حرية – 24/6/2022
عدَّ تقرير لبناني، الجمعة، عودة قوى الإطار التنسيقي إلى سباق تشكيل الحكومة العراقية الجديدة “فشلاً” للتحالف الثلاثي، فيما أشار الى ان إيران تمكنت بصورة مباشرة، وبمعزل عن حلفائها، من إعادة تصويب ما تراه “انحرافاً” أُريد أخذ العراق إليه.
وذكرت صحفية “الاخبار” المقربة من “حزب الله” اللبناني، في تقرير اطلعت عليه “حرية” (24 حزيران 2022)، ان “طريق تشكيل الحكومة أصبح أسهل، ولكن بقدْر ما توجد فرصة لـ«الإطار» لاستدراك أخطاء الماضي، ثمّة تحدّيات هائلة أمامه، فالمعركة الحقيقية ستنطلق بعد التشكيل، حيث ستكون الكلمة للشارع، خاصة بوجود «التيار الصدري»، وهو تيار جماهيري كبير داخل الدولة وفي الشارع”.
وفيما يلي نص التقرير:
باكتمال عقْد البرلمان العراقي مجدّداً، مع أداء النواب البُدلاء من نوّاب «التيار الصدري» المستقيلين، اليمين الدستورية، تكون العملية السياسية في العراق قد حظيت بفرصة انطلاقة جديدة، بعد انسداد استمرّ منذ الانتخابات التشريعية التي جرت في العاشر من تشرين الأول الماضي.
ولعلّ ما يعزّز حظوظ هذه الانطلاقة، وجود تفاهمات غير معلَنة بين أطرافها، تُرجمت أمس بحضور كتلتَي «الحزب الديموقراطي الكردستاني» و«تحالف السيادة»، اللذين كانا شريكَي مقتدى الصدر في التحالف الثلاثي، جلسة أداء القسم. إلّا أنه حتى لو تمكّن «الإطار التنسيقي» من تشكيل الحكومة التي يريدها، فسيجد نفسه أمام اختبارات غير سهلة، خصوصاً أن الصدر لن يجلس مكتوف اليدين، وسيبادر حتماً إلى محاولة قطف ثمار ما يزرعه اليوم، بمجرّد أن تحين له الفرصة
على رغم الصعوبات المستمرّة أمام العملية السياسية في العراق، ولا سيما منها التحرّكات التي يمكن أن يلجأ إليها «التيار الصدري» المنسحِب من السياسة، في الشارع، إلّا أن الأجواء التي رافقت انعقاد جلسة مجلس النواب، أمس، أوحت بوجود فرصة لتشكيل حكومة لأوّل مرّة منذ الانتخابات، حيث أقسم 64 نائباً جديداً اليمين الدستورية كبُدلاء لنواب «التيار الصدري» المستقيلين، بينما تَخلّف تسعة من البدلاء عن حضور الجلسة التي شارك فيها 202 نائب، من أصل 329 عضواً يتكوّن منهم المجلس. وسمحت ترتيبات غير معلَنة، تمّ التوصّل إليها بين «الإطار التنسيقي» الذي سيصبح الكتلة الأكبر في مجلس النواب نتيجة انتماء غالبية البُدلاء إلى قواه السياسية، و«الحزب الديموقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود بارزاني، بانعقاد الجلسة، في إطار «تفاهمات على أن حقوق المكوّن (الكردي) وحكومة إقليم كردستان لن تُهمَّش»، على حدّ تعبير النائبة عن «الديموقراطي»، إخلاص الدليمي، التي قالت إن «الإطار أعطى ضمانات لحلّ المشاكل الكثيرة بين بغداد وأربيل». وعن تلك الضمانات، يوضح القيادي في «الديموقراطي»، وفاء محمد كريم، في حديث إلى «الأخبار»، أن «الضمانات تُعطى عبر تشكيل الحكومة، ولدينا الوقت الكافي لهذا الموضوع ومناقشة شروطنا، بعد حسم أمرنا إمّا بالمشاركة في الحكومة وإمّا بالذهاب إلى المعارضة وتفعيل الثلث المعطّل». وكان رئيس مجلس النواب، محمد الحلبوسي، أعلن «أنّنا بدأنا الطريق من أجل الشعب، وسنمضي كلٌّ من موقعه الوطني داخل البرلمان وخارجه لتحقيق الإصلاح»، مُوجِّهاً «شكراً بحجم العراق إلى السيد مقتدى الصدر المضحّي بلا ثمن والحاضر دائماً».
وينتمي أغلب البدلاء إلى «الإطار التنسيقي»، بما يجعله أكبر تكتّل في المجلس بتركيبته الجديدة، ويعطيه حقّ اختيار رئيس الحكومة المقبلة، إذ سيصبح عدد أعضائه، وفق التقديرات، 160 نائباً، الأمر الذي من شأنه تسهيل تشكيل الحكومة إذا وَقع الاتفاق مع ممثّلي المُكوِّنَين «الكردي» و«السني»، وتحديداً الحلبوسي وبارزاني. لكن ما زال يتعيّن على «التنسيقي» التوفيق بين تلبية مطالب بارزاني، وبين الالتزام بتحالفه مع منافِس الأخير، «الاتحاد الوطني الكردستاني»، وخاصة لناحية انتخاب رئيس للجمهورية، حيث يَعتبر «الاتحاد» أن المنصب يجب أن يكون لِمَن يختاره هو، وفق اتّفاق يعود إلى عام 2006 مع «الديموقراطي»، إلّا أن بارزاني حاول التملّص من ذلك الاتفاق والاستحواذ على المنصب، مستنداً إلى تحالفه الثلاثي مع الصدر والحلبوسي.
على أن الوصول إلى هذه المرحلة، لم يكن إلّا نتاج الانسداد السياسي الذي نجم عن إصرار الصدر وشريكَيه في «الثلاثي» على رفض العودة إلى الحكومات التوافقية، وتشكيل ما سمّوه حكومة «غالبية وطنية» تحت شعار مكافحة الفساد، وهو ما فشلوا في تحقيقه دستورياً بسبب عدم امتلاكهم غالبية الثلثَين لانتخاب رئيس للجمهورية. وقد لعب جزء من المستقلّين دوراً، إلى جانب «التنسيقي»، في إفشال هذه العملية، فيما يُنتظر أن يكون لهؤلاء دور أساسي أيضاً في البرلمان بتركيبته الجديدة، كونهم الرابح الثاني من دخول البُدلاء بعد «الإطار»، إذ ارتفع عددهم من 40 نائباً إلى نحو 58، إذا ما احتُسب من ضمنهم أعضاء كتلة «حركة امتداد» التي ازدادت حصّتها من 9 إلى 16 مقعداً. ومن هنا، سيتعيّن على «التنسيقي» أخْذ مطالبهم في الحسبان، ولا سيما أن بعضهم خرج من رحِم التظاهرات المطلبية التي دعت إلى مكافحة الفساد وتأمين عيش لائق للعراقيين، باستخدام ثروة البلد الهائلة التي يُهدر معظمها.
لكن السبب الرئيس لفشل «الثلاثي»، كان عدم قدرة أطرافه على تغيير تموضع العراق الإقليمي، حيث تمكّنت إيران، بصورة مباشرة، وبمعزل عن حلفائها، من إعادة تصويب ما تراه «انحرافاً» أُريد أخذ البلد إليه، إذ إن بروز تهديد لأمنها القومي، عبر جعل الدولة الجارة لها ساحة معادية، وهو ما بدأت بوادره من خلال اعتداءات نُفّذت ضدّ المدن الإيرانية انطلاقاً من إقليم كردستان وتَورّط فيها «الموساد»، حدا بها إلى الردّ المباشر بقصف أحد المقرّات التي تؤوي الجهاز الإسرائيلي في أربيل بالصواريخ. وقد دفع ذلك شريكَي الصدر في التحالف إلى إعادة حساباتهما، حتى قبل أن ينسحب الرجل، بل ربّما كانت إعادة الحسابات تلك من بين أسباب انسحابه.
الآن أصبح طريق تشكيل الحكومة أسهل، ولكن بقدْر ما توجد فرصة لـ«الإطار» لاستدراك أخطاء الماضي، ثمّة تحدّيات هائلة أمامه. فالمعركة الحقيقية ستنطلق بعد التشكيل، حيث ستكون الكلمة للشارع، خاصة بوجود «التيار الصدري»، وهو تيار جماهيري كبير داخل الدولة وفي الشارع، خارج العملية السياسية، إذ سيستغلّ أي فشل للحكومة المقبلة لتحريك هذا الشارع، وحينها سيحصد ثمار ما يزرعه حالياً.