حرية – (23/1/2022)
في ساعات الصباح الأولى من كل يوم جمعة يتجه آلاف البغداديين إلى سوق الغزل وهو أكبر سوق للحيوانات بمختلف أنواعها الأليفة والمتوحشة، وتقع بالقرب من جامع الخلفاء وسط العاصمة بغداد، الذي رجع تاريخ إنشائه إلى القرن التاسع الميلادي وبالتحديد في عهد الخليفة العباسي المكتفي بأمر الله.
وعلى الرغم من الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه فئات كثيرة من البغداديين منذ انتشار فيروس كورونا فإن هذا الأمر لم يؤثر في حضورهم للسوق خلال الفترة الماضية، وبأعداد غفيرة تُبين أهميته لديهم على مدى فترة طويلة.
وتوجد في السوق محال بيع الطيور والحبوب الجافة والأعشاب، تتحول كل يوم جمعة إلى سوق متكاملة للحيوانات فتجد الكلاب والقطط والثعابين والصقور والنسور والحمام وطيور وأسماك الزينة والقرود والثعالب وفي بعض الأحيان الذئاب وأشبال الأسود.
السوق وجواره
وتعود تسميتها إلى العصر العباسي عندما كانت مشهورة في حينها بـ”غزل الصوف” وبيعه إلى أسواق كثيرة في الدولة العباسية، كما تقع بالقرب منها أسواق تراثية وتاريخية، وهي سوق الشورجة الشهيرة لبيع السلع والملابس والمواد الغذائية وشارع المتنبي الشهير ببيع الكتب والكثير من المقاهي التراثية، التي لا تزال تمثل عامل جذب لآلاف العراقيين طوال أيام الأسبوع.
إجراءات أمنية مشددة
ويبدو أن الأعداد الكبيرة من الزائرين للسوق سواء من الهواة أو الذين هدفهم الكسب ببيع وشراء الحيوانات زاد من التدابير الأمنية على بعد كيلومترات، من خلال قطع أحد الجسور المهمة والقريبة من السوق وهو جسر الأحرار، فضلاً عن عدد من الشوارع القريبة منها، فيما شهدت التقاطعات القريبة وجوداً أمنياً مكثفاً وتفتيشاً للداخلين إلى السوق.
وتعّرضت السوق في أعوام 2006 و2007 و2008 إلى هجمات انتحارية وبالعبوات الناسفة وقذائف الهاون أسفرت عن مقتل نحو 90 شخصاً وإصابة 140 آخرين، تم تبنيها في حينها من قبل تنظيم “القاعدة في بلاد الرافدين”.
الأقفاص تجذب الأنظار
وفي داخل السوق اكتظ بائعو مختلف الحيوانات الأليفة، إضافة إلى مختلف أنواع الطيور، وعند الدخول في عمق السوق تجذب الانتباه عشرات الأقفاص مليئة بمختلف أنواع طيور الزينة والأقفاص بمختلف أنواعها، سواء المخصصة للقطط أو الكلاب أو الطيور، فضلاً عن الأحواض المخصصة لتربية الأسماك بأحجام مختلفة مع مستلزماتها.
الأغلبية تشاهد
وقال باقر عبد الحسن، الذي جاء من منطقة بغداد الجديدة شرق العاصمة، “إنه يوجد كل يوم جمعة في السوق لغرض بيع الطيور وجلب أخرى تستهويه”. وأضاف “أن السوق تفتتح من ساعات الصباح الباكر إلى ما بعد الظهيرة”، مشيراً إلى “أنه ليس كل من يأتي إلى السوق هدفه الشراء فأغلبهم يأتون ليشاهدوا وليستمتعوا، فيوجد في السوق مختلف أنواع الحيوانات” .
أقسام السوق
تقسم السوق عدة أقسام، فهناك واحدة مخصصة لبيع الطيور فيها عدد من المحال الصغيرة ذات أقفاص كبيرة، وثانية لبيع مختلف أنواع أسماك الزينة، وثالثة للدواجن، فيما هناك سوق مخصصة لبيع أسماك الزينة بمختلف الأحجام والنوعيات إضافة إلى السلاحف الصغيرة. ولا تخلو السوق من الأطباء، فهناك طبيب بيطري حوله مختلف أنواع الأدوية ويفحص الحيوانات ويصف العلاج لها.
كما تعرض في السوق حيوانات أخرى كالكلاب بمختلف أنواعها سواء المخصصة للحراسة أو للزينة، فضلاً عن القطط. فيما يداعب أحد الأشخاص قرداً جلبه معه لغرض بيعه في السوق، ويؤكد أنه أليف ويطلب ممن حوله أن يلاطفوه وألا يخافوا منه فهو غير شرس.
ولم تقتصر السوق على الحيوانات الأليفة والداجنة، ففي أحد الأركان يعرض بعضهم عدداً من الأفاعي في قفص بأسعار مختلفة بعضها باهظة الثمن، وحين سؤاله إذا ما كان هناك من يشتريها؟ يقول “هناك الكثير يرغبون في شراء الأفاعي، ففيها منافع لا تحصى”. وهناك الطاووس والبومة والببغاوات، فضلاً عن البلبل المحبب لدى العراقيين.
وفي مكان مخصص بالسوق يوجد هواة ومربو الديكة، وفي أحد الزوايا يتجمهر عدد من الرجال ليتفرجوا على صراع الديكة، فعادة الديك الغالب سيكون سعره أعلى ثمناً، فيكون هذا بمثابة حلبة صراع لاستعراض شجاعة الديوك .ويوجد في السوق أناس من مختلف الأعمار والأجناس ليشاهدوا حيوانات مختلفة بعضها أليفة وأخرى متوحشة أو ليشتروا شيئاً يستهويهم.