حرية – (23/7/2022)
أحذية متروكة على الأرض، كراسِ مبعثرة في جدول مياه، دماء جافة على الأرض، هكذا بدا المشهد في المنتجع السياحي في جبال إقليم كردستان، بعد تعرضه لقصف دموي نسبته بغداد لتركيا، كما لو أن الزمن توقف عند تلك اللحظة، بحسب وصف وكالة فرانس برس.
وفي هذه المنطقة الريفية في قضاء زاخو، على بعد نحو 5 كيلومترات من الحدود مع تركيا، وقعت المأساة حين باغتت المدافع سياحا عراقيين قتل منهم 9 وأصيب 23 بجروح.
يقع المنتجع السياحي هذا حول جدول ماء قرب قرية برخ، تحيط به الأشجار والاكشاك ترحيبا بالزوار الذين يأتون هنا للترفيه عن أنفسهم في الطبيعة.
وعلى طاولة من البلاستيك، تركت بقايا طعام، وفي جدول المياه، تبعثرت المقاعد والكراسي البلاستيكية، وبقيت قرب الجدول نرجيلة تركها الزوار خلفهم، كما أفاد مصور فيديو في “فرانس برس”، زار المكان ضمن جولة نظمتها وزارة الإعلام في حكومة إقليم كردستان.
على الأرض، كانت الأحذية الصيفية في كل مكان، وبقع دماء جفت، واتهمت بغداد تركيا بأنها تقف خلف الهجوم، في حين “نفت أنقرة”أي مسؤولية ووجهت أصابع الاتهام إلى حزب العمال الكردستاني.
ويقول علي عثمان، صاحب متجر يبلغ من العمر 52 عاما، “يوميا، يزور هذا المكان ما يقارب 100 حافلة، بالإضافة إلى الذين يأتون بسياراتهم” موضحا أن “السياح العرب (العراقيون) يأتون بكثرة إلى هنا”.
ويضيف “قريتنا فيها ما يقارب 35 بيتا، أعتقد أنه في النهاية لن يكون هناك مكان للعيش، يجب أن نغادر هذه القرية”
كان الرجل في المكان يوم وقعت المأساة، ويقول “في ذلك الوقت لم نعرف ماذا نفعل، حتى أن بعض العائلات نسيت أطفالها وهربت، كما تركوا الضحايا خلفهم”.
وندد جزء كبير من الطبقة السياسية العراقية بما حصل، كما أثار الأمر الغضب الشعبي في العراق حيث تظاهر المئات في مختلف مناطق البلاد، في احتجاجات تخلل بعضها حرق للعلم التركي.
واستدعت بغداد السفير التركي للاحتجاج على القصف، وطالبت كذلك بانسحاب الجيش التركي من أراضيها، وأعلنت السلطات العراقية استدعاء القائم بأعمالها من أنقرة “وإيقاف إجراءات إرسال سفير جديد إلى تركيا”، بحسب بيان رسمي.
وفي وقت سابق، ندد رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، بالقصف معتبرا أن “القوات التركية (ارتكبت) مجددا انتهاكا صريحا وسافرا للسيادة العراقية”.
وقال التلفزيون العراقي الرسمي إن بغداد رفعت شكوى لدى مجلس الأمن الدولي على القصف التركي، وفق مراسل الحرة.
وتجمع عدد من المتظاهرين الغاضبين بالقرب من مكتب الفيزا التركي في محافظة النجف وأنزلوا العلم التركي، مطالبين بغلق المكتب، فيما دعا محتجون آخرون إلى تظاهرة في المحافظة احتجاجا على القصف.
وينفذ الجيش التركي باستمرار عمليات عبر الحدود ويشن غارات جوية على شمال العراق يقول إنها مواقع لحزب العمال الكردستاني.
ويستخدم حزب العمال الكردستاني، الذي أدرجته تركيا ودول أخرى على قائمة المنظمات الإرهابية منذ عقود، الجبال الشمالية في العراق نقطة انطلاق لعملياته في إطار التمرد المستمر منذ عقود ضد الدولة التركية وجيشها، وفقا لـ”رويترز”.
وفي أبريل الماضي، أطلقت تركيا عملية عسكرية ضد مسلحين أكراد في منطقة متينا شمالي العراق، شارك فيها نحو 5 آلاف جندي مدعومين بمروحيات وطائرات مسيرة وقوات خاصة نفذت عمليات إنزال، وفقا لـ”رويترز”.
وغالبية الضحايا هم من السياح العراقيين القادمين من وسط وجنوب البلاد، الذين يفرون من الحر في مناطقهم، إلى المناخ المعتدل في المناطق الجبلية في كردستان، حسب “فرانس برس”.