حرية – (16/4/2022)
تعتبر النقوش الخطية الحديثة جزءاً مهماً في التصميم الإسلامي
عندما نتحدث عن تصميم إسلامي، نصف جواً عاماً مميزاً لهذا التصميم، أي بعيداً من تحديد نمط معين، الأساسي منها أم الفرعي، فقد مر الفن الإسلامي بمراحل عدة تنوعت تبعاً لبيئته الجغرافية والفترة الزمنية الذي تطور فيها.
فجاء التصميم الهندسي على شكل مزيج عالمي فريد وجامع لمجموعة مفاهيم وتصاميم وأنماط مناطق وثقافات مختلفة فيما بينها، الأمر الذي جعل للتصميمات الداخلية الإسلامية شكلاً مألوفاً ومعروفاً ومحتفى به حول العالم.
في هذا الموضوع، نتحدث عن الصفات والمميزات العامة للتصميم الإسلامي، من دون الدخول في تاريخ وخصائص أنماطه.
فما الذي يميز هذا الفن عن غيره؟
وما العناصر الذي تجعل التصميم إسلامياً؟
هوية ومعتقدات
يُعد المنزل امتداداً لمعتقدات المرء وانعكاساً لهويته، ومن هنا لا بد من الإشارة إلى ضرورة أساسية في هذا النوع من التصاميم، وهو الخصوصية، التي تُعد مطلباً في الثقافة الإسلامية. فلا شك في أن المباني الإسلامية قد شيدت أولاً لتوفير الخصوصية المثلى، مع الاحتفاظ بقيمة الجودة والراحة لساكنيها. وبصرف النظر عن الميزات الفنية والزخرفية، تتبع العمارة الإسلامية أيضاً قواعد معينة توارثتها عبر الأجيال، كتخصيص مساحة معيشة منفصلة للرجال والنساء ضماناً للخصوصية والراحة.
كما يعتقد أن الضوء هو أول خلق الله في الإسلام، ويُعد رمزاً للحكمة الإلهية، بالتالي يحتل مكانة مهمة في الهندسة المعمارية والديكورات الداخلية، ويعتقد أن وجود الضوء داخل الغرفة يخلق هالة قوية مقدسة يسكبها الخالق في المكان.
الأنماط الزخرفية التجريدية
بدأ فن الزخرفة منذ القرن الثامن الميلادي خلال الفترة المبكرة للحضارة الإسلامية، إذ اعتمد الحرفيون بدايةً على زخارف لثقافات سابقة، ثم طوروها وابتكروا شكلاً جديداً في الفنون البصرية، وجاءت جميعها تجريدية (هندسية ونباتية)، بعيدة من التمثيل الحي. فبسبب تحريم الإسلام للتماثيل الحية في الفنون (تصوير البشر والحيوانات)، لعبت التشكيلات التجريدية، المعقدة التكوين والمكررة الأنماط، دوراً مهيمناً في الديكور، بميزاتها الزخرفية ومظهرها الفخم. فأول ما يلفت الانتباه في البيوت المصممة على الطراز الإسلامي، التشكيلات الحجرية الملونة المصنوعة بدقة. فالثقافة الإسلامية تنتهج في فنونها تكرار الأشكال للحصول على تصاميم معقدة ومتشابكة بشكل يخلق متعة بصرية. فنجد الأنماط الهندسية واضحة في ديكور الحوائط الداخلية وتصاميم الفواصل أو البارتشن ورسومات الأقمشة، وحتى في مواد مصابيح الطاولات وإطارات المرايا، وكذلك في الأعمال الفنية وقطع الديكور الصغيرة.
ونظراً لأن الأثاث عادةً ما يكون منخفضاً ودقيق الصنع، فإن الأنماط الزهرية والهندسية تتكرر بلا نهاية على الجدران والأرضيات والأسقف بشكل خاص. ويُراعى هنا استخدامها بشكل متوازن كي لا تطغى على الروح العامة للمكان، وتجنباً للثقل البصري، من خلال تحديد منطقة معينة وتطبيق هذه الأنماط عليها، مقابل الاحتفاظ بالمساحات الأخرى بحالتها الأولية البسيطة.
فن الخط Calligraphy
ولأن كل منزل إسلامي يحاول عكس الجانب الديني في عناصره بكل الطرق الممكنة، تعتبر النقوش الخطية الحديثة جزءاً مهماً آخر في التصميم الإسلامي، وغالباً ما يميل محبو هذا الطراز إلى تزيين جدران منازلهم بنقوش تحمل آيات من القرآن الكريم أو عبارات شعرية أو اقتباسات ذات دلالات دينية وأخلاقية، باستخدام أنواع عدة من الخط العربي كالثلث والكوفي وغيرها، إذ يعد عرض العبارات الإسلامية عنصراً مهماً في هذا النمط، بهدف جلب البركة والحماية للمنزل وسكانه، إضافة إلى المظهر الجذاب والمحبب الذي تخلقه الحروف العربية، حتى لدى غير العرب.
ونجد العبارات مطبوعة أو مطرزة على القماش أو مطبوعة على الخشب أو منحوتة أو مشكلة بشكل ثلاثي الأبعاد مواد كالخشب، وغالباً ما تأخذ ألواناً غامقة كالأخضر الداكن والأسود والبني.
اللون الأخضر
غالباً ما يرتبط اللون الأخضر بالإسلام، وهو مقبول على نطاق واسع كلون مبشر وميمون، ما يدل على الوئام والتوازن ويرتبط بـ”الجنة” في القرآن. كما تبعث درجاته حالة فورية من الهدوء والاسترخاء والنقاء، ويستخدم هذا اللون من خلال مطابقته مع ألوان مثل الفضي والبرتقالي والأصفر الفاتح والأكوا، أو بتخصيص درجات وظلال مختلفة للأخضر ذاته.
وإضافة للأخضر، هناك خيارات أخرى مثل البني أو الأحمر الداكن والذهبي والأرغواني، إذ يسيطر في بعض الأحيان المزاج الترابي على لوحة الألوان في المساحات الإسلامية الطراز، مع الاستخدام الحر لدرجات الأحمر الغني والذهبي والأصفر والبرتقالي. وكذلك يعبر اللونان الأبيض والذهبي معاً بشكل جيد عن هذا الطراز، وتسهم الجدران والأرضيات والمفروشات والقطع الفنية بإضافة عمق لوني للمساحة.
مواد فاخرة
وبسبب صعوبة الحصول على المواد الخشبية قديماً في العديد من المناطق الإسلامية، بقي الخشب رمزاً للثراء والترف ومكوناً رئيساً في العديد من التصاميم الإسلامية اليوم، فالأثاث ذو الطابع العربي يأتي محفوراً بشكل متقن، ترافقه تركيبات إضاءة خشبية مزخرفة.
ولتحقيق مظهر من الفخامة، تستخدم الأقمشة الغنية والفاخرة، مثل المقصب والمخمل والحرير، مع الأخف وزناً منها، مثل الدانتيل والشيفون، لتحقيق توازن بصري. فنجد بعضاً من هذه الأقمشة الفاخرة على الأثاث الإسلامي المنخفض الارتفاع، وعلى الأرائك والوسائد السميكة الموزعة بعضها على الأرض مباشرة.
والجدير ذكره أن المداخل المقوسة تعد من أبرز العناصر المميزة للعمارة الإسلامية. فالأقواس التي تكون إما مستديرة أو مفصصة أو مدببة، تضيف للمساحات الداخلية بصمة خاصة وإحساساً بالرحابة.