حرية – (21/7/2022)
وجود متخصصين في التكيف البشري مع تغيرات المناخ بات أمراً ضرورياً
في صيف عام 2022 أصبحت درجات الحرارة ترتفع ثم ترتفع ثم تزداد ارتفاعاً في معظم أنحاء العالم، نحن بالطبع نعرف ذلك ونستعد له كل عام، لكن ما يحدث حالياً ليس صيفاً كما اعتدنا أن نعرفه بل هو شيء آخر مختلف فقد تحولت بلدان عدة خلابة في أوروبا إلى علب مشتعلة، فسجلت مئات الوفيات جراء موجة الحر الشديد التي تضرب القارة العجوز وجرى إجلاء آلاف الأسر.
هذا الارتفاع المطرد في درجات الحرارة قاد أيضاً إلى نشوب حرائق هائلة في مساحات واسعة من الغابات في عدد من الدول الأوروبية مشكلة خطراً صحياً كبيراً خصوصاً على الأطفال وكبار السن على الرغم من عدم تجاوز درجات الحرارة 40 درجة مئوية على خلاف ما يحدث في الشرق الأوسط حيث تصل درجات الحرارة إلى 51 درجة مئوية، مما جعل الطقس في الدول الأوروبية محور حديث الناس في المنطقة، ما الذي يحدث لكوكب الأرض؟ لماذا تقتل درجات الحرارة الأربعينية المئات في بعض دول العالم بينما يتعايش معها الناس في الشرق الأوسط؟
فقد سجلت بعض مناطق الشرق درجات حرارة مرتفعة نسبياً، ففي الكويت بلغت درجة الحرارة 43 درجة مئوية، بينما سجلت كل من عمان والإمارات والسعودية أكثر من 44 درجة مئوية ووصلت درجات الحرارة في العراق إلى 47 درجة مئوية وسجلت إيران ما يقرب من 42 درجة.
ولفهم ما يحدث بشكل مبسط، يشير الأكاديمي السعودي بقسم الجغرافيا بجامعة الملك سعود، فيصل المجلي إلى أن “مقدار الانحراف عن المعدلات الطبيعية هو السبب الرئيس في ذلك، حيث إن متوسط درجة الحرارة الكبرى في لندن خلال يوليو (تموز) يصل إلى 23 درجة مئوية فقط، إلا أن لندن سجلت الثلاثاء 19 يوليو، أكثر من 40 درجة مئوية. فدرجات الحرارة التي تعد عادية في بعض المناطق تمثل موجة حارة بالنسبة لمناطق أخرى، حيث يتوقف تعريفنا للموجة الحارة على المعدلات الطبيعية لمنطقة معينة”.
وأوضح المجلي أن “مقدار الانحراف عن درجات الحرارة الطبيعية تجاوز 17 درجة مئوية هناك، وقياساً على ذلك، فإن هذا يعني أن تسجل مدينة مثل الرياض 60 درجة مئوية فوق المتوسط الطبيعي الذي يقع في حدود 43 درجة مئوية للحرارة الكبرى في يوليو، وهذا الأمر بطبيعة الحال غير محتمل حتى لسكان المناطق الصحراوية”. وأضاف أن “الأنظمة الطبيعية والبشرية بمختلف مكوناتها لا تمتلك القدرة على التكيف بشكل سريع مع هذه التغيرات الشديدة وغير المسبوقة في درجات الحرارة، ولهذا نجد الحرائق تنتشر في أجزاء مختلفة من أوروبا نتيجة لدرجات الحرارة المتطرفة والمدفوعة بموجات الجفاف التي شهدتها أوروبا خلال الفترة الماضية”.
إن التكيف مع التغيرات المناخية بات ضرورة لا مفر منها، وتعرف اللجنة الدولية للتغيرات المناخية “إي بي سي سي” التكيف على أنه عملية التأقلم مع المناخ الفعلي أو المتوقع وتأثيراته في الأنظمة البشرية ويهدف التكيف إلى التخفيف من الأضرار أو تجنبها”.
وأشار المتخصص في شؤون المناخ إلى أن “كثرة الوفيات في الدول الأوروبية نتيجة لعدم الاستعداد وتكيف المجتمعات مع التغيير المفاجئ في المناخ، لأن قسماً كبيراً من سكان تلك الدول لا يملكون أجهزة تكييف كما هو مألوف في الدول الصحراوية الحارة، الأمر الذي يسهم بشكل كبير في زيادة مستويات الإجهاد الحراري والإعياء بالتالي ارتفاع احتمالية الوفاة نتيجة التعرض لدرجات الحرارة المرتفعة كما حدث في صيف 2003 حيث راح ضحية موجات الحر نحو 70 ألف نسمة في أجزاء واسعة من أوروبا، بالتالي من المرجح أن يشهد الطلب على خدمات التكييف في الدول الأوروبية ارتفاعاً ملحوظاً.
وتفاعل المغردون على الإنترنت مع موجة الحر بتعليقات لم تخل أحياناً من الظرافة، إذ تفاعل رسام الكاريكاتير السعودي عبد الله جابر باستمتاع العائلة السعودية بجمال الجو في لندن