حرية – (19/6/2022)
اكتشاف حطام سفينتين خلال البحث عن كنوز “سان خوسيه” في البحر الكاريبي
أدى التطور التكنولوجي إلى فتح باب التنافس حول مصير مئات آلاف السفن الغارقة في أعماق البحار والمحيطات منذ مئات السنين، والتي يحتوي بعضها على أطنان من كنوز الذهب والفضة والقطع النفيسة.
وبعد أن بقيت تلك السفن لقرون غارقة تحت المياه من دون أن يتمكن الإنسان من الوصول إليها، أتاحت الوسائل الجديدة للغواصين الوصول إلى الأعماق ليكتشفوا الكنوز المدفونة في تلك السفن.
وأطلق ذلك سباقاً للبحث عن تلك السفن أدى إلى مشاكل قانونية تتعلق بصاحب الحق في عوائدها، وعما إذا كانت تعتبر إرثاً إنسانياً أو تعود لمن يعثر عليها من الغواصين والشركات الربحية.
ولأن الصين ودول شرق آسيا كانت خلال القرون الماضية مركز الصناعة والتجارة، فإن أكثر السفن الغارقة تقع قبالة سواحلها الجنوبية، حيث كانت السفن المحلمة بالبضائع تنطلق باتجاه دول العالم.
ذهب ومعادن ثمينة
واكشتف الباحث البريطاني مايكل هاتشر وجود هيكل سفينة (نانكينغ) الغارقة منذ عام 1750 قبالة ساحل بحر الصين. وخلال غوصه داخلها عثر على صناديق فيها صحون من البورسلان الصيني.
وبعد السفن التجارية المنطلقة من الصين، تأتي السفن المحملة بأطنان الذهب والمعادن الثمينة من أميركا الجنوبية في اتجاه أوروبا خلال الحقبة الاستعمارية منذ القرن السابع عشر.
ووصفت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو) تلك الحقبة بأنها “الأكثر فقداناً للسفن المحملة بالكنوز”. وكانت نحو 4 آلاف سفينة تبحر سنوياً من مناطق في أميركا الجنوبية إلى أوروبا محملة بأكثر من أربعة ملايين طن من الذهب في العام.
ونقل الإسبان والبريطانيون ثروات تلك الدول بالسفن الشراعية إلى ميناء هافانا بكوبا، قبل أن يعاد شحنها بواسطة أساطيل بحرية إلى أوروبا.
لكن عُشر تلك السفن كان يغرق بفعل أمواج البحار العاتية في البحر؛ حيث يقدر خبراء وجود نحو ثلاثة آلاف هيكل وحطام سفينة غرقت أمام سواحل كوبا.
ويشير الخبراء إلى أن تلك السفن كانت تحمل ما قيمته عشرات مليارات الدولارات أي ما يزيد على الموجود من ذهب في خزائن مصارف مدريد الإسبانية.
وفي عام 1708 أغرق الأسطول البريطاني سفينة “سان خوسيه” الإسبانية قبالة السواحل الكولومبية، وهي تحمل 200 طن من الذهب والفضة والزمرد.
“أثمن كنز في تاريخ البشرية”
واكتشف حطام السفينة التي تعد من أضخم السفن الإسبانية حينها عام 2015 بعد سنوات طويلة من بحث الغواصين عنها. وقامت البحرية الكولومبية بأربع حملات للبحث عنها على عمق 950 متراً باستخدام معدات عالية يتم التحكم فيها عن بعد.
ويومها أعلن الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس أن اكتشاف حطام السفينة الإسبانية يعتبر “أثمن كنز تم اكتشافه في تاريخ البشرية”، وعرض تمويل عملية انتشالها بجزء من الثروة التي تم العثور عليها.
لكن خليفته إيفان دوكي أمر بتجميد منح العقود لمشغلي القطاع الخاص لضمان بقاء الكنوز المستردة في كولومبيا، وأعلنت السلطات الكولومبية تخليد السفينة في “متحف للقوارب الغارقة”.
وقبل أسابيع أعلن دوكي اكتشاف حطام سفينتين تاريخيتين أخريين قرب السفينة “سان خوسيه”، وذلك خلال عملية مراقبة للسفينة.
وفي عام 2018 أعلنت السلطات اليونانية العثور على أكثر من 58 سفينة في بحر إيجه تحوي كثيراً من القطع الأثرية، في ما اعتبر أكبر عدد من حطام السفن يجري الكشف عنه في البحر المتوسط.
وتعود تلك السفن لعصور مختلفة منذ اليونان القديمة وحتى القرن العشرين، ومعظمها من العصر اليوناني والروماني والبيزنطي. ويقول الخبراء، إن ذلك الحطام يروي قصة مدهشة تظهر كيف أن كثيراً من السفن المحملة بالبضائع واجهت مصيراً مشؤوماً بسبب العواصف المفاجئة.
وقال عالم الآثار الغارقة بيتر كامبل، إن الاكتشاف في بحر إيجه “أحد أهم الاكتشافات الأثرية لهذا القرن”، مشيراً إلى أنه “يروي قصة جديدة عن الطريق البحري الذي كان يربط البحر المتوسط القديم”.
وأكثر من 90 في المئة من الحطام عبارة عن قوارير كانت تستخدم لنقل السوائل وأشباه السوائل كالخمور والزيت ومرق السمك وعسل النحل.
البحر الأحمر
وفي البحر الأحمر كشفت أعمال المسح التي تجريها السعودية بمشاركة مراكز أبحاث أكثر من 50 موقعاً لحطام سفن غارقة ما بين حربية وسياحية وتجارية تعود لفترات زمنية متعددة.
وفي فبراير (شباط) الماضي أعلنت هيئة التراث السعودية العثور على المئات من القطع الأثرية في سفينة غارقة عثر عليها قبالة سواحل حقل في البحر الأحمر.
وأضافت الهيئة، أن التقارير تشير إلى أن السفينة ربما تعرضت إلى حادث اصطدام بجبل من الشعاب المرجانية، أدى إلى تحطمها وسقوط حمولتها.
وقرب مدينة أملج عُثر على سفينة تعود إلى القرن الثامن عشر وهي تحتوي على نحو ألف جرة ملتصقة ببعضها وأحواض كبيرة وأكواب من البورسلان الصيني.
وبعد 20 سنة من أعمال البحث اكتشف خبراء في أستراليا في فبراير من العام الجاري “حطام إحدى أهم السفن في تاريخ جنوب المحيط الهادي” بعد إغراقها منذ أكثر من 200 عام.
وعثر الخبراء على حطام السفينة (إنديفور) التي استخدمها المستكشف البريطاني جيمس كوك في رحلته الأولى الاستكشافية إلى المحيط الهادي بين عامي 1768 و1771.