حرية – (25/9/2021)
قبلَ البدءِ في مقاليِ أودُّ أن أنوهَ الى القارئ الكريم أن هذا المقالَ لا يحمل أيَّ هدفٍ أو قصدٍ طائفي، بل هو وصفٌ لمعاناةِ الشيعةِ ، كما سنصفُ معاناةِ السنةِ والكورد والأقلياتِ في أوقاتِ الحاجةِ لنصرتِهم.
الكل سمعَ بالمثلِ الشعبي القائلِ( اسمك بالحصاد ومنجلك مكسور) طبعا هذا المثل ينطبقُ على الشيعةِ كونَهم ماسكين بأغلبِ مراكزِ السلطةِ، لكنهم جياعٌ وثكالى ومناطقُهم يرسمُ فيها التخلفُ أروعَ صورهِ
ما دفعني لكتابةِ هذا المقالِ هو تغريدةٌ على منصةِ تويترَ للسياسيِّ المستقلِ عزت الشابندر، قال فيها ( الشيعةُ فقدوا مظلوميتَهم ولكن لم يفقدوا محروميتَهم) حقاَ هذا القولُ بليغٌ وفيهِ عمقٌ توصيفيٌّ لحال الشيعة.
على مدى عصورِ التاريخِ كان الشيعةُ مظلومينَ ومحرومينَ، والحديثُ هنا من معاويةَ الى صدام حسين الكلُّ كان يجعلُنا بساطاً لبلاطِه يسيرُ عليهِ للوصولِ الى كرسيهِ، لكنَّ عند حكمِ العراقَ بعد عام 2003، استبشرنا خيراً وتسارعنا للركوبِ في قاربِ النجاة، بعد أن ابتلعَنَا الحوتُ الف مرةٍ، غير أنَّ هذا القاربَ تبينَ لنا في ما بعد أنهُ مليءٌ بالثقوبِ، ولا نجاة به من الموتِ
تخيل معي هذه المعادلةَ غيرَ المنطقيةِ لكنها واقعيةٌ ، الحكمُ والجوعُ والتخلفُ والموتُ لنا: ذي قارُ وميسانُ والبصرةُ والسماوةُ والديوانيةُ ومدينةُ الصدرِ والشعلةُ وغيرُها من المناطقِ الشيعيةِ، حالُها يُدمي القلبَ، كلُّ أوجهِ التخلفِ والفقرِ موجودةٌ فيها، الشيخوخةُ تطغى على منازلِنا وشبابُنا عزابٌ ونساؤنا إما أراملٌ وإما ثكالى وأطفالُنا بلا تعليمٍ والمرضى يموتونَ من قلةِ الدواءِ ومثقفونا أجسامُهم نحيلةٌ من الجوعِ
إذاً ما فائدةُ حكمِ الشيعيةِ للشيعة انفسهم وهذا حالنا؟ وحتى لا أنسى وأكون منصفاً مع من يحكمونَ، حقاً هم وفروا لنا فرصَ عملٍ لكنَّ أيَّ فرصٍ، إنها فرصٌ لا تتطلبُ جهداً ولا علماً ولا وقتاً بل تطلبً أرواحَنا: وظائفُ عسكريةٌ في مناطقَ ساخنةٍ وصرنا خزانَ دمٍ، يسقي جذورَ قصورِهم، كلما جفت، رائحةُ الموت تفوحُ في أزقتِنا، وجدرانُنا المبنّيةُ بطريقةٍ بدائيةٍ لم يبقَ فيها مجالٌ لصورةِ شهيدٍ آخرَ، وأمهاتُنا جفت دموعَهُن، فهذا فضلُ حكامِ الشيعةِ علينا
ومن أكثرِ الأمورِ استفزازاً واستهتاراً بنا قولَهم بأن دماءَنا هي ضريبةُ التشيعِ، وهنا تكمن السخريةُ بحدِّ ذاتِها، واذا كانت نواياهم حقيقةً ونحن مؤمنونَ بها، فيجبُ أن نطبقَ قولَ الإمامِ عليٍّ (عليه السلام) أيضا حين قالَ” إني واللهِ ما أحثكم على طاعةٍ إلا وأسبقكُم إليها” لنضعَ هذه المعادلةَ ميزاناً لجراحِنا وحكمِ ساسةِ الشيعةِ، ستجدُهم بعيدينَ عن علي-عليه السلام – بكلِّ التفاصيلِ، فنحنُ أولادُنا يموتونَ بأبشعِ الطرقِ، وأولادُهم يعيشونَ في أفضلِ مُدّنِ أوروبا، ومدارسُنا كرفانيةٌ، وأولادُهم يدرسون في مدارسَ ذاتِ أساليبٍ الكترونيةٍ متطورة ، ومرضانا يرقدون في مستشفياتٍ نتنةٍ لا تصلحُ مكباً للنفاياتِ، وانتم تتعالجون في لندنَ، فعن أيِّ عدالةٍ تحكمون، وخصيمُكم عليٌّ يومَ المحشرِ
وأخر ما اقولُه وتبين ليّ: إن الشيعةَ يظلِمُهم المناوئون ويحرمُهم أبناءُ جلدتِهم