حرية – (10/11/2021)
يبدو أن المواقف الرسمية وخيارات وأولويات القادة في آسيا الوسطى تجاه الجارة أفغانستان، بقيادة حركة طالبان، أصبحت أكثر وضوحاً، حيث أعرب رئيس تركمانستان، قربانقولي بيردي محمدوف، عن استعداده للعمل عن كثب مع كابول، وتقديم المساعدة لتطبيع الأوضاع في أفغانستان.
وشدَّد رئيس الدولة التي تشترك مع أفغانستان في حدود بطول 800 كيلومتر، على أن بلاده ستنتهج “سياسة خارجية سلمية خالصة، دون التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأجنبية”.
وتماشياً مع تصريحات محمدوف، التقى سفير تركمانستان في كابول، خوجة أوفيزوف، بالقائم بأعمال وزير الخارجية في حكومة طالبان، أمير خان متقي، وناقشا التعاون في قطاع الطاقة.
تركمانستان وأوزبكستان تستعدان للتعاون مع طالبان
في إشارة إلى خط أنابيب الغاز بين تركمانستان وأفغانستان وباكستان والهند، المعروف باسم (TAPI)، أعرب متقي عن اهتمامه باستكمال بناء الجزء الأفغاني من خط الأنابيب، كما طلب من الوفد التركمانستاني زيادة إمدادات الوقود للمساعدة في معالجة قضية أسعار الوقود في أفغانستان.
وفي السياق نفسه، أعرب رئيس أوزبكستان، شوكت ميرزيوييف، عن تفاؤله بشأن إقامة علاقات حُسن جوار مع الحكام الجدد في كابول، حيث تعمل البلاد على تسهيل المرور الآمن للمساعدات والإمدادات الغذائية، للوصول إلى مدينة مزار شريف الأفغانية عبر مدينة ترميز، جنوب أوزبكستان.
وأقرّ ميرزيوييف بأن أفغانستان في الوقت الحاضر بحاجة إلى الدعم، قائلاً إن بلاده “مستعدة لتسهيل نقل المساعدات الغذائية من الدول الأخرى عبر خط القطار”، مشيراً أن الجانب الأوزبكي قام بفتح جسر (ترميز- هيراتون) بهدف مساعدة أفغانستان.
وفد من قرغيزستان يلتقي قادة طالبان
في 23 سبتمبر/أيلول الماضي، أرسلت قرغيزستان وفداً رفيع المستوى إلى كابول للقاء الحكومة التي عيّنتها طالبان. والأسبوع الماضي وصل نائب رئيس مجلس الأمن القرغيزي، تالاتبك ماساديكوف، إلى أفغانستان، كمبعوث رسمي لرئيس قرغيزستان صدر جباروف.
كما سلّم الوفد القرغيزي شحنة مساعدات إنسانية حضر تسليمها نائب رئيس الوزراء الملا عبد الغني بردار، الذي أكد على ضرورة بناء الثقة مع دول الجوار، كما أشار الوفد أنه من المهم بالنسبة لطالبان إحلال السلام في البلاد، والانخراط في التنمية الاقتصادية لتحسين حياة السكان، وفقاً للمتحدث الصحفي لرئيس قرغيزستان.
وفي وقت سابق، صرّح الرئيس القرغيزي، بأن بلاده ملتزمة “بعدم التدخل في الشؤون الداخلية”، و”دعم العلاقات الودية” مع أفغانستان. كما أعرب عن ضرورة إجراء حوار مع ممثلي الحكم في أفغانستان الجدد، للتوصل إلى التعاون في مختلف القضايا من أجل استقرار الوضع في البلاد.
التبادل التجاري مع كازاخستان
وفي 26 سبتمبر/أيلول، ذكرت وزارة الخارجية الكازاخستانية أن مبعوثها إلى أفغانستان، أليمجان إسنجيلدييف، التقى مع القائم بأعمال وزير الخارجية في حكومة طالبان، أمير خان متقي.
وذكرت مصادر في كابول أن الجانبين ناقشا قضايا التجارة، حيث كانت كازاخستان تُصدّر الحبوب والطحين والوقود إلى أفغانستان. كما تعهد إسنجيلدييف بأن بلاده ستقدم مساعدات إنسانية.
كما تم استئناف الصادرات بين البلدين، فحتى 29 سبتمبر/أيلول الفائت، تم تسليم نحو 200 ألف طن من الدقيق، و33 ألف طن من الحبوب إلى أفغانستان عبر أوزبكستان.
لكن طاجيكستان لا تزال حذرة وتدعم قضية الطاجيك ضد طالبان
المحللة السياسية المقيمة في العاصمة الطاجيكية دوشنبه، زوهرو حليموفا، قالت إن طاجيكستان ربما تكون الدولة الوحيدة التي لا مصلحة لها في التصالح مع طالبان مثل دول آسيا الوسطى الأخرى.
وأضافت للأناضول: “دوشنبه ليست براغماتية مثل أوزبكستان وتركمانستان، ولا تصالحية مثل روسيا والصين، حيث أعلنت دوشنبه أنها لن تعترف بطالبان إذا لم يشمل تشكيل الحكومة ممثلين من الطاجيك”.
كما أعلن رئيس طاجيكستان إمام علي رحمن، في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، الذي ألقاه عبر تقنية الفيديو، أن صعود طالبان إلى السلطة “زاد من تعقيد العملية الجيوسياسية المعقدة أصلاً في المنطقة”، وقال إن طاجيك أفغانستان، إلى جانب الجماعات العرقية الأخرى في البلاد، “لهم الحق في أخذ نصيبهم الذي يستحقونه في الشؤون العامة”.
ويشير مراقبون أن أهمية طاجيكستان في المنطقة ترجع إلى أنها تشترك في حدود طويلة مع أفغانستان، تصل إلى 1200 كيلومتر، وبالتالي تشترك في الجغرافيا والعِرق معها.
وقالت حليموفا، إن الرئيس الطاجيكي يقدم نفسه على أنه “بطل القضية الطاجيكية”، إلا أن التاريخ يمنع دوشنبه من الوثوق بطالبان، كما أن تعاملهم السابق مع السكان الطاجيك خلال فترة ولايتهم الأولى 1996-2001 “لم يكن مطمئناً”. وأكدت أن مسار طاجيكستان كمجتمع حديث وعلماني يتناقض تناقضاً تاماً مع حركة طالبان ونظرتها المحافظة.
ولا تزال تركمانستان وقرغيزستان حريصتين على إقامة علاقات مع طالبان، لرغبتهما في تصدير الغاز والكهرباء عبر أراضي أفغانستان. كما تطمح كازاخستان إلى أن تكون المورد الرئيسي للحبوب إليها، بينما تهدف أوزبكستان إلى مدّ خط سكة حديد عبر أفغانستان لزيادة الاتصال بجنوب آسيا.
وبسبب المقتضيات السياسية المحلية ستستمر قيادة طاجيكستان في الدفاع عن حقوق المواطنين الأفغان ذوي الأصول الطاجيكة، لكن يبدو أيضاً أن روسيا وكذلك الصين ستستخدمان مكاتبهما وتأثيرهما على دوشنبه كي لا “تهز القارب” (تزعزع الاستقرار)، وتذهب بعيداً جداً ضد أفغانستان بقيادة طالبان، لبدء نوبة أخرى من عدم الاستقرار في المنطقة.