حرية – (6/7/2022)
بدأ لبنان يصعد خطواته من اجل اعادة النازحين السوريين المقدرين بأكثر من مليون شخص الى بلادهم، وذلك بالتعاون مع دول اقليمية بينها العراق. وتعمل السلطات اللبنانية على ذلك ضمن تصور لمعادلة العودة لـ15 ألف نازح شهريا، بصيغة “ضيعة ضيعة، او ضاحية ضاحية”، وايضاً من خلال التشديد على قانونية اقاماتهم ووظائفهم على الأراضي السورية، وذلك في ظل أحد أسوأ ازمة معيشية يواجهها لبنان على مستوى العالم بحسب تأكيدات البنك الدولي.
وكان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي هدد في 20 حزيران/يونيو الماضي، قائلاً “ادعو المجتمع الدولي الى التعاون مع لبنان لاعادة النازحين السوريين الى بلدهم، والا فسيكون للبنان موقف ليس مستحبا على دول الغرب، وهو العمل على إخراج السوريين من لبنان بالطرق القانونية، من خلال تطبيق القوانين اللبنانية بحزم”.
وبحسب التقديرات الدولية هناك نحو مليون سوري يتواجدون على الاراضي اللبنانية منذ سنوات، لكن التقديرات اللبنانية تؤكد ان العدد يصل الى نحو 1.5 مليون سوري، اي اكثر من ثلث سكان لبنان حاليا، ويرفض هؤلاء العودة الى بلدهم الاصلي لاسباب متعددة بينها ان المساعدات الدولية والنقدية تقدم لهم لوجودهم في لبنان، ويخشون خسارتها في حال عودتهم.
ويحاول لبنان منذ شهور عديدة اقناع المنظمات الدولية والاغاثية بتقديم المساعدات الى السوريين في داخل الاراضي السورية لحثهم على العودة، لكن تلك المنظمات ترفض هذه الفكرة.
ويقول مسؤولون لبنانيون، إن لبنان لم يعد يملك ترف الوقت لتحمل مئات الاف النازحين على اراضيه وهو اصلا يواجه عجزا عن تأمين الخدمات الاساسية لمواطنيه من كهرباء وغذاء ووقود واستشفاء في وقت انهارت قيمة الليرة اللبنانية وسقطت معها شرائح اجتماعية وسكانية واسعة في براثن الفقر.
واستعادت الدولة السورية السيطرة على اكثر من ثلاثة ارباع اراضيها من ايدي التنظيمات المسلحة والارهابية، فيما لا تزال محافظة ادلب بقبضة الفصائل الارهابية وتخضع لما يشبه وقف اطلاق النار برعاية روسية -تركية.
وهناك بعض المناطق في الشمال السوري تحت سيطرة فصائل مدعومة من الاتراك، واخرى تابعة لقوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الكورد. كما تتواجد قوة من مئات الجنود الامريكيين في الشرق السوري. لكن معظم الاراضي السورية التي تسيطر عليها الدولة، تحظى بهدوء واستقرار ملحوظين.
وأعلن ميقاتي أنه “بعد 11 عاما على بدء الازمة السورية، لم تعد لدى لبنان القدرة على تحمل كل هذا العبء، لا سيما في ظل الظروف الحالية”.
وكان وزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار قال مؤخرا ان الدولة اللبنانية “ملتزمة بمبدأ عدم الاعادة القسرية للنازحين، ولكن الوضع لم يعد يحتمل ولم تعد الدولة قادرة على تحمل كلفة ضبط الامن في مخيمات النازحين والمناطق التي ينتشرون فيها”.
وأمس الثلاثاء، ترأس ميقاتي اجتماعا للجنة الوزراية المكلفة البحث في قضية النازحين السوريين، تضم وزراء الدفاع والداخلية والمهجرين والشؤون الاجتماعية والعمل بالاضافة الى الامن العام اللبناني، حيث قال وزير الشؤون الاجتماعية حجار “تداولنا في اقتراحات عدة، واتفقنا على خطوات عملية سنعلنها لاحقا”.
ومنذ العام 2015، لم تقدم الامم المتحدة سوى نحو 9 مليارات دولار في اطار مساعدة لبنان على استضافة مئات الاف النازحين السوريين، لكن المسؤولين اللبنانيين يؤكدون ان كلفة استضافة النازحين، كبدت لبنان مبالغ اكبر منذ لك بكثير في قطاعت الخدمات والطبابة والكهرباء والتعليم والنفايات والوظائف بالاضافة الى التأثيرات الديموغرافية على بلد يشهد توترات طائفية ومذهبية اساسا.
وقبل اجتماع اللجنة الوزارية امس الثلاثاء، طرح لبنان قضية النازحين خلال الاجتماع التشاوري لوزراء الخارجية العرب الذي انعقد في بيروت السبت الماضي، تحضيرا للقمة العربية المرتقبة في الجزائر في تشرين الثاني المقبل، حيث قال الرئيس اللبناني ميشال عون ان “لبنان لم يعد قادرا على تحمل العدد الكبير للاجئين والنازحين على أرضه، وموقف المجتمع الدولي لا يشجع على ايجاد حلول سريعة”.
وتأكيدا على مضي لبنان قدما في تحركه ايضا، قال وزير المهجرين عصام شرف الدين بعد لقائه الرئيس اللبناني امس الاثنين، ان هناك خطة لبنانية، تقضي باعادة 15 الف نازح شهريا الى بلدهم، وذلك بالتعاون مع دول عدة بينها العراق.
وقال شرف الدين انه “مرفوض كليا ان لا يعود النازحون السوريون الى بلادهم بعدما انتهت الحرب فيها وباتت آمنة”. واكد ان السلطات السورية “تمد يدها للتعاون في هذا الملف” حيث تجري اتصالات معها.
وتابع شرف الدين انه بالنسبة للجهات الدولية الممثلة بمفوض شؤون اللاجئين، فقد عقد اجتماع وهناك تفاهم على الطلب من الدولة السورية من اجل انشاء لجنة ثلاثية مشتركة من الدولة السورية، والدولة اللبنانية ومفوضية شؤون اللاجئين.
ولفت الوزير اللبناني الى ان لبنان طرح فكرة “ان يتلقى النازحون المساعدات المادية والعينية في سوريا، ولكن للأسف لم يلق هذا الامر صدى، وكنت قد توقعت ان يأتي الجواب سلبيا، فكانت لدينا فكرة اخرى تقوم على انه طالما ستكون العودة مرحلية على قاعدة كل شهر دفعة وفق البرنامج الذي اعدته الوزارة بالتعاون مع لجنة عودة النازحين ووزارة الشؤون الاجتماعية، لذلك طلبنا من المفوضية انه حين يحين دور ال15 الف نازح الذين يجب ان يعودوا كل شهر، توقيف المساعدات عنهم، لان دفع المساعدات لهم في لبنان يشكل، للأسف، حافزا لهم للبقاء في لبنان”.
وتحدث الوزير ايضا عن اتصالات جرت مع تركيا من خلال سفيرها في بيروت “الذي كان متفهما ومتعاونا الى حد بعيد، وهو جدي، واتفقنا على ان نضع الجانب الإنساني نصب اعيننا وابعاد الجانب السياسي عن هذا الموضوع، وان طريقتنا في الحل تقوم على العودة التدريجية المجزأة على اساس ضيعة ضيعة او ضاحية ضاحية، اما هم فلديهم فكرة بانشاء مكان عازل يتم إعادة النازحين اليه، وهذا موضوع سياسي لا شأن لنا به”.
وقال شرف الدين انه جرى الاتفاق “على تشكيل لجنة رباعية من الدولة التركية التي تستضيف 3.7 مليون نازح، ولبنان الذي يستضيف 1.5 مليون نازح والعراق الذي يستضيف 170 الف نازح والاردن الذي يستضيف 670 الف نازح، لتكون هناك مطالبة موحدة مع الجهات الاممية تسهل عودة النازحين ويكون لها الطابع الانساني”.
وعندما سئل الوزير اللبناني عما سيحصل في حال رفض بعض النازحين العودة، قال ان “الحرب في سوريا انتهت والبلد اصبح امنا، ومرفوض كليا الا يعود النازحون”، مضيفا انه بالنسبة الى المعارضين للنظام السوري، عليهم ان يتقدموا بكتاب تعهد الى الدولة السورية بالا يمارسوا أي عمل سلبي في الاراضي السورية، او ان المسألة تتحمل مفوضية اللاجئين مسؤوليتها في ترحيل هؤلاء الى دولة ثالثة”.
وعما اذا كانت هناك مهلة زمنية محددة لعودة النازحين، قال شرف الدين، “يجب ان نكون واقعيين، ان الدولة السورية وبناء على الإحصاءات التي اجرتها وزارة الداخلية اللبنانية، تقوم باخذ ضيعة ضيعة او ضاحية ضاحية، وعلى أساس ذلك، يتم الترحيل بحيث يعود النازحون ويكون مكان الايواء جاهزا وكل مستلمات العودة من طرقات ومدارس ومستشفيات وبنى تحتية وصرف صحي. لذلك لا يمكن إعادة مليون ونصف مليون نازح دفعة واحدة. لقد قلنا بمعدل 15 الف نازح في الشهر والامر يعتبر جيدا”.
وجرى تكليف وزير الداخلية بسام المولوي تقديم قانون يطرح على البرلمان، وينص على ان تكون بحوزة اي نازح سوري اجازة عمل وبطاقة اقامة.