حرية – (12/5/2022)
نضال منصور
نشعر بالفرح والسعادة إذا ما تحسن واقع حرية التعبير والإعلام في الأردن، فهذا ينعكس على ممارسة العمل الصحفي، ويُحسّن صورة البلاد.
في اليوم العالمي لحرية الصحافة الذي مرت ذكراه في الثالث من أيار خلال إجازة العيد، أطلقت «مراسلون بلا حدود» مؤشرها العالمي الذي أظهر تقدم، وتحسن الأردن 9 درجات في الحريات الإعلامية.
أصبح الأردن يحتل المرتبة 120 عالميا، بعد أن كان في المرتبة 129، والنتيجة ما نزال في وضع، ومكانة متأخرة، ومع ذلك سننظر للأمر بأنه خطوة نحو الأمام.
أحيانا تهتم الحكومات الأردنية في التقارير، والمؤشرات الدولية، والإقليمية، والوطنية، وتحتفي بها إذا ما شعرت أنها تخدمها، وفي غالب الأحيان، تهاجمها، وتتجاهلها لأنها تنتقدها، وتسلط الضوء على الواقع، الإخفاقات، والخلل، والتحديات، ولا تكيل المديح لسياساتها، وممارساتها.
الحكومة مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بالاهتمام بالتقارير، والمؤشرات، ودراستها، والحوار حول النتائج التي تتوصل لها، وليس الغضب، لأنها لم تناسب مقاسها، ووجهة نظرها.
التقارير الوطنية، والدولية ليست مقدسة، وقد تختلف معها في منهجياتها، ولكنها ليست مؤامرة كونية، ولا تستهدف الحكومات، أو النظام، والصحيح التعاطي معها بشكل إيجابي، وليس شيطنتها.
تقرير «مراسلون بلا حدود» فرصة للحكومة لدراسته، واستكشاف النقاط التي حسنت وضع الأردن في المؤشر، والتمحيص في الإشكاليات، والتحديات المستمرة والباقية.
في الأمسية الرمضانية تكريما للإعلاميين والإعلاميات، التي نظمها مركز حماية وحرية الصحفيين، تحدثت عن اتهامات الحكومات المتوالية بأننا لا ننظر إلا للنصف الفارغ من الكأس، وقلت إنني مهتم في التدقيق في النصف المليء بالكأس.
وفي اليوم العالمي لحرية الصحافة دعونا نقوم بمراجعات ضرورية، نرصد خلالها إشكاليات محددة، وواضحة، ونقترح حلولا لها، ونحدد الإجراءات المطلوبة، والإطار الزمني الواجب الالتزام به للإنفاذ.
لنأخذ قصة التشريعات المقيدة التي يتحدث الجميع عنها منذ أكثر من ثلاثة عقود، وكل يوم يضاف قيد جديد، وأخرها قبل أيام، تغليظ العقوبات على من ينشر معلومات عن المحاكمات قبل إجازتها لتصبح السجن، بدل غرامة محدودة.
هناك لجنة وزارية في الحكومة لموائمة التشريعات مع المعاهدات والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان لم تجتمع، ولم تفعل شيئا، وأتمنى على وزير الدولة لشؤون الإعلام المبادرة لتشكيل لجنة من كل الأطراف الفاعلة لتقديم تصور للتعديلات المطلوبة، وأقترح أن يقودها المركز الوطني لحقوق الإنسان.
أوامر منع النشر التي تتزايد، وتحد من قدرة وسائل الإعلام على متابعة القضايا التي تهم الرأي العام، إشكالية أخرى مقلقة تحتاج بحث، ودراسة أثارها السلبية، وخاصة فقدان ثقة الجمهور بها.
الرقابة المسبقة على المحتوى من قبل بعض إدارات التحرير داخل المؤسسات الإعلامية خارج المحددات المهنية، والانتهاكات المتلازمة مع الإفلات من العقاب ظواهر لا يمكن تجاهلها، أو إنكارها، وإيجاد منظومة حلول مسألة غير قابلة للتأجيل، والتسويف.
سمعت من وزير الدولة لشؤون الإعلام، الزميل فيصل الشبول أن هناك خطة للمباشرة في تعديل قانون حق الحصول على المعلومات، وكذلك الجرائم الإلكترونية، واهتمام بفكرة تأسيس مجلس الشكاوى، وأيضا صندوق مستقل لدعم الإعلام، بما يتطلبه ذلك من استكمال بناء الأجسام الممثلة لكل صانعي العملية الإعلامية؛ وهذا جيد، ونريد أن تبدأ ورشة العمل حتى لا يظل الكلام أمنيات لا تتحقق.
الاشتباك الإيجابي هو الوسيلة الوحيدة للتغيير، وهذا أساسه الحوار، والمبادرات الخلاقة، والعمل المنتج، وبالتأكيد إدارة الظهر ليس منهجنا، ونبتهج بكل نجاح، أو تقدم مهما كان، فهذه بلادنا، وهي تستحق الأفضل.