدوره في مسلسل “لعبة نيوتن”، فيما كانت انطلاقته نحو الشهرة عام 2009 من خلال فيلم “إبراهيم الأبيض” مع محمود عبدالعزيز وأحمد السقا، حيث كان حينها في الـ59 من عمره.
أكثر من بداية
الفنان التونسي تميم عبده على الرغم من تجاربه في المسرح حينما كان في مقتبل حياته المهنية بتونس، فإنه لم يكمل مشواره الفني حينها، وعمل مترجماً في عدة دول، وبعد سنوات طويلة عاد إلى القاهرة، وقام بدراسات حرة في المعهد العالي للفنون المسرحية، لكنه أيضاً حينها لم يحترف التمثيل، حيث شغل عدة مناصب بشركات إنتاج، وأدار عدة استوديوهات بمصر.
كما عمل عبده في مجال الدعاية والإعلان، وكان قريباً من كبار المخرجين، مثل يوسف شاهين ويسري نصر الله، ومنذ منتصف الثمانينيات، وعلى فترات متباعدة كان يشارك بأدوار صغيرة في بعض الأفلام، فخلال عشر سنوات شارك فقط في ستة أفلام.
ومنذ عام 2008 حينما كان في الخمسين من عمره فرض تميم موهبته بصورة أكبر، واستأنف عمله بالتمثيل بصورة أكثر جدية، وتنوعت وتعددت أدواره وحظيت موهبته بحفاوة بعد مشاركته في فيلم “احكي يا شهرزاد” 2009 مع منى زكي، ومسلسل “أهل كايرو” مع رانيا يوسف“، و”الجماعة 1” 2010، وتوالت أعماله المميزة، وكان من أبرزها مسلسل “نجيب زاهي زركش” مع يحيى الفخراني في رمضان 2021.
الفنان بالطبع ليس له عمر افتراضي، بالتالي البدايات المتأخرة تساوي البدايات المبكرة تماماً إذا ما أحسن صاحبها إدارة موهبته، حيث تمتلئ الساحة العربية بنجوم لا يتذكر الجمهور أدوارهم وهم شباب أبداً، وعلاقته بهم بدأت بأدوارهم التي قدموها في سن متقدمة، بينهم أحمد خليل ولطفي لبيب وإنعام سالوسة ويوسف داوود وحسن كامي، وغيرهم.