حرية – (31/10/2021)
فيلم “ستة على ستة” من الأفلام الكوميدية العراقية الناجحة، فقد عُرض في المسرح الوطني ببغداد أمام ألف مشاهد في 31 أكتوبر/تشرين الأول عام 1988، كما عرض في 3 دور أخرى.
أخرجته أول مخرجة تلج السينما العراقية، ألا وهي خيرية المنصور التي استفادت كثيرا من تجربتها مع المخرجين العرب لا سيما تجربتها الفريدة مع المخرج المصري العالمي يوسف شاهين.
خيرية ولادة بغداد 1958، وخريجة أكاديمية الفنون الجميلة، وتحمل الماجستير في إخراج الخدع التلفزيونية من المعهد العالي للسينما بالقاهرة عام 1987.
عملت مساعدة مخرج لعدد من المخرجين العرب أبرزهم صلاح أبو سيف في فيلم “القادسية”، ويوسف شاهين في أفلام “حدوته مصرية” و”إسكندرية كمان وكمان” و”المصير”، ومحمد راضي في “حائط البطولات”. وأخرجت فيلمين، هما “ستة على ستة” و”مئة بالمئة”. وحتى العام 2003 كانت الحصيلة إخراجها 40 فيلما تسجيليا وسينمائيا وتلفزيونيا.
“ستة على ستة”
فيلم “ستة على ستة” يحكي قصة شاب يعاني من قصر النظر، لكنه يتحدى هذه المعاناة ولا يستخدم نظارات. فيقع في مطبات كوميدية.
الفيلم من تأليف وإخراج خيرية المنصور، ومونتاج زوجها فؤاد البير، ومدير التصوير فيه شكيب رشيد، وموسيقى عبد الأمير الصراف، وإنتاج دائرة السينما والمسرح العراقية.
وكان الفيلم من بطولة كل من قاسم الملاك، وليلى محمد وعبد الجبار كاظم، وسهام السبتي، وإقبال نعيم أمل سنان.
عراقيل وعقبات
حين أنجزت فيلمها ستة على ستة “قامت الدنيا ولم تقعد” -كما تقول خيرية- في مؤسسة السينما والمسرح، فالجميع وقف ضدها وافتعل العراقيل لا سيما المخرجين الرجال، وعن ذلك قالت خيرية المنصور إن العراقيل بدأت من المدير العام الذي كان يصغي للأقاويل غير الموضوعية.
وتضيف -للجزيرة نت- أنهم أرادوا أن يكون فيلما قصيرا بدلا من أن يكون روائيا، ولم يكن لهم ذلك لأنه كتب بعناية وإحكام بحيث ظل طول ساعة ونصف رغم الاعتراض على بعض المشاهد.
ومن العراقيل التي واجهتها، تقول خيرية “منحوني ميزانية أقل من المقرر ولم أعترض”.
في المقابل، أشادت خيرية بالعاملين في الفيلم، معتبرة أنهم كانوا السند الرئيسي في إنتاجه.
وتضيف بأنها لم تسكت على ما واجهته من عراقيل، فقامت بحملة صحفية بمساعدة “الأقلام الشريفة” على حد وصفها، فأرسل وزير الإعلام حينها بطلبها وشرحت له ما جرى فأنصفها.
وعن أبرز ما تفتخر به في فيلمها “ستة على ستة”، تقول خيرية قد شاهد الفيلم المخرج المصري العالمي يوسف شاهين أثناء المونتاج، بعد أن اطلع عليه قبل التنفيذ، فأشاد به وقال في حقه -كما تذكر خيرية- “لم يذهب تعبي سدى بل كنت أفضل المتعلمين في فريقي”.
وتضيف خيرية أن شاهين قبل وفاته بشهرين نصحها بافتتاح شركة فنية خاصة حتى لا تكون تابعة ولكي تملك أفكارها.
تجدر الإشارة إلى أن الفيلم “ستة على ستة” حصل على جائزة الشباب في مهرجان الإسكندرية. وكتب عنه النقاد سمير فريد وياقوت الديب وصلاح هاشم.
وحقق نجاحا واسعا وإيرادات هي الأولى في العراق.
وأعربت خيرية عن اعتزازها بيوسف شاهين الذي تقول عنه لقد “تعلمتُ منه مالم أتعلمه في الجامعة”، لافتة إلى أنها ترجمت استفادتها منه في كتاب بعنوان “شرنقة شاهين الحريرية المعرفية”.
وختمت خيرية حديثها بالقول إن الإبداع ليس حكرا على الرجال، وقد تكون المرأة أكثر إبداعا.
وقالت بطلة الفيلم الدكتورة ليلى محمد “جرت عدة لقاءات ومناقشات بين المخرجة والشخصيات الرئيسة في الفيلم، حيث تحولت إلى اقتراحات لمشاهد وأفكار أخرى وهو ما عزز روح الفريق والاقتراب من أسلوب الورشة.
وعلى الرغم من أنه كان فيلمها الأول إلا أنه حقق نجاحا جماهيريا وفنيا. وأشاد النقاد بالفكرة الفلسفية للفيلم في وقت عرضه.
فارسة سينمائية
من جهتها، قالت الدكتورة إقبال نعيم -وهي إحدى بطلات الفيلم- “أنْ تتعامل مع مخرجة سينمائية تمتلك أدواتها الاحترافية، إضافة إلى الجانب الإنساني والأخلاقي الجميل في شخصيتها، وتتعامل مع زملائها كأصدقاء وشركاء في الإنجاز الإبداعي، فهي عملية مركبة تحتاج إلى جهد كبير وفرته المخرجة المنصور”.
واسترسلت بالقول “إنها (تقصد خيرية) لا تتوانى في مشاورتنا والاستماع لاقتراحاتنا للوصول إلى الأداء الأفضل، ذلك لأن السينما فن الإدهاش والمخيلة اللامتناهية والصناعة الأكثر إبداعا”.
وفي حديث للجزيرة نت اعتبرت إقبال أن خيرية فارسة سينمائية محترفة ذات دراية ودربة في عالم الصناعة السينمائية، عملت بجهود استثنائية لنحت اسمها كمخرجة متميزة ومبدعة.
أما الناقد ومؤرخ السينما العراقية مهدي عباس فقال -للجزيرة نت- إن فيلم “ستة على ستة” يعد من أنجح الأفلام العراقية، حيث حقق جماهيرية واسعة لم يحصدها فيلم آخر من قبل.
وأضاف أنه كان أول فيلم كوميدي عراقي ناجح من عمل أول مخرجة عراقية استطاعت أن تكون متميزة في خطواتها اللاحقة، لا سيما في تجربتها مع المخرج الكبير يوسف شاهين.