حرية – (8/6/2022)
تُشخص جوديث حالة ”المريضة“ وترتـأي إجراء جراحة لها وإعادة خياطتها في مستشفى الدمى الفنزويلي الذي تعمل متطوعة فيه، والذي تولى منذ العام 2017 تصليح وإعادة تدوير أكثر من 30 ألف دمية سلّمها للمدارس والجمعيات في الأحياء الفقيرة.
يتلقى مستشفى الدمى المحشوة الواقع في منزل مؤسِّسَته المعلّمة ليليان جلوك (63 عاما) كل أسبوع مئات الألعاب التي تحتاج إلى تصليح، تُفرز أولا إلى فئات، فمنها ما ينتمي إلى عائلة باربي، ويمثّل بعضها حيوانات، ويتحدر قسم ثالث إلى عالم ميكي، ويصنّف نوع رابع ضمن ألعاب الأطفال الصغار.
وتشرح جلوك أن ”آلية العمل في مستشفى الدمى المحشوة تشبه تلك المعتمدة في أي مستشفى آخر“، مشيرة إلى أن ”المرضى يأتون من الشارع“.
وبالتفصيل، ”تُجرى للدمى المحشوة عمليات خياطة، ويتم غسلها وتصليحها، وإذا كانت عيونها مفقوءة تُزوَّد بعيون بديلة، ويجري تمشيط شعرها، وتُلفّ بشريط جميل، وتُرفق بها بطاقة يُكتب عليها نصّ جميل جدا يدعو الأولاد إلى أن يعتنوا بها ويقدموها كهدية لآخرين عندما يكبرون“، بحسب جلوك.
وتنتظر أكثر من 300 دمية إعادة حياكتها في غرفة تُستخدم كمَشغل تتولى العمل فيه مجموعة من المتطوعات، لكل منهن مهمتها المحددة.
فبين هؤلاء من تهتم بتنظيف الألعاب وخياطتها بعناية، فيما تنهمك أخريات بطلاء الدمى التالفة.
وتنكبّ مجموعة من المتطوعات على حياكة الأزياء الصغيرة للدمى، وهي من المهام المفضلة لدى جوديث.
وتتأثر الجدة الكبرى، البالغة 90 عاما، بالعرفان الذي تعبّر عنه عيون الأطفال، وتقول: ”أحب رؤيتهم عندما نصل حاملين الألعاب التي ينتظرون الحصول عليها. لا يمكن تخيّل ما تعبّر عنه عيونهم في هذه اللحظة. يشعر المرء بفرح كبير جدًا عندما يراهم على هذا النحو“.
وتُغلّف بعناية كل دمية تقدّم إلى الأطفال. وتشدد ليليان جلوك على أن كل التفاصيل مهمة؛ إذ إنها مقتنعة بأن مراعاة ”كرامة“ هؤلاء تقتضي أن تكون الألعاب التي يتلقونها في حال جيدة وموضبة بعناية.
الحق في اللعب
وتشرح جلوك سبب اهتمامها إلى هذه الدرجة بتوزيع الألعاب، وتقول إن ”الكثير من الأشخاص يتبرعون للمحتاجين بالطعام“، بعد أن بات أكثر من 76 % من سكان فنزويلا يعانون الفقر المدقع، وفقا لدراسة أجرتها جامعة اندريس بيّو الكاثوليكية الخاصة.
لكنّها ترى أن تقديم الطعام لا يكفي، وتضيف: ”أطفالنا يجب أن يأكلوا طبعا، لكن اللعب والضحك هما أيضا جزء من احتياجاتهم الأساسية“.
وتؤيد وجهة نظرها هذه طبيبة الأطفال ماريا خوسيه رودريغيز التي تطوعت في الجمعية منذ أن تلقى المرضى في عيادتها تبرعات من مستشفى الدمى.
وإذ تقرّ هذه الطبيبة، البالغة 47 عاما“ أن ”الدمية لن تنقذ طفلا من سوء التغذية، لكن اللعب حاجة أساسية، وينبغي أن يتمتع الأطفال بهذا الحق“.
وفي مدرسة ابتدائية في بيتاري، أكبر حي عشوائي في فنزويلا، يقول إلياس، البالغ عشرة أعوام، بفرح بعد تلقيه لعبة مع حقيبة وعلبة أقلام وسكاكر: ”لا أكترث لكونها مرممة، ما دمت استطيع اللعب بها“.
وتنص الرسالة المصاحبة على ما يأتي: ”مرحبا، أنا دميتك الجديدة، لدي خبرة لأنني سبق أن لعبت مع طفل آخر، أحببني واعتنِ بي. وعندما تكبر، ستعطيني لطفل آخر سيحبني مثلك“.
وتعتبر مديرة المدرسة ماريليجيا مورينو أن الألعاب بمثابة غذاء ”عاطفي“ للأطفال، وخصوصا البعض منهم الذين يعانون إهمال أهلهم.
وتقول: ”الحيوانات المحشوة لن تعوّض عن هذا الغياب، لكنها وسيلة تساعد الأطفال على التعبير عن أنفسهم.. وإعطاء الحب الذي قد لا يكون لديهم في الوقت الراهن أحد يعطونه له“.