حرية – (25/9/2021)
بينما تنتشر اللوحات الانتخابية لـ951 مُرشحة برلمانية عراقية في مُختلف مُدن وبلدات العراق، مما يعني حصولهن على 82 مقعدا برلمانيا على الأقل من أصل 325، فإن النساء العراقيات لا يتوقعن الحصول على مراكز حكومية وتنفيذية بنفس النسبة، حيث لم تتجاوز حصتهن في مجمل الحكومات السابقة نسبة 5 بالمئة، وذلك لأسباب سياسية وعوائق مجتمعية تحول دون ذلك.
آخر تقرير أصدرته بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي)، بالتعاون مع لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا)، منح العراق تصنيفاً معقولاً من حيث تمثيل النساء في البرلمان، حيث احتل المرتبة 70 من بين أكثر من بين 192 دولة في على مستوى العالم.
لكن التقرير عبر أيضاً عن توقعات متشائمة بشأن انعكاس ذلك المستوى على تمثيل النساء في الإدارات الحكومية والتنفيذية على مستوى العراق.
الباحثة والناشطة النسوية العراقية رولا الصالح، شرحت ، آليات تراجع حضور النساء العراقية في التشكيلات الحكومية منذ العام 2003، والأسباب الكامنة وراء ذلك، قائلة “ليست لدينا أدنى مخاوف من القول إن تراجع النفوذ الدولي وتأثيرات المؤسسات العالمية على القوى السياسية العراقية، مما أدى لتدهور حضور النساء في الوزارات العراقية”.
وأضافت “ففي وقت كانت الحكومة العراقية الأولى التي شكلها إياد علاوي (2004-2005) قد ضمت 6 وزيرات، فإنها تراجعت إلى 5 في الحكومة التي شكلها إبراهيم الجعفري بعد سنة حسب. إلا أنها تراجعت إلى ثلاث وزيرات ومن ثم وزيرتين فحسب، في الحكومتين اللتين شكلهما رئيس الوزراء نوري المالكي (2006-2014)”.
وتابعت: “هذا التدهور استمر دوماً، ففي حكومة الرؤساء حيدر العبادي وعادل عبد المهدي ومصطفى الكاظمي، كان ثمة دوماً وزيرتان أو وزيرة واحدة، وكانت غالباً وزارات دولة دون أية فاعلية. فالحكومات الثلاث الأخيرة اعتبرت نفسها وزارات حرب، لا تبالي بالمساواة الجندرية أو دور النساء في الحياة العامة”.
تراجع دور النساء في الحكومات العراقية، ترافق مع خروجهن من سوق العمل والحياة العامة في البلاد، إذ تقول أرقام البنك الدولي عن المفارقة بين النساء العراقيات وبقية النساء في المنطقة: “خلال الأعوام 2014-2020 حققت النساء مزيداً من الحضور في سوق العمل في مختلف دول المنطقة، إذ قفزت نسبتها من 14.7 بالمئة إلى 16.5 بالمئة وعلى النقيض من ذلك، انخفضت نسبة النساء في سوق العمل العراقي، وخلال الفترة نفسها، من 12 بالمئة إلى 8 بالمئة، ثم عادت للارتفاع بشكل نسبي لاحقا”.
وحول الأسباب والعوائق الكامنة وراء الفوارق بين الحضور النسوي في كُل من البرلمان والحكومة والأجهزة التنفيذية العراقية، يشرح الباحث في علم الاجتماع السياسي العراقي سِوار اليوسفي: “ثمة طيف كامل من الموانع التي تحول دون ذلك. فالأغلبية المُطلقة من الأحزاب العراقية محافظة، ولا تحبذ أن تمثلها أو تقودها النساء في الإدارات الحكومية. كذلك فإن التشكيلة الأوسع من شبكات الفساد تحس بهاجس من حضور النساء في وزارات وإدارات الدولة، لأنهن أقل عُرضة لمغريات الفساد الحكومي. فوق ذلك، فإن القوى السياسية تحس أن النساء في البرلمان لا تدافعن حقيقة وبجرأة عن حقوقهن ومواقعهن التنفيذية”.
وعن الحلول المتوقعة والممكنة، يضيف اليوسفي: “ربما يكون فرض الكوتا النسائية في التشكيلات الوزارية والقيادات الإدارية العُليا حلاً معقولاً، لكنه غير كاف، فالأساس هو التغير الشامل في المؤسسات التربوية والقانون العام وحتى في القطاعات الإعلامية والثقافية، لتغيير رؤية المجتمع لقدرات المرأة وطاقتها في الإدارة العامة. بما في ذلك رؤية المرأة لنفسها في ذلك الإطار”.
من الجدير بالملاحظة أن القليل من النساء فقط تمكن من الحصول على مقاعد البرلمان العراقية من خارج حصة الكوتا، كُن فقط ثلاث نساء في التشكيلة البرلمانية الحالية، اثنتان منهن من إقليم كُردستان العراق، وهو ما يثبت الدور الرئيسي الذي يلعبه نظام الكوتا في تعزيز دورهن.