حرية – (18/10/2021)
بعد قرار وزارة المالية باتخاذ حزمة من الإجراءات الاصلاحية المتعلقة بإعادة هيكلة مصرف الرافدين الذي يعد من ارقى واقدم مؤسسات الدولة العراقية، وبعد سنوات من الضغوط ومطالبات صندوق النقد الدولي بإعادة هيكلة المصارف الحكومية العراقية وجعلها أكثر انسجاماً مع الاقتصاد، اعتبر بعض المختصين بالسياسة المالية والاقتصادية أن هذه الخطوة ضرورية لتطوير عمل المصارف بالعراق الا انه بنفس ابدوا البعض تحفظهم من هذه الإجراءات التي قد تكون غير مدروسة.
هيكلة هيبة الدولة
ويقول استاذ علم الاقتصاد في الجامعة العراقية عبد الرحمن المشهداني في حديث له ان “هيكلة المصارف يجب ان تكون وفق الية اقتصاد السوق مثل المصارف الاخرى وان كان مصرف الرافدين يعمل وفق هذه الالية وان العوائد التي يضعها اعلى حتى من المصارف التجارية الا اننا نريد ان نفصل مجلس الادارة عن وزارة المالية وان تكون لها سلطة مستقلة بالقرار المالي”، مبينا ان “قرارات المصارف الحكومية حاليا تخضع لسلطة الوزير وبالتالي فان في كل موازنة عندما يضعون تمويلا بعجز فإن السندات تباع بشكل إجباري للرافدين والرشيد والعراقي للتجارة لأن هذه المصارف تابعة لهم” .
وأشار المشهداني؛ إلى ان “الهيكلة لا يجب ان نذهب بها الى ان نحول المصرف الى القطاع الخاص او تحويله لجزء للقطاع الخاص”، لافتا الى ان “العراق لديه من المصارف التجارية لم تكن فاعلة طيلة الفترة الماضية علما انها بنت رأسمالها من الحكومة لأنها اعتاشت على مزاد العملة الاجنبية ولم تدخل بالتنمية طيلة الفترة الماضية ولم تعمل على جمع الأموال من الجمهور لاستخدامها في مشاريع استثمارية تنموية وحتى انهم لم يرغبوا في الدخول به لانه به عنصر مخاطرة وقد يكون به أرباح قليلة ولذلك استسهلوا موضوع مزاد البنك”.
وأكد المشهداني ان “مصرفي الرافدين والرشيد جزء من هيبة الدولة وتأسسا منذ بداية تأسيس الدولة العراقية، وبالتالي يجب إعادته بشكل أن لا تتحول للقطاع الخاص”، مستدركا ان “المصرف العراقي للتجارة اكثر حداثة ويعمل وفق تقنيات وتكنولوجيا وبالتالي بإمكان مصرف الرافدين ان ينتهج نفس التقنيات والتكنولوجيا لدى هذا المصرف وان تكون مصدر لاستقطاب أموال الجمهور وان تعمل على أساس المنافسة الحقيقية والفعلية ليس الا”.
تشريد آلاف الموظفين
ويقول الخبير الاقتصادي جليل اللامي في حديث له ان “الاجراء الذي اتخذته الحكومة هو إجراء غير صحيح لأنه سيؤدي الى تشريد آلاف الموظفين وآلاف العوائل ستتضرر”، مبينا ان “هذا الامر الذي سيشمل ايضا مصرف الرشيد انه كان الاجدر بالوزارة تهيئة اقتراض داخلي جديد للمصرف يمتثل الى دليل الحوكمة الصادرة من البنك وإصدار تعليمات مناسبة مع الواقع الحالي مع البلد خصوصا بما يتعلق الائتمان” .
ويضيف أن “فصل مجلس الإدارة الجديد المزمع تشكيله من خارج المصرف عن ادارة المصرف الرئيسي هو إجراء خطير لأن الأسرار المصرفية ستتعرض للخطر”، مشيرا الى انه “كان الافضل بالوزارة تفعيل النظام الشامل واعتماد الشركة الرصينة بدلا من الاعتماد على الشركة الاردنية التي أثبتت فشلها في العراق وتقليل الفروع داخل العراق وخاصة القريبة من بعضها وتطويرها وخاصة المستأجرة وإبقاء على الفروع المستأجرة وافتتاح فروع في دول مهمة يكون معها تعامل تجاري كما هو الحال مع تركيا والصين”.
الخروج من القالب الكلاسيكي
ويقول الخبير الاقتصادي ضرغام محمد علي في حديث له ان “ما جاءت به وزارة المالية من إجراءات لهيكلة مصرف الرافدين قد يبدو ايجابي ويعزز إدراج منظومة العراق المصرفية ضمن المنظومات المصرفية المتطورة عربيا وخروج مصرف الرافدين من قالبه الكلاسيكي وتنشيط دوره الائتماني وخدماته المصرفي اذا ما كانت مفردات الاصلاح صحيحة”.
ويشير الى أن “فصل مجلس الإدارة عن إدارة المصرف سيعزز الدور الرقابي على أداء الادارة العامة والفروع بشرط اتباع اليات شفافة وحوكمة لاختيار مجلس الادارة ويتمتع باستقلالية حقيقية وليس تبعية حزبية”.
ويشكك محمد علي في “قدرة المالية على هيكلة المصرف وفق المطلوب حيث ان مفردات الورقة البيضاء ظاهرها اصلاح وحقيقتها اضرار وتعقيد للمشهد الاقتصادي العراقي”.
الى العالمية
من جهته اعتبر الخبير المالي محمد الطحان في حديث له ان “مصرف الرافدين مؤسسة عريقة، ويستحوذ على معظم الودائع، التي معظمها هي حكومية إلا أنها ما زالت متخلفة تكنولوجيا مقارنة بالمصارف العالمية”، مشيرا الى أنه “آن الأوان لتطوير نظامها المصرفي ولتكون قادرة على دخول سوق المصارف العالمية”.
ويضيف أن “وضع المصرف تحت إشراف البنك المركزي سيمنح المصرف دفعة قوية للبدء في عرض ائتمان مصرفي متنوع لما يمتلكه البنك المركزي من خبرة كبيرة في هذا المجال”، موضحا أن “اهمية اعادة هيكلة هذه المصارف ووضع انظمة متطورة تتلائم مع حجم التطور الذي وصلت اليه دول العالم المتقدمة في هذا المجال”.
وتأسس مصرف الرافدين بموجب القانون رقم (33) لسنة 1941 وباشر أعماله في 19/ 5/ 1941 برأس مال مدفوع قدره (50) خمسون الف دينار ويمتلك عدد فروع المصرف حالياً (164) فرعاً داخل العراق إضافة الى (7) فروع في الخارج وهي: القاهرة، بيروت، أبو ظبي، البحرين، صنعاء، عمان، جبل عمان.