حرية – (14/11/2021)
أكدت وزارة المالية، الأحد، أن اعتماد سعر الصرف الراهن جاء لرفد الإنتاج الوطني وحماية احتياطي البنك المركزي ودعم الموازنة.
وذكرت الوزارة في بيان (14 تشرين الثاني 2021)، انه “تحملنا خلال السنوات الثلاثة الماضية أعباء أزمة مالية خانقة هددت قدرة الدولة على الإيفاء بالتزاماتها”، مضيفة أن “النمو الاقتصادي بدأ بالتعافي تدريجيًا في اعقاب انكماش جائحة كورونا في العام الماضي”.
وأوضحت الوزارة أنه “من المتوقع أن يؤدي التحسن في ظروف سوق النفط العالمية إلى تعزيز النمو الاقتصادي والعراق يعدّ واحداً من أكثر البلدان المعتمدة على النفط في العالم”.
ولفت البيان إلى أن “جائحة كورونا كان لها تأثيرا كبيرا على الناتج المحلي الإجمالي للعراق في عام 2020″، موضحة أن “الورقة البيضاء تعد إطاراً شاملاً لمعالجة الاعتماد على النفط والمشاكل الهيكلية”.
وفيما يلي نص البيان”:
تحملت وزارة المالية خلال السنوات الثلاثة الماضية أعباء أزمة مالية خانقة هددت قدرة الدولة على الإيفاء بإلتزاماتها المثقلة اصلاً بأعباء تركة كبيرة متمثلة بتضخم معدل الإنفاق العام وإرتفاع فاتورة الأجور ، الأمر الذي هدد تأمين رواتب موظفيها ، في ظل إنخفاض حاد بأسعار النفط العالمية و وضع صحي خطير بسبب تبعات جائحة كورونا (𝗰𝗼𝘃𝗶𝗱-19) على الاقتصاد الوطني وانعكاساتها على الواقع الإقتصادي والنسيج الاجتماعي ، تواصل وزارة المالية الموازنة بين الحاجة الى ادارة مالية عامة حكيمة مع التزاماتها لضمان حماية الفئات الاضعف والاكثر احتياجاً .
دعم المجتمع الدولي سياسات وزارة المالية واقر كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ادارة المالية العامة في ظل ظروف صعبة للغاية .
اصدر البنك الدولي تقريره نصف السنوي عن الاقتصاد العراقي والذي تعيد الوزارة اصداره ادناه لفائدة الجمهور الكريم.
الاقتصــــــــاد العراقـــــــــي (الواقــــــــع والافــــــــــاق)
بدأ النمو الاقتصادي بالتعافي تدريجيًا في أعقاب الانكماش الذي اصابه نتيجة جائحة كورونا في العام الماضي ، وهذا يعود بشكل جزئي الى زيادة النشاط غير النفطي. ومن المتوقع أن يؤدي التحسن في ظروف سوق النفط العالمية إلى تعزيز النمو الاقتصادي على المدى المتوسط وتحويل الارصدة المالية والخارجية إلى فوائض من عام 2021 ، لتعاكس الارتفاع الأخير في الديون. وتعود مخاطر الهبوط الرئيسية الى التطورات الوبائية المحتملة ، وتقلب أسعار النفط ، وانتكاسات الوضع الأمني ، وتعرقل تنفيذ الإصلاح الاقتصادي.
الظروف والتحديات الرئيسية
يعد العراق احد اكثر البلدان المعتمدة على النفط في العالم وعلى مدى العقد الماضي ، شكلت عائدات النفط أكثر من 99 % من صادراته ، و 85 % من موازنة الحكومة ، و 42 % من الناتج المحلي الإجمالي وهو اعتماد مفرط على النفط يعرض البلاد لتقلبات الاقتصاد الكلي .
وكان لجائحة كورونا تأثير كبير على الناتج المحلي الإجمالي للعراق في عام 2020 ، والذي تقلص بنسبة 15.7٪ ، وتقلصت إيرادات الموازنة بنسبة 9٪ لتصل إلى 32٪ من الناتج المحلي الاجمالي ، مما أدى إلى انخفاض حاد في الإنفاق العام و الاستثمارات.
وبدءا من كانون الثاني 2021 زادت نسبة البطالة اكثر من 10% عما كانت عليه قبل الجائحة والتي كانت 12.7% .
واستمرت المخاوف المتعلقة بالأمن الغذائي على الرغم من التزايد الأخير في الأسر التي تتلقى المنافع الاجتماعية من الحكومة وفي مقدمتها رواتب شبكة الحماية الاجتماعية والحصص الغذائية من نظام البطاقة التموينية ، فضلا عن الجهود التي بذلت في توفير اللقاحات لعلاج وباء كورونا .
وفي الوقت الذي تتحسن فيه الأوضاع الاقتصادية في العراق تدريجيًا مع تعافي أسواق النفط الدولية ، الا ان هذا الانتعاش محفوف أيضًا بالمخاطر الرئيسية التي تشكلها المعوقات الهيكلية ، ويشمل ذلك قيود إدارة الاستثمار العام التي أثرت على تقديم الخدمات العامة ، والتسديد البطيء للديون المتأخرة وخاصة تلك المتعلقة بالأجور العامة وتحمل المصارف للمملوكة للدولة والبنك المركزي العراقي لاعباء الديون السيادية . ناهيك عن هشاشة الوضع السياسي ، وضعف نظام الرعاية الصحية ، والفساد المستشري الذي يستمر في إثارة الاضطرابات في جميع أنحاء البلاد.
وتعد الورقة البيضاء إطارًا شاملاً لمعالجة الاعتماد على النفط والمشاكل الهيكلية ، وتمثل اطارا ستراتيجيا متوسط المدى لقرارات الاصلاح الاقتصادي الشامل .
التطورات الاخيرة
يتعافى الاقتصاد تدريجيًا من صدمته المزدوجة في عام 2020 المتمثلة بـ (انخفاض اسعار النفط وتفشي جائحة كورونا) ، اذ تشير الاحصاءات الى الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.9٪ للنصف الاول من عام 2021 ، ونمو الاقتصاد غير النفطي بنسبة تزيد عن 21 % في النصف الأول من عام 2021 وهذا يعود لقوة الأداء في قطاعات الخدمات بعد تخفيف تدابير الوقاية من فيروس كورونا المستجد ، بعد انتشار حملة التطعيم وانخفاض الاصابات. وقلل هذا الانتعاش التلكؤ في قطاع النفط ، بنسبة 10 % في النصف الأول من عام 2021 ، حيث عدل العراق حصته في أوبك في وقت مبكر من العام. ومنذ ذلك الحين ، زادت الاوبك من حصة انتاج الدول الاعضاء تدريجيا مما انعكس على زيادة في الناتج المحلي الاجمالي وبلغ معدل التضخم العام والأساسي في العراق في الفترة من كانون الثاني الى تموز 2021 ، حيث بلغ 5.2 % و 6.3 % على التوالي ، بسبب زيادة الطلب المحلي وعدم كفاية المعروض السلعي على تلبية كامل الطلب المتزايد ، إلى جانب تأثر التضخم ايجابيا بسبب انخفاض اسعار الواردات في بعض البلدان المصدرة التي تواجه تدهور في قيمة عملاتها المحلية .
وتُظهر البيانات المالية للنصف الأول من عام 2021 مكاسب مهمة في إيرادات الموازنة (زيادة بنسبة 42 %) حيث ارتفع معدل السعر التصديري بما لايقل عن 64 دولارًا أمريكيًا للبرميل. وقد تضاعفت هذه المكاسب في الموازنة أيضًا بسبب الآثار المالية لتخفيض قيمة العملة في العام الماضي. اضافة الى ذلك ، بدأت إصلاحات الهيئة العامة للكمارك والهيئة العامة للضرائب الواردة في قانون موازنة 2021 تؤتي ثمارها ، حيث ارتفعت الايرادات السيادية عما كانت عليه سابقا بنسبة 53% . مما اسهم في تخفيض عجز الموازنة العامة .
على الصعيد الخارجي ، تحول عجز الحساب الجاري أيضًا إلى فائض بنسبة 4.7 % من الناتج المحلي الاجمالي في الربع الاول من عام 2021 مما اسهم في ارتفاع إجمالي الاحتياطيات الرسمية للبنك المركزي العراقي بنحو 5 مليار دولار أمريكي لتصل إلى 58.5 مليار دولار أمريكي في الربع الأول من عام 2021 مقارنة بـ 54 مليار دولار أمريكي في نهاية عام 2020.
نظرة مستقبلية:
تحسنت آفاق الاقتصاد العراقي مع التعافي في أسواق النفط العالمية ، لكن انتشار متغيرات فيروس كورونا الجديدة وتحديات تغير المناخ تشكل بواعث جديدة للمخاطر. ومن المتوقع أن يتعافى الاقتصاد تدريجياً على خلفية ارتفاع أسعار النفط وزيادة حصص إنتاج ألاوبك التي من المقرر إلغاؤها تدريجياً في عام 2022. وسيكون الناتج المحلي الإجمالي النفطي المحرك الرئيسي للنمو على المدى المتوسط. ومن المتوقع أن يتحسن الناتج المحلي الاجمالي غير النفطي ، لكنه سيظل بمتوسط نمو أقل من 3٪ بين الاعوام 2021- 2023 بسبب الاجيال المتحورة من جائحة كورونا اضافة الى التحديات التي يواجهها الاقتصاد العراقي وفي مقدمتها نقص المياه والطاقة الكهربائية والتي تؤثر على الزراعة والصناعة.
ارتفاع مؤشرات خط الفقر التي ارتبطت بعلاقة طردية مع ارتفاع جائحة كورونا اضافة الى بعض الاضطرابات الاجتماعية التي تواجه العراق منذ سنوات تستدعي التخطيط المناسب لتحقيق اهداف اجتماعية فعالة”.