حرية – (19/10/2021)
لم يستبعد موقع “وورلد بوليتكس ريفيو” الأمريكي أن يستمر طريق العراق “الطويل والمتعرج” لمفاوضات ما بعد انتخابات 10 تشرين الأول الجاري بين الكتل القوية والمسلحة، وصولا الى أداء الحكومة الجديدة اليمين، الى الصيف المقبل.
واعتبر التقرير المترجم أن “نتائج الانتخابات “سمحت بظهور العديد من التحولات المهمة في ميزان القوى الداخلي”، مضيفا أن “خطر اندلاع اعمال عنف خلال المرحلة الانتقالية يلوح في الافق بدرجة كبيرة في بلد لجأت فيه الاحزاب والفصائل الخاسرة تاريخيا الى التفاوض من خلال العنف والتهديد بزعزعة استقرار الدولة”.
ورجح التقرير مرور شهور من المفاوضات وانه بناء على “سياسة حافة الهاوية، ستتشكل حكومة توافق وطني اخرى برئيس وزراء ضعيف، مما سيتيح لجميع الأطراف، الفائزة والخاسرة، المشاركة في غنائم المحسوبية والفساد، والأفلات من المسؤولية عن فشل الحكم في العراق”.
واشار التقرير الى ما اسماها “تفاصيل مهمة، حيث كانت نسبة المشاركة في الاقتراع “منخفضة تاريخيا”، اذ ادلى 43 % من الناخبين المسجلين بأصواتهم، وكان هناك انخفاض كبير من حيث الارقام الاولية في عدد الاصوات مقارنة بالانتخابات السابقة، من 10.8 مليون صوت في 2018 الى 9.6 مليون في 10 اكتوبر.
وتابع ان “الرابح الاكبر” هو التيار الصدري الذي برهن على “قدراته السياسية”، برغم حصوله على عدد اقل من الأصوات مقارنة بالعام 2018، مضيفا ان رئيس الوزراء السابق نوري المالكي قدم اداء افضل مما كان متوقعا وظهر باعتباره المنافس الرئيسي للتيار الصدري بين الاحزاب الشيعية التي ستمهد مفاوضاتها الداخلية الطريق امام عملية تشكيل الحكومة.
كما اعتبر التقرير ان اداء المرشحين المنشقين والمستقلين الذين خاضوا الانتخابات برغم التهديدات بالعنف والمقاطعة، كان جيدا بدرجة معقولة. ونقل التقرير عن الباحث في معهد كارنيجي حارث حسن قوله إن “المرشحين المستقلين والمعارضين قد ينتهي بهم الامر بتكتل قرابة 30 الى 40 عضوا في برلمان يضم 329 عضوا”.
وبعدما اشار الى الاداء الضعيف لمرشحي هيئة الحشد الشعبي والذي يعود جزئيا الى انه لم تنسق حملاتها وقوائم مرشحيها بشكل وثيق كما فعلت خلال انتخابات العام 2018، قال التقرير إن هذه الفصائل التي اظهرت استعدادا لنشر العنف ضد الدولة، رفضت نتائج الانتخابات بدعوى التزوير، وهي بامكانها اغلاق بغداد ومناطق اخرى باحتجاجات وعنف ضد خصومها السياسيين، كما فعلت في كثير من الاحيان في الماضي.
ورأى التقرير ان اي تغيير في حظوظ العراق السياسية يكون معنى، يتطلب نتائج غير مرجحة حاليا، مضيفا ان “العنصر الاكثر اهمية لتحسين الحكم هو رئيس وزراء قوي يتمتع بقاعدة سياسية مستقلة ويمكنه التصرف بشكل حاسم”، وهو ما افتقر اليه اخر رئيسين للحكومة في العراق.
واشار التقرير الى ان الصدريين تعهدوا خلال الحملة الانتخابية بانهم اذا انتصروا، فسوف يقومون بترشيح رئيس حكومة قوي من تيارهم، ولكن هناك احتمالا بأن ينتهي بهم الامر الى كسر تعهدهم هذا امام تهديدات الاطراف المهزومة، او حتى لانهم قد يحبذون عدم تحمل المسؤولية الكاملة عن حكم العراق.
ولفت التقرير الى ان إنهاء نظام الغنائم الذي يحصل بين القوى السياسية لتقاسم ثروات الدولة، هو الخطوة الاولى نحو إصلاح جاد ومستدام. لكن التقرير اعتبر انه من اجل تحقيق ذلك، سيتطلب من الفائزين تفكيك نظام ازدهروا في ظلاله، ولهذا فإن من المرجح ان اي مجموعة سيتم طردها من نظام الغنائم هذا، ستقاوم ذلك وسيكون هناك اراقة دماء.
وتابع التقرير ان الصدريين هم “من بين اذكى المتلاعبين بالنظام ، حيث عززوا بشكل متزايد من وصولهم وحصتهم من المحسوبية والموارد مع كل حكومة متعاقبة”، مشيرا الى ان الصدريين، كخصومهم ، يواصلون امتلاك ميليشيا قوية، وانهم برغم دعمهم في البداية لتظاهرات اكتوبر2019، الا انهم انقلبوا عليها فيما بعد، وهم متهمون بشن اعمال عنف واغتيالات ضد قادة التظاهرات.
الى ذلك اعتبر التقرير ان قاعدة القوة الصدرية تعتمد على رعاية الدولة وقوة الميليشيات، مما يعني يرجح انها لن تتخذ مقاربة جذرية لتفكيك الفساد والاستثمار في مؤسسات الدولة.
وفي الختام تساءل التقرير عما اذا كان العراق سيحصل على “معارضة منتخبة”، موضحا ان نظام الغنائم قد يبتلع المجموعات الاساسية من المحتجين والمرشحين المستقلين اذا انضم عدد كبير منهم الى احد التحالفات القائمة.
لكن التقرير لفت الى انه من الممكن ان يحتفظ بعضهم بصدقه ويعملون كمعارضة صغيرة داخل البرلمان، وان افعالهم “يمكن ان تغير محتوى الخطاب السياسي العراقي من خلال خلق ثقافة معارضة مبدئية، وحتى الدفع بتدابير حقيقية للشفافية والمحاسبة”.