حرية – (2/11/2021)
أدخلت قيادة الجيش الإسرائيلي السكان في حالة ذعر وترقب مع نشرها قوات عسكرية ومعدات وآليات قتالية من أقصى الشمال، حيث البلدات المحاذية للبنان وحتى أقصى الجنوب، حيث البلدات المحاذية لغزة، لتعلن عن تدريبات نوعية وشاملة تحاكي مختلف السيناريوهات وفي مركزها حرب شاملة مع مختلف الجبهات في ظل الأوضاع المتغيرة والمتوترة في المنطقة. وتشمل هذه المناورات سيناريو توغل عناصر “حزب الله” وأخرى مقاتلة من لبنان إلى بلدات الشمال ونجاحها في تسميم جنود إسرائيليين.
وما بين هذا السيناريو وذاك أقحمت المؤسسة العسكرية من جديد “خليج حيفا”، الذي يعتبر أكثر المناطق استراتيجية وحساسية لما يحتويه من مادة الأمونيا ويضعه “حزب الله” في مركز أهدافه في أي حرب مع إسرائيل.
وفيما يرفض الإسرائيليون الكشف عن تفاصيل عملياتهم الميدانية وخططهم الدفاعية أشاروا عبر ضابط كبير في قيادة الشمال إلى أنهم يعملون على إقامة عائق من نوع جديد يحبط المخططات التي يتوقع الإسرائيليون أن ينفذها “حزب الله” وبشكل خاص التسلل نحو بلدات الشمال.
في هذه الأثناء تعمل قيادة المنطقة الشمالية في الجيش على تنفيذ سلسلة أعمال هندسية ضمن إعداد البنى التحتية على طول الحدود مع لبنان “بشكل يجعل من الصعب على عناصر حزب الله التسلل إلى إسرائيل”، وفق مسؤول إسرائيلي.
حرب مختلفة
وتحدث الإسرائيليون عن حرب، إذا ما وقعت ستكون مختلفة تماماً عن حرب يوليو (تموز) 2016، علماً أن آخر تقرير إسرائيلي حذر من أي خطوة إسرائيلية متهورة نحو لبنان أو سوريا لما تشمله مخازن الأسلحة لدى “حزب الله” من صواريخ دقيقة ونوعية قد تصل إلى كل منطقة في إسرائيل وسيتم إطلاقها بشكل مكثف.
هذا الجانب استدعى المؤسسة العسكرية والمؤسسة الأمنية إلى شمل جوانب متعددة في المناورات، العسكرية وتشرف عليها قيادة الجيش والتي انطلقت، الأحد، ومستمرة حتى الخميس ويشارك فيها الجنود ومعدات آلية حربية، ومناورة لحماية السكان وتشرف عليها الجبهة الداخلية وتنطلق الأربعاء من هذا الأسبوع، وفي مركز التدريبات إخلاء بلدات محاذية للحدود الشمالية ومواجهة اندلاع اضطرابات داخل مدن عربية.
هذه التدريبات، وفق مسؤولين عسكريين، اتخذت من قبل المؤسسة السياسية وتشكل قراراً قومياً لحماية وضمان أمن سكان بلدات الشمال المحاذية للحدود اللبنانية.
في مقابل هذه التدريبات عند الحدود الشمالية يجري الجيش تدريبات شاملة عند الحدود الجنوبية وتحاكي السيناريوهات المحتملة لتصعيد تجاه غزة، شارك فيها إلى جانب فرقة غزة، قوات إضافية من سلاح البحرية والجو وقوات برية خاصة وهيئة الاستخبارات وقوات الأمن في البلدات المحاذية وشرطة إسرائيل.
وكجزء من المناورة، تم تحديد المعايير والإجراءات القتالية والخطط العسكرية في مواجهة احتمال تنفيذ حملة عسكرية في قطاع غزة، وتم التدرب على آلية التعاون بين أنظمة الاستطلاع والجو والاستخبارات وتفعيل النيران.
تسميم الجنود
كشف ضابط كبير في قيادة الشمال، جانباً لم يسبق وأن شملته المناورات العسكرية في تدريبات الجيش وهو تعرض جنود إسرائيليين لعمليات تسميم من قبل عناصر “حزب الله” لدى استخدام مواد سامة أثناء توغلهم في الجليل.
ولم تنحصر أبحاث الأجهزة الأمنية على الجوانب المتعلقة بالوضع الأمني عند حدودها أو تجاه الدول المحاذية لها، فمع إطلاق هذه المناورات بحثت الأجهزة الأمنية تداعيات الأزمة السياسية والاقتصادية التي يعيشها لبنان وانعكاس ذلك على المنطقة الحدودية.
وفي تقديراتهم أشاروا إلى احتمال قيام لبنانيين بالهرب نحو إسرائيل وطلب اللجوء، وهو سيناريو دخل إلى برنامج التدريبات التي يجريها الجيش والجبهة الداخلية هذه الأيام وسط نقاش يدور حول هل يقبل الإسرائيليون السماح لهم بالدخول أم لا؟ وهناك مخاوف من استغلال دخول العشرات من قبل مقاتلين لتنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية، وهو أمر جعل من هذا الجانب معضلة لم يحسم الإسرائيليون أمرهم في شأنها، ويكتفون بالتدريب على مختلف الاحتمالات.
البلدات العربية تدخل إلى مرمى المواجهات
خلافاً لأي مناورات سابقة يجريها الجيش الإسرائيلي أو الجبهة الداخلية على حرب سواء تجاه لبنان وسوريا أو غزة، وجد الإسرائيليون هذه المرة فلسطينيي 48 كجانب من الحرب. وجاء هذا في أعقاب أحد استخلاصات عبر العملية العسكرية على غزة “حامي الأسوار”، والتي اشتعلت خلالها المواجهات والعنف داخل البلدات العربية والمدن المختلطة مثل حيفا وعكا ويافا وغيرها. ويتوقع منظمو هذه المناورات وقوع اضطرابات داخل البلدات العربية.
وقد شارك في هذه المناورات وزارة الأمن والأمن الداخلي وغيرهما من الوزارات. وأطلق عليها “أسبوع الجبهة الوطنية الداخلية”، وسيتم خلالها التدريب على الدخول إلى ملاجئ وإطلاق صفارات إنذار وإنقاذ قتلى ومصابين من تحت الردم أو في البلدات التي تتعرض للصواريخ.
في جانب آخر من التدريبات مواجهة هجمات إلكترونية تؤدي إلى انقطاع التيار الكهربائي في مختلف البلدات الإسرائيلية لمدة 24 ساعة إضافة إلى مشاكل في التغطية والاتصالات عبر الهواتف الخليوية نتيجة الضرر المحتمل في مجال الطاقة. وفي التدريبات أيضاً سبل مواجهة صواريخ دقيقة ومتطورة لدى “حزب الله” وسوريا.
ووفق التقارير الإسرائيلية يملك “حزب الله” 70 ألف صاروخ طويل، قصير ومتوسط المدى. بعض هذه الصواريخ مزودة بأجهزة تجعلها دقيقة لدرجة أمتار قليلة عن الهدف، الأمر الذي يقلق جداً جهاز الأمن الإسرائيلي.
ويقدرون في إسرائيل أن لدى “حزب الله” قدرة على إنتاج صناعي لصواريخ دقيقة، وهو أمر وضع في صلب مناقشاتهم إذا كانت هناك حاجة لما سموها “ضربة مانعة” تجاه لبنان. في هذا الجانب هناك خلافات حيث يرى البعض أن التهديد من طرف لبنان لم يتجاوز بعد المستوى الذي يبرر ضربة مانعة.
خليج حيفا والميناء
في أعقاب التقارير الإسرائيلية التي تتحدث عن الترسانة الصاروخية الكبيرة لدى “حزب الله”، وضعت المؤسستان الأمنية والعسكرية مدينة حيفا، وتحديداً منطقة الخليج حيث خزانات الأمونيا وميناء حيفا ضمن احتمالات أن يطلق “حزب الله” صواريخ دقيقة من لبنان لاستهداف هذه الخزانات، التي سبق وأصيبت في حرب لبنان الثانية.
وإصابة هذه الخزانات سيؤدي إلى انبعاث مواد سامة وخطيرة توقع كارثة لا تنحصر على مدينة حيفا بل البلدات المحيطة بها ويتجاوز عدد السكان فيها ربع مليون إسرائيلي.
يشار إلى أنه في أعقاب ضغوطات شعبية وجهود جمعيات مختلفة قام المسؤولون في الوزارات ذات الشأن في تقليص كمية ونوع المواد المخزنة فيها، ولكنها لا تزال تعتبر هدفاً استراتيجياً للإصابة بصواريخ “حزب الله” مثلما هو الأمر في ميناء حيفا.
في ملخص التقرير الإسرائيلي في هذا الجانب فإن “حزب الله” اليوم يختلف عما كان عليه في عام 2006 حيث إنه يملك قدرات دقيقة ومتطورة “وهو معطى يجعل هذا التهديد أكثر أهمية بكثير في المواجهات التالية مع المنظمة اللبنانية الشيعية”، وفق تعبير معدي التقرير.