حرية – (23/10/2021)
المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل تصل إلى مبنى المجلس الأوروبي في بروكسل في اليوم الثاني من قمة الاتحاد الأوروبي
كرم قادة الاتحاد الأوروبي، الجمعة، أنغيلا ميركل في اليوم الثاني من قمة تعقد في بروكسل هي القمة الـ107 والأخيرة التي تحضرها المستشارة الألمانية قبل انسحابها من الحياة السياسية في ختام عهد استمر 16 عاماً.
وإلى إشادات نظرائها، تلقت ميركل إشادة من الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، الذي شكرها “باسم الشعب الأميركي” على “صداقتها وقيادتها”. وقال أوباما في شريط فيديو “شعبك الألماني العزيز والعالم بأسره مدينان لك بالامتنان لبصيرتك طوال تلك السنوات المديدة”.
في بروكسل، أعلن رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشال، أن قمة للدول الـ27 “من دون أنغيلا أشبه بروما من دون الفاتيكان أو باريس من دون برج إيفل”، مضيفاً “أتمنى ألا تستائين من هذه الاحتفالية بمناسبة قمتك الأخيرة”.
حكمة ميركل
وتابع رئيس الوزراء البلجيكي السابق “وداعك الساحة الأوروبية يمسنا سياسياً ويغمرنا بالتأثر”، مشيداً بـ”حكمة” المستشارة التي سيفتقدها الأوروبيون “وخصوصاً في الفترات الحساسة”. وصفق رؤساء الدول والحكومات وقوفاً لميركل تأييداً لكلمة شارل ميشال.
وأهدى القادة الأوروبيون ميركل عملاً للمصمم الفرنسي الهولندي الشاب ماكسيم دوتير على شكل مبنى المجلس الأوروبي الذي يستضيف اجتماعات القمة. كما قدموا هدية مماثلة لرئيس الوزراء السويدي ستيفان لوفن الذي تنتهي مهامه في نوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أدار البلاد منذ عام 2014.
وبقيت ميركل وفية لخطتها في هذه القمة الأخيرة التي كانت فيها بولندا في قفص الاتهام، بسبب خلاف مع التكتل حول انتهاكات لدولة القانون وسيادة الدستور الأوروبي على الدستور الوطني، إذ جددت دعوتها إلى الحوار مع وارسو.
وصرح المستشار النمساوي الجديد، ألكسندر شالنبرغ، أن رحيل ميركل “سيترك فراغاً كبيراً لأنها شخص يتولى منصبه منذ فترة طويلة وكان لها تأثير كبير في تطور الاتحاد الأوروبي“.
طبعت أوروبا على مدى 16 عاماً
وقال رئيس الوزراء البلجيكي، ألكسندر دي كرو، إن ميركل “طبعت أوروبا حقاً على مدى 16 عاماً، وساعدتنا جميعنا الـ27 على اتخاذ القرارات الصحيحة بكثير من الإنسانية في مراحل كانت صعبة”. وشدد على أنها “كانت صانعة سلام داخل الاتحاد الأوروبي. كانت بلا شك أوروبية كبيرة”.
بدوره أشاد الرئيس الليتواني، غيتاناس ناوسيدا، بـ”سياسية عظيمة كانت عامل استقرار أساسياً في ظروف في غاية التعقيد”، مبدياً “احترامه الهائل” لها.
وقال رئيس وزراء لوكسمبورغ، كزافييه بيتيل، الذي تعامل مع ميركل ثماني سنوات “كانت صانعة تسويات إلى حد أنه عندما لا تحرز الأمور تقدماً، كان لا يزال لدينا رغم كل شيء أنغيلا… كانت تجد على الدوام ما يوحدنا ويسمح لنا بالمضي أبعد”. وختم “سأفتقدها، أوروبا ستفتقدها”.
وكانت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، التي كانت في الماضي وزيرة للدفاع في حكومة ميركل، أكدت أخيراً كم كانت روح التحليل التي تتمتع بها ميركل الحائزة شهادة دكتوراه في الكيمياء أساسية لحلحلة المفاوضات الأوروبية حين تراوح مكانها بلا نهاية أحياناً.
وضاعف القادة الأوروبيون في الأشهر الأخيرة الإشادات والشكر للمستشارة التي حكمت ألمانيا منذ 2005، وكاد حكمها يساوي فترة حكم مستشار إعادة توحيد البلاد هلموت كول (1982-1998).
وواجهت ميركل التي تقود القوة الاقتصادية الأولى في القارة انتقادات شديدة لموقف برلين في أزمة منطقة اليورو بعد الانهيار المالي العالمي في 2008-2009، لكنها لقيت إشادات واسعة لاحقاً لاستجابتها لأزمة المهاجرين عام 2015 ولانضمامها في نهاية المطاف إلى خطة تقضي بتشارك الديون بين الدول الـ27.
وأظهرت المستشارة المحافظة براعة في الإدارة البراغماتية سمحت لها بالتوصل إلى التسويات الضرورية للحفاظ على وحدة الاتحاد.
ومن المتوقع أن يتولى مستشار جديد مهامه في ألمانيا قبل عيد الميلاد. وكشف الاشتراكيون الديمقراطيون ودعاة حماية البيئة والليبراليون، الخميس، الجدول الزمني لمفاوضاتهم الرامية إلى تنصيب أولاف شولتس مستشاراً في مطلع ديسمبر (كانون الأول).
ويثير انسحاب ميركل (67 سنة) من العمل السياسي الخوف من حصول فراغ في الاتحاد الأوروبي في وقت يواجه خططاً حاسمة لاستمراريته، منها إعادة بناء الاقتصاد بعد “كوفيد-19” والتغير المناخي وإثبات دوره الجيوسياسي في مواجهة الولايات المتحدة والصين.