حرية – (11/5/2022)
كثر الحديث أخيراً، عن تنامي انتشار مخدر الشبو بين أوساط المجتمعات المحلية في عدد من محافظات اليمن، لا سيما المحافظات الشرقية، شبوة وحضرموت والمهرة، في ظل تواتر المعلومات عن وجود مصانع ومعامل كيماوية لتصنيعه وتجهيزه محلياً، فيما يقدر سعر الغرام من الشبو بـ20 ألف ريال يمني (20 دولاراً).
انتشار ما بعد الحرب
تصدرت محافظة شبوة النفطية الواقعة في وسط اليمن انتشار الشبو منذ مطلع عام 2018، كما يقول مدير إدارة مكافحة المخدرات بالمحافظة العقيد أحمد علي مساعد، “بدأ ينتشر بشكل متسارع في عاصمة المحافظة والمديريات والمدن الثانوية، ومن ثم قام مروجو المخدرات بنشره على مستوى الأرياف، وساعد موقع شبوة المهم في وسط اليمن وإطلالتها على ساحل بحري طويل، وحدودها الطويلة المتاخمة لصحراء الربع الخالي والسعودية، على ازدهار الاتجار بالشبو”.
آثار الحرب
يلفت مدير مكافحة المخدرات في حديثه لـ”اندبندنت عربية” إلى الآثار السلبية للحرب اليمنية التي اندلعت في 2015 على أجهزة مكافحة المخدرات، في ظل تراجع الأداء الحكومي في البلاد في جميع المجالات، وفي منتصف 2019 أعيد تفعيل عمل إدارة مكافحة المخدرات في المحافظة، وأثمر التعاون بين مكافحة المخدرات والوحدات الأمنية الأخرى، من ضبط كثير من المروجين ومتعاطي المخدرات، وإحالتهم إلى القضاء وصدرت بحقهم أحكام قضائية.
وكشف مساعد عن “ضبط كميات كبيرة من المخدرات وخصوصاً الشبو والحشيش، بعضها يصل إلى مئة كيلو، بخاصة من مخدر الحشيش”، أما في ما يخص الشبو فـ”تم ضبط عدة قضايا وآخرها في شهر رمضان المنصرم، وقدرت الكميات ما بين مئة غرام وربع كيلوغرام”.
شح الإمكانيات
ساعد ضعف إمكانات إدارة مكافحة المخدرات في محافظة شبوة على الانتشار السريع للشبو وغيرها من المخدرات، ويتطرق مدير مكافحة المخدرات إلى ما تعانيه إدارته من ضعف الإمكانات وحاجتها إلى تأهيل وتدريب عناصرها البشرية، ويقول: إن “الإدارة إمكانياتها شحيحة للغاية ولا تساوي شيئاً في الوقت الحاضر، ونعمل بإمكانات ضئيلة جداً، ولكن مع ذلك نكثف جهودنا ضد أخطر عصابات المافيا التي تعمل في الاتجار والتهريب والترويج للمخدرات، بخاصة وأن هذه العصابات لديها إمكانيات كبيرة لاستخدام أساليبها الإجرامية في التهريب والترويج، ويستغلون شح إمكانات إدارتنا، وسبق أن رفعنا وناشدنا وزارة الداخلية والإدارة العامة لمكافحة المخدرات بالجمهورية، وكذلك سلطات المحافظة، توفير الإمكانات التقنية والفنية، وإيلاء الاهتمام بكوادرنا لتدريبها وتأهيلها”.
ويحذر مدير إدارة مكافحة المخدرات من خطورة تعاطي الشبو وانتشاره بين الشباب خاصة، موضحاً: “آثاره كارثية وتتعدى كل التوقعات، لأن متعاطيه يقوم بأبشع الجرائم التي تبدأ بالأسرة وتنتهي بالمجتمع، من جرائم القتل والسرقة وغيرها، ويحول الشبو المتعاطي إلى وحش مفترس غاضب لا يدرك أي معنى للحياة، ولا يفرق بين القريب والبعيد”، ويؤدي الشبو إلى اختلال جهازه العصبي ونظام الاتصال وإفراز النواقل العصبية، واضطراب عقلي يتميز بأعراض ذهانية مثل الهلوسة وجنون العظمة والتفكير غير المنظم والسلوك غير المنظم، وآثار نفسية كالأرق والقلق والاكتئاب.
الأمر مدبر
الإعلامي والناشط ياسر الصائلي، كان من أوائل من تطرق إلى انتشار مخدر الشبو وأخطاره على المجتمع لا سيما الشباب، ويقول إن انتشار المخدرات بأغلب أصنافها في اليمن “أمر يدعو للريبة، لا سيما في محافظة شبوة التي تحتفظ بعادات وتقاليد أصيلة وتعارف أبنائها على الحفاظ على قيمهم وأخلاقهم ورعاية أجيالهم، ومع هذا انتشرت هذه الآفة، لا سيما في ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد”.
ويرى الصائلي أن الأمر “مدبر ولم يأت من باب الصدفة أو زيادة في الثراء لدى مجتمع يعيش مثلما يعيش المجتمع اليمني من وضع اقتصادي سيئ”.
وأضاف، “اليوم لم يعد الانتشار لآفة المخدرات على الأصناف التي كان متعارفاً عليها، بل دخلت مادة الشبو وهي مادة مخدرة طارئة وخطيرة على تدمير متعاطيها من الشباب، وقد ألقي القبض على عدد من متعاطيها وهم متلبسون بجرائم جسيمة بسبب ذلك التعاطي لهذه المادة الخطيرة”.
الشبو في حضرموت
محافظة حضرموت المجاورة لشبوة تعاني هي الأخرى من تنامي انتشار الشبو والمخدرات عامة، وتعمل إدارة مكافحة المخدرات على محاربة انتشاره.
وألقت إدارة مكافحة المخدرات بساحل حضرموت في مارس (آذار) الماضي القبض على مروجين لمادة الشبو المخدر أثناء قيامهم بالترويج بمنطقة فوة غرب المكلا، وبحوزتهما كمية كبيرة منها.
وثمن المقدم عبد الله الأحمدي مدير إدارة مكافحة المخدرات بساحل حضرموت جهود منتسبي الإدارة بالقيام بعملهم في الجوانب التوعوية والضبطية، مشدداً على ضرورة تضافر وتكاتف الجهود بين منتسبي إدارة مكافحة المخدرات والجهات المجتمعية والمواطنين للحد من توسع انتشار المواد المخدرة وبخاصة مادة الشبو.
إلى ذلك كشفت مصادر مطلعة عن توسع معامل تحضير إنتاج مادة الشبو المخدر والقاتل في وادي حضرموت، والاتجار به في المحافظة وعدد من المناطق اليمنية الأخرى وبعض الدول العربية.