حرية – (5/7/2022)
يقف المزارع الأوكراني سيرغي ليوبارسكي في أحد حقول القمح الضخمة الخاصة به في جنوب شرقي أوكرانيا متسائلا كيف سيتمكن من حصاد محاصيله، في ظل النقص الحاد في الوقود وخطر القصف الروسي.
ويقول ليوبارسكي “يبدأ الحصاد عادة في 15 تموز/يوليو، لكن الديزل باهظ الثمن، هذا إن وجد”.
حصادته القديمة متوقفة في مزرعته في بلدة راي اولكساندريفكا الواقعة قرب مواقع تسيطر عليها القوات الروسية على الجانب الآخر من التل، على مسافة حوالى 30 كيلومترا غرب مدينة لوغانسك.
يزرع ليوبارسكي 170 هكتارا من الأراضي، ينتج معظمها القمح لكن أيضا الشعير ودوّار الشمس، وكلها حبوب ارتفعت أسعارها في الأسواق العالمية خصوصا منذ الغزو الروسي لأوكرانيا التي تعتبر منتجا رئيسيا للقمح في العالم، لكنه أُجبر على ترك 40 هكتارا بورا.
ويضيف المزارع “لم نتمكن من شراء بذور الذرة لأن الحرب كانت قد بدأت” في نهاية شباط/فبراير، واستغرق وصول البذور المستوردة ما يصل إلى شهرين. ويوضح أن الأرض غير المزروعة راهنا “يستخدمها الجيش جزئيا لتخزين معدات عسكرية” فيما يشير إلى تلة قريبة ويقول “انظروا، الجنود الروس هناك، على مسافة ثمانية كيلومترات”.
أما بالنسبة إلى القمح، فإن الوقت ينفد. ويتابع ليوبارسكي “يمكننا الانتظار حتى 10 آب/أغسطس على أبعد تقدير، لكن بعد ذلك التاريخ، ستيبس الحبوب وتسقط على الأرض”.
لعب البوكر
كذلك، يعتقد مزارع آخر هو أناتولي مويسينكو من البلدة نفسها، أن الأمور غير مؤكدة.
ورغم أن لديه ما يكفي من الديزل لحصاد قمحه، فهو قلق من تقدّم القتال. ويقول “المشكلة هي الحرب. هل سيكون الحصاد ممكنا أم أن الصواريخ ستسقط مجددا؟” فيما كان جنود أوكرانيون يزيلون رأس صاروخ سقط على ما يبدو في حقله.
ويضيف مبتسما أن الحصاد “يشبه إلى حد ما لعب البوكر”.
وفي بلدة ريزنيكيفكا المجاورة، يعلم ياروسلاف كوخان أنه فقد بالفعل 40 هكتارا من القمح التي يملكها. فعادة، يهتم ابنه بالحصاد، كما يقول، لأن هذا المتقاعد البالغ 61 عاما لم يعد يستخدم الجرار الزراعي أو الحصادة.
لكن في عام 2014، ذهب ابنه للعيش في كراسنودار في جنوب روسيا، في السنة نفسها التي ضمت فيها موسكو شبه جزيرة القرم من أوكرانيا عقب انتفاضة شعبية في كييف.
ويروي كوخان أن ابنه اعتاد المجيء بالسيارة مرات عدة في السنة لزرع القمح وإزالة الأعشاب الضارة ثم حصاده. لكن هذا العام “كان من المقرر أن يأتي إلى أوكرانيا في 25 شباط/فبراير، وهو اليوم الذي يصادف عيد ميلاده، لكن الحرب اندلعت في اليوم السابق”، كما يضيف. لذلك لم يأتِ. ولو حصل ذلك لما كان بمقدوره العودة إلى منزل عائلته في روسيا لأن الذكور الأوكرانيين الذين تراوح أعمارهم بين 18 و60 عاما لا يمكنهم مغادرة البلاد بسبب التجنيد العسكري.
ماذا سيحل بقمحه؟
يقول كوخان بحزن وهو ينظر إلى الحقل خلف منزله “أعتقد أن عود كبريت سيفي بالمهمة”.
من جانبه، ما زال ليوبارسكي يأمل أن يتمكن من حصاد قمحه ويفكر في زهور دوار الشمس المقرر حصادها في أيلول/سبتمبر ويقول “بحلول ذلك الوقت، آمل أن يكون قد حل السلام!”.