حرية – (4/1/2022)
على نيل القاهرة، وتحديداً في منطقة المنيل بمبنى ملحق بقصر المانسترلي، يقع متحف أم كلثوم الذي أنشئ عرفاناً بدورها الكبير في إثراء الفن الأصيل، ليصبح منارة إشعاع فنية وثقافية، ليس فقط من خلال معروضاته، وإنما بفعاليات مختلفة ينظمها المتحف تقديراً لأم كلثوم وفنها، وتعظيماً لقيمة الفنون الرفيعة بكل أشكالها.
يضم المتحف مجموعة نادرة من مقتنيات أم كلثوم يتفقدها الزائر للمتحف على أنغام أغنياتها، تم جمعها من أسرتها وأصدقائها، باعتبارها أصبحت جزءاً من التراث الفني والثقافي لرمز من رموز مصر، لتحكي هذه المقتنيات مشوارها الحافل، وتعكس جانباً كبيراً من سمات عصرها على كل المستويات، وتنقل زوار المتحف لأجواء تلك الفترة حين كانت حفلات كوكب الشرق في الخميس الأول من كل شهر ملتقى للعائلات والأصدقاء الذين يجتمعون حول أجهزة الراديو في انتظار سماع “الست”.
متحف أم كلثوم الذي افتُتح في 28 ديسمبر (كانون الأول) 2001 بالتزامن مع ذكرى ميلادها، يحتفل هذا العام بالذكرى الـ20 على إنشائه ليكون قبلة لكل محبي كوكب الشرق، ليس في مصر وحدها، وإنما في كل العالم العربي.
مقتنيات أم كلثوم
عن أبرز مقتنيات متحف أم كلثوم يقول حاتم البيلي، المشرف على المتحف، لـ”اندبندنت عربية”، “يضم المتحف مجموعة نادرة من مقتنيات كوكب الشرق، يأتي على رأسها الفساتين التي ارتدتها في أشهر حفلاتها، والبروش الهلالي الماسي الشهير الذي ظهرت به في عديد من حفلاتها، وهو قطعة مجوهرات نادرة يحتوي على 365 قطعة من الماس، إضافة إلى نظارتها الشهيرة، ويضم أيضاً جواز السفر الدبلوماسي الخاص بأم كلثوم، ومقتطفات من مذكرات كتبتها بخط يدها، ومجموعة من المسودات لأغانيها كُتبت بخط يد أشهر من كتبوا لها من الشعراء، مثل بيرم التونسي وأحمد رامي”.
ويضيف، “من بين أقيم المقتنيات في المتحف، العود الخاص بأم كلثوم التي كانت تعزف عليه بنفسها ومجموعة متنوعة من الأسطوانات وغرامافون نادر، وإضافة إلى المقتنيات الشخصية يضم المتحف مجموعة كبيرة من صور أم كلثوم مقسمة طبقاً للمرحلة الزمنية على مدار المتحف، فتبدأ من بداياتها في حقبة العشرينيات، لتستمر طبقاً للتسلسل الزمني، حتى أيامها الأخيرة، وتشمل مجموعات نادرة من الصور من أبرزها صورة أم كلثوم مع والدتها، وصورها مع الرؤساء والملوك المصريين والعرب، وصورها مع مجلس قيادة الثورة مطلع الخمسينيات في مصر، وصورها النادرة مع الفنانين مثل محمد عبدالوهاب“.
أوسمة ونياشين
حصلت أم كلثوم على أرفع التكريمات، سواء داخل مصر، وخارجها، ويضم متحفها قسماً متكاملاً يعرض الأوسمة والنياشين التي حصلت عليها خلال مشوارها على مر السنوات، والتي يعد بعضها أعلى تكريم تمنحه الدولة لشخص.
ويقول البيلي، “حصلت أم كلثوم على أوسمة ونياشين متعددة معروضة للزائرين في المتحف، ومن أبرزها نيشان الكمال، الذي منحه لها الملك فاروق خلال فترة الأربعينيات، وقلادة النيل التي منحها إياها الرئيس جمال عبدالناصر بعد ثورة يوليو، وتحول مصر إلى الجمهورية، وكلاهما من أرفع التكريمات في مصر، ويقدمان دليلاً على أن حب الناس لأم كلثوم في مصر لم يتأثر بتغير النظام، أو اختلاف الظروف، وإنما أحب الناس فنها في كل العصور، وحتى يومنا هذا، فأم كلثوم أصبحت صوتاً لمصر على مدار السنوات”.
ويوضح، “شعبية أم كلثوم لم تكن في مصر فقط، وإنما كل الدول العربية أحبّت صوتها، وقدّرته من المحيط إلى الخليج، فحصلت على عديد من التكريمات من معظم الدول العربية، وأبرزها لبنان، والمغرب، وسوريا، وتونس”.
قاعات المتحف
إقامة المتاحف التي أُنشئت تكريماً لشخص وإحياءً لذكراه، سواء أكان من الفنانين أو الكتاب والشعراء أو حتى من الشخصيات السياسية حين يصاحبه فعاليات وأنشطة متنوعة، تُضفي قيمة أكبر على المكان باعتباره لا يمثل فقط مجرد عرض لمقتنيات شخصية، وإنما يجعله وجهةً ومُلتقى لكل المهتمين بصاحب المتحف من الباحثين والعلماء، إضافة إلى جمهوره العادي.
وعن ذلك يقول مدير المتحف، “ينظم المتحف فعاليات متنوعة، منها حفلات يحييها فنانو فرقة الموسيقى العربية تقدم فيها أغنيات أم كلثوم، وندوات تتناول موضوعات متعددة مثل الموسيقى والشعر، وأيضاً فعاليات للأطفال لربطهم بالمتحف والفنون الرفيعة من خلال شخصية أم كلثوم، وبجانب المقتنيات يضم المتحف مجموعة من القاعات أبرزها قاعة السينما، ويعرض فيها فيلم تسجيلي مدته 25 دقيقة عن أم كلثوم يتضمن مقتطفات من حياتها وأجزاءً من أفلامها الستة، وحفلاتها في مصر والوطن العربي، ويختتم بمشاهد لجنازة أم كلثوم، والفيلم مترجم باللغتين الإنجليزية والفرنسية”.
ويضيف، “يضم المتحف أيضاً قاعة المكتبة السمعبصرية، وتضم خمس شاشات يتم من خلالها استعراض أغانيها وصور حفلاتها والنوتات الموسيقية للأغاني ورحلاتها الخارجية والداخلية، وأفلامها، إضافة إلى سجل كامل يحتوي على كل ما كتبته الصحافة عن أم كلثوم منذ عام 1924، ويضم المتحف أيضاً قاعة البانوراما التي تضم مجموعة صور لأم كلثوم خلال المراحل العمرية المختلفة في حياتها، كما يضم صوراً لأفلامها ومجموعة صور مع الفنانين والمطربين وصورًا مع رؤساء الدول العربية”.