حرية – (29/5/2022)
يشكل حذف مصرف الرشيد المملوك للدولة العراقية من قائمة العقوبات الدولية لميثاق الأمم المتحدة، والذي جاء بموجب الوثيقة الصادرة في 18 أبريل/نيسان الماضي، مصدر قوة للمصرف في تعظيم أعماله الدولية، والتبادل التجاري، بعد سنوات من الركود.
ويعد مصرف الرشيد ثاني أكبر مصرف حكومي في العراق (بعد مصرف الرافدين)، تأسس عام 1988 بموجب القانون رقم (52) وأصبح شركة عامة بموجب قانون الشركات العامة رقم (22) لسنة 1997، ويخضع لرقابة البنك المركزي العراقي وديوان الرقابة المالية.
وقد حدد نظامه الداخلي رقم (7) لسنة 1998 أهدافه في دعم الاقتصاد الوطني في مجال الصيرفة التجارية واستثمار الأموال وتقديم التمويل لمختلف القطاعات وفق خطط التنمية والقرارات التخطيطية، إذ يمتلك 151 فرعا منتشرة في أنحاء العراق كافة.
العقوبات الاقتصادية التي فرضت على العراق خلال تسعينيات القرن الماضي خلقت مشاكل كبيرة على جميع المستويات، وأهمها افتقار البنوك للبنى التحتية، والديون الكبيرة على المصارف، والأصول الميتة التي فقدت قيمتها الحقيقية، وبعضها يمتد للحرب العراقية الإيرانية.
أسباب الحظر
وعن سبب العقوبات الأممية على مصرف الرشيد، قال مديره العام الأسبق عبد الهادي صادق إن مجلس الأمن وبموجب القرارات التي أصدرها عام 1990 فرض الحجوزات على أرصدة المؤسسات المالية العراقية، من بينها مصرف الرشيد منذ دخول الجيش العراقي إلى الكويت في أغسطس/آب 1990.
وقال صادق إن أرصدة مصرف الرشيد عند فرض قرار الحجز كانت قليلة نسبيا كون المصرف باشر عمله الفعلي بداية العام 1989.
وأشار إلى أن المصارف الحكومية -ومنها الرشيد- لم تتح لها الفرصة قبل دخول الجيش العراقي للكويت من أجل المناورة بأرصدتها المالية، لأن قرار الدخول وقتها كان على درجة عالية من السرية.
ويلفت المتحدث إلى أن رفع العقوبات من شأنه أن يمنع تعرض مصرف الرشيد لأي مخاطر بعد التأكد من تقادم أي دعاوى من المستفيدين من الاعتمادات المفتوحة من قبل المصرف.
إجراءات الرشيد
بدورها، قالت مسؤولة الإعلام في مصرف الرشيد آمال الشويلي إن حذف اسم المصرف من قائمة العقوبات الدولية لميثاق الأمم المتحدة يعد خطوة متقدمة ستنقل التعامل المصرفي إلى مستويات طالما ابتعد عنها وعن مصاف البنوك المتقدمة من حيث التعاملات الحديثة التي سارت عليها البنوك العربية والعالمية.
وأضافت الشويلي أن قرار إلغاء العقوبات جاء نتيجة الجهود المتواصلة التي بذلت من قبل الحكومة العراقية ممثلة بوزارة المالية ووزارة الخارجية والممثلية الدائمة لجمهورية العراق لدى الأمم المتحدة وإدارة مصرف الرشيد.
ولفتت إلى أن قرار العقوبات الدولية اعتبر كافة الأموال والأصول ملكا لحكومة العراق السابقة، وعلى هذا الأساس تم وضع اسم مصرف الرشيد في قائمة العقوبات الدولية.
انعكاسات مباشرة
من جهته، يرى المستشار المالي للحكومة العراقية الدكتور مظهر محمد صالح أن قرار رفع الحظر يتيح للمصرف التجاري الحكومي الكبير ممارسة الصيرفة الدولية عبر عدة أدوات.
وحدد صالح تلك الأدوات، ذلك بأن تكون من خلال فتح الاعتمادات المستندية لتمويل التجارة الخارجية للقطاع الخاص عبر استعادة علاقاته المصرفية مع سلسلة المرسلين المصرفيين في العالم.
ويعني ذلك -وفق صالح- أن المصرف سيحظى بثقة النظام المصرفي العالمي والأسواق المالية الدولية -وتحديدا بتحصيل خطوط الائتمان الداعمة- لتمويل التجارة الخارجية لزبائنه من القطاع الخاص العراقي بأقل التكاليف، بسبب إزالة أحد أهم المخاطر المصرفية، وهي المخاطر السياسية.
وإضافة إلى ذلك سيتيح القرار للمصرف فتح فروعه خارج البلاد، ولا سيما في بلدان مهمة تمثل مراكز للصيرفة الدولية والتعاملات المالية المرتبطة بها، حسب المستشار الحكومي.
البيروقراطية المصرفية
بدوره، كشف الخبير المصرفي الدولي عقيل الأنصاري عن افتقار مصرف الرشيد إلى أهم البنى التحتية الحقيقية، كالصراف الآلي والمنتجات المصرفية وتطبيق تعليمات الشمول المالي التي يتبناها القطاع المصرفي العراقي.
وقال الأنصاري إن البيروقراطية بعمل مصرف الرشيد هي سبب ابتعاده عن المنافسة المصرفية، وذلك لانتفاء الحاجة لها كون الودائع والقروض الحكومية هي العمل الرئيسي له، فيما تدفع رواتب العاملين فيه من وزارة المالية (المالكة للمصارف الحكومية).
ولفت إلى أن العقوبات الأممية لم تمنع المصرف من العمل في الأسواق المحلية وتطوير منتجاته المصرفية وكوادره العاملة، إضافة إلى أنها لم تمنع التخطيط الإستراتيجي أو المشاركة في تطوير القطاع المصرفي.
وخلص الأنصاري إلى ضرورة هيكلة مصرف الرشيد، وتأسيس مصرف جديد يكون نواة حقيقية للعمل المصرفي الساعي لتطوير الاقتصاد العراقي، بحيث يكون مبنيا على أسس علمية وتكنولوجيا حديثة مع رؤية واضحة بعد تنظيم ملكية المصرف لتكون بطريقة الأسهم وتطرح في سوق العراق للأوراق المالية كبقية مصارف العالم.