حرية – (28/7/2022)
بعد أن قام أنصار زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، باقتحام مبنى البرلمان العراقي داخل المنطقة الخضراء في بغداد، رفضاً للمحاصصة السياسية في البلاد، توجهت الأنظار إلى تلك المنطقة الحيوية التي تُعد القلب النابض للعراق ومركز السلطة في بغداد، والتي دائماً ما تشهد أحداثاً ساخنة.
ما هي المنطقة الخضراء في بغداد؟
”المنطقة الخضراء”، أو منطقة “كرادة مريم” قبل الغزو الأمريكي للعراق، هو شارع دولي بوسط العاصمة بغداد، تبلغ مساحته قرابة 10 كم²، بموقع استراتيجي جعلها شرياناً لمراكز السلطة في العراق.
تتضمن تلك المنطقة قصور رئيس النظام السابق صدام حسين، التي باتت مراكز للمسؤولين من بعده، وتضم أيضاً قصر المؤتمرات، وقصر السلام الذي يشغله رئيس الجمهورية العراقية.
يحتوي المكان كذلك على فندق الرشيد، ونصب الجندي المجهول، وقوس النصر الذي بناه صدام حسين، إبان الحرب العراقية-الإيرانية، وفي ساحة القوس كانت تتم الاستعراضات العسكرية والمسيرات قبل عام 2003.
وقد عُرفت المنطقة في عهد صدام بمنطقة “القصر الجمهوري”، حيث كانت محظورة على العراقيين، إلا من الحاصلين على أذون أمنية.
المنطقة الخضراء بعد الغزو الأمريكي للعراق
إبان الغزو الأمريكي، في أبريل/نيسان عام 2003، سيطرت القوات الأمريكية على المنطقة، وجعلت منها منطقة شديدة التحصين، وأطلقت عليها لقب “المنطقة الخضراء”؛ نتيجة لكثافة أشجار النخيل فيها.
كما سوَّرتها القوات الأمريكية آنذاك بحواجز وسواتر إسمنتية ونقاط خاصة للمراقبة، ومنعت العراقيين من دخولها إلا بتصاريح أمنية خاصة.
يحيط المنطقة الخضراء سور من الإسمنت الصلب بارتفاع 17 قدماً وسُمك قدم كامل تغطيه الأسلاك الشائكة، وهو يمتد عدة كيلومترات. وتمتلك المنطقة 4 منافذ، تتولى حمايتها القوات الخاصة التي تُعيِّنها الدولة.
مركز عمليات القوات الأمريكية
اتخذت قوات الاحتلال الأمريكي المنطقة الخضراء مركزاً للسلطة التي تولى مهامها المسؤول الأميركي، بول بريمر، عام 2003، كما ضمت السفارة الأميركية التي تعد أكبر السفارات في العالم هناك.
ولم يكن يُسمح بدخولها إلا من خلال هويات تعريفية تُمنح عادة للعاملين داخلها الذين وصل عددهم في تلك الفترة إلى نحو 5000 موظف فقط، بحسب موقع الجزيرة.نت.
وقد حوَّل الأميركيون المقار والقصور ومنازل المسؤولين السابقين في نظام صدام حسين إلى مقار لهم، إلى أن أصبحت المنطقة فيما بعد مقار حكومية مهمة، إضافة إلى منازل مسؤولين وسياسيين بارزين.
وكانت تلك المنطقة هي مقر اتخاذ جميع قرارات سلطة الاحتلال الأميركي في العراق حتى انسحابه كلياً في ديسمبر/كانون الأول عام 2011.
استهداف دائم للقلعة الحصينة
لطالما نظر العراقيون للمنطقة الخضراء، باعتبارها الجنة الحصينة التي يُحرمون منها، فهي المساحة الآمنة الوحيدة في البلاد التي تحتضن المؤسسات ومقار صنع القرار والبعثات الدبلوماسية وغيرها.
وهو الأمر الذي دائماً ما يجعلها في مرمى نيران القصف والتمرُّد والحراك الشعبي من قِبَل كافة أطياف الشارع السياسي في العراق.
ورغم اعتبارها الساحة الأمنية الأشد تحصيناً في الدولة، فقد تعرضت المنطقة الخضراء لسلسلة من التفجيرات وعمليات القصف الصاروخي من قِبَل مسلَّحين.
فبعد غزو العراق في 2003، واستقرار القوات الأمريكية والحكومة الانتقالية في المنطقة الخضراء، تعرضت القلعة الحصنية لسلسلةٍ متواصلةٍ من التفجيرات والقصف الصاروخي والمدفعي، بحسب موقع اخباري. وأبرز تلك العمليات مايلي:
- تم استهداف المنطقة الخضراء لأول مرة في أكتوبر/تشرين الأول عام 2004، حين تعرضت لتفجيرين تسببا في تدمير سوق ومقهى.
- في 12 أبريل/نيسان عام 2007، انفجرت قنبلة بمقر البرلمان العراقي، أسفرت عن مقتل برلماني، وإصابة 22 آخرين.
- في 2008 تعرّضت المنطقة لعدد من الهجمات، التي تسببت بسقوط عدد من الضحايا المدنيين والعسكريين، بينهم جنديان أميركيان.
- يعتبر اقتحام السفارة الأمريكية في 31 ديسمبر/كانون الأول عام 2019 من بين أبرز الأحداث في هذا الصدد، حيث تم اقتحام السفارة في المنطقة الخضراء من قبل محتجين يحملون رايات ميليشيات الحشد الشعبي وحزب الله العراقي.
- وفي 20 كانون الأول/ديسمبر 2020، أطلقت منظومة “سي- رام” رشقات لاعتراض صواريخ، بعد سقوط عدد منها في محيط السفارة.
- وشهد عام 2021 وحده قرابة 4 عمليات استهداف للمنطقة الخضراء بواسطة 10 صواريخ ومسيّرتين، بحسب صحيفة البيان، إضافة إلى محاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي.
كما حاولت ميليشيات الحشد الشعبي لأكثر من مرة اقتحام هذه المنطقة وحصار مقر الحكومة. ويشهد محيط السفارة الأمريكية استهدافات متكررة.
وشهد محيط المنطقة، أكتوبر/تشرين الأول الماضي، في أعقاب الانتخابات البرلمانية الأخيرة في العراق، تظاهرات لمحتجين اقتحموا المنطقة، وسط اشتباكات واسعة أسفرت عن سقوط قتلى.
عودة المنطقة الخضراء للسيطرة العراقية
مع مطلع عام 2009، تمّ تسليم السيطرة الكاملة على المنطقة الخضراء لقوات الأمن العراقية، بحسب موقع اخباري.
وبعد انتخاب حيدر العبادي رئيساً للحكومة العراقية عام 2015، أعطى أمراً بفتح المنطقة أمام المواطنين، مُعلناً إلغاء حواجز المنطقة الحكومية التي تأخذ مساحة واسعة من العاصمة بغداد.
وبالتالي سُمح لأول مرة للعراقيين بدخول مناطق محددة في المنطقة الخضراء مع إقرار بعض القيود آنذاك، ثم في 2018 تم فتح أجزاء أخرى من دون قيود لأول مرة منذ عام 2003.