حرية – (22/3/2022)
كشف القائم بأعمال جمهورية الصين الشعبية لدى العراق جيان فانغنينغ، عن تفاصيل الاتفاقية الإطارية المبرمة بين بغداد وبكين، وفيما أكد دعم بلاده للعراق في مكافحة الإرهاب، أشار الى حجم المساعدات الطبية للعراق في ظل جائحة كورونا.
الاتفاقية الاطارية
وقال فانغنينغ في مقابلة له إن “الاتفاقية الإطارية الصينية العراقية هي بمثابة نمط مبتكر من التعاون، حيث يتخذ عائدات نفط العراق كضمان للتمويل لأجل التعاون في المشاريع الكبيرة، ويتم تنفيذها وفقاً لمقدار الأموال المتوفرة، فلن تزيد أعباء الديون على الجانب العراقي، بل بالعكس يمكن أن يخفف ترتيب التمويل في إطارها من الضغوط المالية التي تواجه الحكومة العراقية في إعادة الإعمار ويوفر مصادر مالية لها”.
وأضاف أن “هذا النمط هو محاولة جديدة للتعاون يقوم بها الجانبان من خلال التشاور المتكافئ، ويمكنها توفير خبرات وتجارب مفيدة للجانبين في سبيل توسيع التعاون”، لافتاً الى أن “الجانب الصيني يحترم حق الجانب العراقي في اختيار مشاريع التعاون ونحن حريصون على العمل معه في سبيل إنجاح الاتفاقية وترجمة ثمارها على أرض الواقع بأقرب وقت ممكن”.
وأوضح أن “هذه الاتفاقية ستسهم في توطيد علاقات الشراكة الاستراتيجية الصينية العراقية، وتحقيق تكامل المزايا والمنفعة المتبادلة والكسب المشترك في ما بين البلدين”.
التعاون الأمني
وحول مستوى التعاون الأمني بين البلدين، أشار الى أن “الإرهاب عدو مشترك للبشرية جمعاء، ويرفض الجانب الصيني الإرهاب والتطرف بجميع أشكالهما، ويعارض ربطهما ببلد أو عرق أو دين معين، ويعارض تبني “المعيار المزدوج” في التعامل مع الإرهاب”، مبيناً أن “كلا من الصين والعراق يعانيان من الإرهاب”.
ولفت الى أن “الجانب الصيني دعا المجتمع الدولي عدة مرات في مجلس الأمن وغيره من المحافل الدولية إلى مواصلة دعم جهود العراق في القضاء على الإرهاب والحفاظ على أمن واستقرار البلد، بما يرسخ إنجازات مكافحة الإرهاب التي لم تأتِ بسهولة”، مؤكداً أن “الجانب الصيني سيدعم بثبات جهود المجتمع الدولي بما فيه العراق في مكافحة الإرهاب، ودوره في تعزيز أمن المنطقة وإحلال السلام والاستقرار والتنمية في العالم”.
التعاون في المجالات الصحية
وبشأن الآفاق المستقبلية للتعاون في المجالات الصحية بين البلدين، بين فانغنينغ، أن “الصين والعراق صديقان حميمان وشريكان عزيزان”، مؤكداً أنه “منذ تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد، ظل البلدان يتبادلان المساندة لبعضهما البعض لتجاوز الصعوبات العابرة، إذ قدم العراق حكومة وشعباً دعماً ومساعدة سخية للصين عندما انتشرت فيها الجائحة، ونحفظ ذلك عن ظهر قلوبنا”.
وتابع: إن “رد الخير بالخير يعد من القيم المشتركة المتجذرة في ثقافة البلدين بصفتهما من الدول الشرقية ذات الحضارة العريقة”، مبيناً أنه “عندما تفشت الجائحة في العراق، كانت الصين سباقة في منح كمية كبيرة من المستلزمات الطبية والمعدات للعراق كمساعدة، والصين سباقة في إرسال فريق خبراء مكافحة الجائحة إليه، وسباقة في مساعدته باللقاح”.
وأشار الى أن “إجمالي عدد مساعدة اللقاح بلغ 1.75 مليون جرعة، الأمر الذي قدم دعماً مهما للشعب العراقي لمكافحة الجائحة، وهذا مثال آخر لوفاء الجانب الصيني بعهد الرئيس الصيني شي جينبينغ بجعل اللقاح الصيني منفعة عامة للعالم كله، وهو دليل على أن الصين والعراق هما “صديق الشدائد”، وتجسيد لمفهوم “مجتمع تتوفر فيه الصحة للبشرية جمعاء”.
وأكد أن “الجانب الصيني يستعد لمواصلة بذل جهود مشتركة مع المجتمع الدولي بما فيه العراق اسهاماً في التغلب على الجائحة”.
تعامل الصين مع تصاعد الإصابات بكورونا
وحول كيفية تعامل الصين مع تصاعد عدد الإصابات بكورونا قال القائم بأعمال الجمهورية الصينية في العراق، إنه “منذ تنفيذ الإجراءات الروتينية للوقاية من الجائحة والسيطرة عليه، تتمسك الصين باستراتيجية “منع كل من الحالات الوافدة واحتمال تجدد ظهور الوباء محلياً”، وتواصل تحسين العمل الدقيق لمكافحة الجائحة حسب درجة الخطر في مختلف المناطق، وتسرع التعامل الفعال مع الإصابات الجماعية في بعض مناطق البلاد، ما حمى سلامة أرواح أبناء الشعب وصحتهم إلى أقصى حد، وحافظ على ريادة الصين في العالم من حيث التنمية الاقتصادية ومكافحة الجائحة”.
ولفت الى أن “الصين شهدت في الفترة الأخيرة تصاعداً لعدد حالات الإصابة المحلية، حيث ترأس الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني اجتماعاً للجنة الدائمة للمكتب السياسي للجنة المركزية للحزب في يوم 17 الشهر الجاري، وأكد ضرورة وضع الشعب والحياة في المقام الأول على الدوام، والتمسك بالمكافحة العلمية والدقيقة وتصفية جميع حالات الإصابة ديناميكياً لمنع انتشار الجائحة في أسرع وقت ممكن”.
وتابع: أنه “في المرحلة التالية، سيواصل الجانب الصيني تحسين الإجراءات الوقائية، وتذليل الصعوبات العلمية والتكنولوجية التي تقف أمام تطوير اللقاح وكواشف الاختبار السريع والأدوية، وجعل عمل الوقاية والسيطرة أكثر استهدافاً”، مؤكداً أنه “الجانب الصيني سيقوم بحسن التنسيق بين عمل مكافحة الجائحة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، واتخاذ إجراءات أكثر فعالية، في سبيل تحقيق أحسن نتيجة بأصغر ثمن، وتخفيف تداعيات الجائحة على التنمية الاقتصادية والاجتماعية بقدر الإمكان، وسرعة السيطرة على الإصابات الجماعية في بعض المناطق”.
مبادرة التنمية العالمية
وحول مبادرة التنمية العالمية التي طرحها الجانب الصيني، أوضح أن “الانتكاس المتكرر لجائحة فيروس كورونا المستجد ابتلع إنجازات عمل مكافحة الفقر في العالم التي تحققت خلال السنوات العشر المنصرمة”، لافتاً الى أن “عدم التوازن في تعافي الاقتصاد العالمي أدى الى عدم المساواة في العالم”.
وأكد أن “أجندة 2030 للتنمية المستدامة تواجه تحديات خطيرة في تنفيذها، وعلى هذه الخلفية، طرح الرئيس الصيني شي جينبينغ لأول مرة مبادرة التنمية العالمية في المناقشة العامة للدورة الـ76 للجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2021، يدعو فيها المجتمع الدولي الى إيلاء الاهتمام بموضوع التنمية وتوحيد الجهود لمواجهة التحديات معاً”.
وأوضح أن “مبادرة التنمية العالمية تتضمن رؤى وخططاً للتعاون في 8 مجالات ذات أولوية بما فيها مكافحة الفقر والأمن الغذائي ومكافحة الجائحة واللقاح والتمويل التنموي وتغير المناخ والتنمية الخضراء والتصنيع والاقتصاد الرقمي والترابط. وإن نواة الأفكار لها هي وضع الشعب فوق كل الاعتبارات، وأهم أهدافها هو دعم تنفيذ أجندة 2030 للتنمية المستدامة”.
وتابع أنه “في شهر كانون الثاني لهذا العام، عقدت “مجموعة أصدقاء مبادرة التنمية العالمية” أول جلسة لها في مقر الأمم المتحدة بنيوريوك، حيث اجتمع ممثلو أكثر من 100 دولة بما فيها العراق، و20 منظمة دولية تحت سقف واحد لبلورة توافق دولي أوسع لتنفيذ هذه المبادرة”، مضيفاً أن “مبادرة التنمية العالمية تعد مبادرة مهمة أخرى طرحها الرئيس الصيني شي جينبينغ بعد مبادرة “الحزام والطريق”.
وأشار الى أن “الصين تحرص على تعزيز التنسيق مع جميع الأطراف من حيث استراتيجيات التعاون التنموي عبر القنوات الثنائية والمتعددة الأطراف ومنصة الأمم المتحدة، وتعزيز المواءمة بين العمليات التنموية لجميع الدول والأقاليم والآليات، وتعميق التعاون العملي في الـ8 مجالات ذات الأولوية، بما يوحد جهوداً مشتركة لتحقيق الأهداف الـ17 للتنمية المستدامة للأمم المتحدة في موعدها المحدد، ودعم الدول النامية لمكافحة الجائحة وإنعاش التنمية الاقتصادية والاجتماعية”.
دعم إعادة الإعمار
وأكد أن “الصين والعراق صديقان حميمان يتبادلان الثقة لبعضهما البعض، وشريكان عزيزان للتعاون العملي”، لافتاً الى أن “الجانب الصيني يستعد لانتهاز الفرصة والمنصة المهمة التي تتيحها مبادرة التنمية العالمية في سبيل دعم إعادة الإعمار في العراق، ومساعدته على التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتحسين معيشة الشعب”.
وتابع: “كما يحرص الجانب الصيني على العمل مع الجانب العراقي من أجل تنفيذ أجندة الأمم المتحدة 2030 للتنمية المستدامة على نحو أكمل وأكثر توازناً، والمساهمة في التنمية العالمية، وبناء مجتمع المستقبل المشترك للتنمية العالمية”.
الصراع الروسي الأوكراني
وفي ما يتعلق بموقف الصين من الصراع بين روسيا وأوكرانيا، قال: إن “القضية الأوكرانية لها خلفية تاريخية معقدة ووراءها عوامل مختلفة، وما وصلت إليه الأوضاع الأوكرانية ليست ما يريد الجانب الصيني أن يراه”.
وتابع: إن “الرئيس الصيني شي جينبينغ أشار إلى أن الجانب الصيني يدعو دائماً إلى السلام ويعارض الحرب، وذلك من التقاليد التاريخية والثقافة للصين”. مؤكداً أنه “دائما ما نحكم على الأمور بشكل مستقل استناداً إلى حقيقتها وطبيعتها.”
وأوضح أنه “ينبغي احترام السيادة وسلامة الأراضي لجميع الدول، والالتزام بجميع مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، والاهتمام بالشواغل الأمنية المعقولة للدول كافة، ودعم جميع الجهود التي تسهم في حل الأزمة سلمياً”، مشيراً الى أن” الحل الصيني للقضية الأوكرانية الذي طرحه الرئيس شي جينبينغ يتكون من جانبين رئيسيين، الأول، الشغل الشاغل هو أن تعمل جميع الأطراف معاً على الدفع باتجاه الحوار والمفاوضات بين الأطراف المباشرة في سبيل وقف إطلاق النار ومنع العنف في أسرع وقت وتجنب وقوع إصابات أو قتلى في صفوف المدنيين، خاصة منع حدوث الأزمة الإنسانية”.
وأضاف أن “الجانب الثاني للحل الدائم يكمن في التخلي عن عقلية الحرب الباردة، والإحجام عن المجابهة بين الكتل، وبناء هيكل أمني إقليمي حقيقي متوازن وفعال ومستدام، وبهذه الطريقة يمكن تحقيق الأمن والسلام الدائمين في قارة أوروبا”، مبيناً أنه “قبل فترة، طرح مستشار الدولة وزير الخارجية الصيني وانغ يي مبادرة ذات ست نقاط بشأن الأوضاع الإنسانية في أوكرانيا، ويستعد الجانب الصيني لتقديم مزيد من المساعدات الإنسانية إلى أوكرانيا والدول المتأثرة. وقد وصلت الدفعة الأولى من المساعدة الإنسانية الصينية إلى أوكرانيا”.
العقوبات الأحادية الجانب
ولفت الى أن “الجانب الصيني يعارض دائماً العقوبات الأحادية الجانب التي لا أساس لها في القانون الدولي ولا تصريح بها من قبل مجلس الأمن”، مؤكداً أن “التاريخ أثبت مراراً وتكراراً أن العقوبات ليست حلاً للمشاكل، بل هي زيت مسكوب على النار ولا يؤدي إلا إلى مزيد من الخلافات و”الخسارة المشتركة”.
وأوضح أن “عامة الناس هم من يتكبدوا تداعيات العقوبات الشاملة والعشوائية، ولو استمر الأمر في التصعيد، سيثير أزمات خطيرة للاقتصاد والتجارة والمالية والطاقة والأغذية وسلاسل الصناعة والتوريد في العالم، ويزيد الاقتصاد العالمي السيئ أصلاً سوءاً، ويسبب أضراراً لا يمكن إصلاحها”، لافتاً الى أن “موقف الصين حيال القضية الأوكرانية موضوعي وعادل يتوافق مع تطلعات معظم الدول، وسيبرهن الوقت على أن مبادرة الصين تقف على الجانب الصحيح من التاريخ”.
وختم قوله: إن “الصين ظلت تبذل قصارى جهدها من أجل السلام، وستواصل لعب دورها البناء في هذا السبيل”.