حرية – (21/4/2022)
بات الشعر المجعد حاضراً على الدوام على لوحات الإعلانات
من قبل، كانت رولا عامر وسارة صفوت تعانيان من شعرهما المجعد الذي يعطي إحساساً بأنه “أشعث”، ما كان يمنعهما من الحصول على وظيفة. اليوم، في محلهما لتصفيف الشعر المجعد واللولبي، باتتا تواكبان “الثورة” في معايير الجمال في مصر.
وفيما كانت تقص شعر إحدى زبائنها، قالت عامر إن “قص الشعر اللولبي أو المجعد يأخذ وقتاً أطول بكثير من الشعر الأملس”.
وبعد ثلاث ساعات من العمل في شعر تلك السيدة، وسط ضوضاء الزبائن اللواتي ازدحم بهن الصالون، ظهر الفرح على وجه الزبونة تعبيراً عن إعجابها بشكل الشعر.
مقياس خاطئ
وعلى مدى سنوات، كانت مصففة الشعر الثلاثينية ذات الشعر اللولبي الكثيف، تمضي ساعات في العناية بشعرها ليكون أملس. وتقول “كنت على قناعة بأن الشعر الأمثل هو الجميل، ففي ذلك الوقت كان هذا هو المقياس”.
وتضيف وهي تبدأ يومها في صالونها، أول محل لتصفيف الشعر المجعد والذي أسس عام 2018، “سابقاً، لو تركت شعري مجعداً لشعرت أنني منكوشة (شعثاء) وأبدو مُهملة”.
وفي المحل الواقع في إحدى ضواحي القاهرة الراقية، حلت لفائف الشعر محل المكواة التي تستخدم لفرد تجاعيد الشعر الذي يتم قصه وهو جاف وليس رطباً للحفاظ على شكله المجعد أو المموج.
وتشير سارة صفوت إلى أن كي الشعر حتى يصبح أملساً يمكن أن يكون خطيراً.
وتضيف “ذات مرة جاءت أم مع ابنتها ذات السنوات الثلاث وكان شعر الطفلة يتساقط كله بعد أن قامت بفرد شعرها باستخدام منتجات تحوي مواد كيماوية.
معايير الجمال الغربية
وعلى مدى عقود لجأ ملايين المصريين إلى فرد شعرهم ليصبح أملس ليتماشوا مع معايير الجمال الغربية، وفق سارة صفوت التي تؤكد أن “أجيالاً كبرت وهي مقتنعة بمعايير جمال خاطئة تماماً”.
وقبل أن تفتتح محلها لتصفيف الشعر، كان شعرها المجعد الكثيف يسبب لها مشكلات، لأنه كان يعد “مظهراً لا يتناسب مع عديد من الوظائف وغير مهني”.
وفي مطلع الألفية الثانية، كانت المغنية اللبنانية مريام فارس واحدة من مشاهير قليلات في العالم العربي تركن شعرهن مجعداً، ولم تكن الممثلات والمغنيات المصريات يظهرن عموماً إلا بشعر أملس.
ولكن في الوقت نفسه، ظهرت في الولايات المتحدة حركة الشعر الطبيعي التي دعت الأميركيات صاحبات البشرة السوداء إلى الاحتفاظ بشعرهن مجعداً.
في مصر، كانت الممثلة دينا الشربيني من أوائل من كسر المحظور وظهرت بشعر مجعد في مسلسل “حكايات بنات” في عام 2012.
واليوم، بعد عشر سنوات، بات مشهد الشعر المجعد واللولبي والمموج حاضراً على الدوام في شوارع القاهرة وعلى لوحات الإعلانات، التي تملأ المحاور الرئيسة في العاصمة المصرية.
وتقول دعاء جاويش، التي أطلقت في عام 2016 منتدى “هير أديكت” (المولعون بالشعر)، إن الهدف من هذه المبادرة هو أن يساعد المصريون بعضهم بعضاً في الحفاظ على شعرهم بعيداً من المنتجات الكيماوية والحروق الناجمة عن المجففات الكهربائية.
500 ألف صالون في مصر
وخلال موسم صيف واحد، ارتفع عدد المشاركين في المنتدى على الإنترنت من خمسة آلاف إلى 80 الفاً، وفي العام نفسه حقق سوق مستحضرات التجميل المحلي نمواً بنسبة 18 في المئة، وفقاً لشركة “يورومونيتور إنترناشونال” للأبحاث.
وبعد عامين، تم تأسيس شركة للعناية بالشعر للاستفادة من هذه الموجة وتصنيع منتجات صديقة للبيئة ومخصصة للشعر المجعد في الوقت نفسه.
وتقول جاويش “كثير من شركات التجميل بدأت في تسويق منتجات للشعر المجعد، لأنها أدركت أن هذا جزء من السوق لا يمكن تجاهله”.
وفي مصر التي تضم 103 ملايين نسمة، يوجد 500 ألف صالون لتصفيف الشعر يعمل فيها أكثر من ثلاثة ملايين شخص، بحسب ما قال عام 2020 رئيس شعبة مصففي الشعر في الغرفة التجارية في القاهرة محمود الدجوي.
واستفادت مريم أشرف (26 سنة) من هذا التوجه كذلك. وبعد أن كانت تنشر مقاطع فيديو قصيرة على “إنستغرام” لمجرد التسلية، أصبحت تلك المقاطع، وفقاً لها، “مصدر دخل حقيقياً” إذ وصل عدد متابعيها إلى أكثر من 90 الفاً.
وتقول “العلامات التجارية الشهيرة باتت تتصل بي لكي أتحدث عن منتجاتها للشعر المجعد، والآن تتصل بي كذلك وكالات لعروض الأزياء من أجل الظهور في الإعلانات”.
دخل الأسرة المصرية
ولكن الاعتناء بالشعر المجعد ليس متاحاً للجميع.
ففي حين يبلغ متوسط الدخل الشهري للأسرة المصرية 6 آلاف جنيه (أي أكثر قليلاً من 300 دولار) يصل سعر القصة في صالون رولا عامر وسارة صفوت إلى 600 جنيه إضافة إلى الكلفة الكبيرة للمنتجات اللازمة للعناية بالشعر.
ومنذ أن اكتشف أنه يمكنه الاحتفاظ بشعره اللولبي، بات عمر رحيم يضع في حسبانه كلفة العناية به.
قبل بدء جائحة كورونا، كان رحيم، الخبير في الأمن السيبراني، يحلق شعره قصيراً، ولكنه توقف عن ذلك بعد انتشار الفيروس إلى أن اكتشف شكل شعره المجعد وأعجب به.
اليوم، يعتني رحيم بتجاعيد شعره على الرغم من الانتقادات التي توجه إليه من أصدقائه في مجتمع محافظ.
ويشرح أن “ثمة مشكلة ذكورة هشة” في مصر، إذ “ثمة اعتقاد بأن الرجل ينبغي ألا يعتني بشعره أو يشتري منتجات لهذا الغرض”.
ويقول رحيم، الذي لا يبدو منزعجاً من الأجواء النسائية حوله في الصالون “أود فعلاً أن يفهم الناس أن هذا أمر طبيعي، ولكني لست مستعداً بعد لخوض هذه المعركة”