حرية – (13/12/2021)
حمزة مصطفى
احتفلنا أول أمس احتفالا مهيبا في القصر الحكومي بمناسبة الذكرى المئوية لتأسيس الدولة العراقية. وصلتني دعوة لحضور الحفل الذي كان مهيبا بتنوع فقراته الأمر الذي يعكس إهتماما إستثنائيا بمناسبة على هذا المستوى من الأهمية والرمزية، فضلا عن دلالاتها الواقعية. فالعراق الذي يعود تاريخه الى نحو 5000 الآف سنة مرّ طوال هذا التاريخ الطويل بعهود وحقب ومرامل زمنية وحضارية مختلفة، إن كان في عصور ماقبل التاريخ أو ما بعدها.
وعبر كل تلك العصور والحقب فإن تاريخه الفكري والحضاري ومخزونه التراثي الهائل كان ولا يزال أحد أيقونات الحضارة البشرية. يكفي أن نتذكر عدد القطع الأثرية التي تزيّن متاحف العالم دليلا على ما خلفه العراقيون في مختلف عهودهم.المؤرخون والرحالة وعلماء الآثار يقولون إن في كل مكان بالعراق من أقصى شماله الى أقصى جنوبه مواقع آثارية. بمعنى إنك حين تمشي على أية بقعة من هذه الأرض عليك أن تخفف الوطء لأنك تمشي على «جسد» مقدس من هذا التاريخ، الذي تناسل زمانا ومكانا حكايات وقصصا وأقاويل ومدونات وسرديات ما زالت الإنسانية ترويها جيلا بعد جيل وبمختلف
اللغات.
العراق الحديث تأسس قبل مئة عام {1921}. كانت الإرادة البريطانية وقتها حاضرة في عملية التأسيس، لأن {الإنتداب} كان جزءا من الترتيبات التي تلت الحرب العالمية الأولى بمن في ذلك الإتفاقيات الدولية بين المنتصرين {سيفر ولوزان}، والتي شملت العراق ومعظم دول المنطقة. عند التأسيس وطريقته، بدءا من آلية إختيار الملك وتشكيل الحكومات في ما بعد برزت إشكالية هوية الدولة مقرونة بمفهوم
المواطنة.
وبدا أن الملك المؤسس فيصل الأول أول من تنبه الى هذه الإشكالية لكنه عبر عن عجزه في إيحاد حل لها.
بعد سقوط بغداد عام 2003 برزت هذه الإشكالية، لأن طريقة التعامل في ما بعد آلية السقوط إنسحبت على الدولة لا على النظام فقط. وبناء على ذلك تأسست العملية السياسية الحالية التي لا يزال الآباء المؤسسون لهذا النظام يدفعون مثل الملك المؤسس فيصل الأول ثمن إشكاليتها. لعل الجانب المضيء في كل هذا التاريخ أن العراقيين بمختلف قومياتهم وأديانهم ومذاهبهم وإثنياتهم مجمعون على أهمية أن تتأسس دولة عراقية جامعة بهوية مواطنة واحدة، شريطة أن تتحقق فيها كل شروط العدالة والحكم الرشيد وفرصهما لا تزال قائمة وممكنة.