حرية – (21/8/3022)
مع رؤية آن هاثاواي مرتدية فستاناً بلون زهري فاقع من تصميم فالانتينو، ومارغو روبي وريان غوسلينغ كدميتين بشريتين، يبدو أن “باربيكور” يخطف مشهد الموضة
عند تصفح موقع “إنستغرام” الآن، لن يتطلب الأمر كثيراً من الوقت حتى يدرك المرء “نحن جميعاً فتيات باربي يعشن في عالم باربي”. الفساتين الزهرية الفاقعة. ديكورات بلون الفوشيا تزين غرفة المعيشة في منزل إحداهن. زوج لطيف من أحذية التزلج على الجليد بلون وردي فاتح، كما قد يوحي المصطلح، فإن تبني “لون باربي” أو باربيكور Barbiecore يهدف إلى جعل اللون الزهري يطغى على كل شيء، وفقاً للمعايير الجمالية التقليدية للدمية الأصلية التي أطلقتها شركة ماتيل في عام 1959.
تشمل الأمثلة تلك الصور التي انتشرت بشكل واسع من موقع تصوير الفيلم المقبل “باربي” من إخراج غريتا غروينغ -الذي يلعب فيه كل من مارغو روبي ورايان غوسلينغ شخصيتي باربي وكين- والتعاون بين علامة باربي وعلامتي زارا وبالمان للأزياء، والعدد الذي لا يحصى من المنتجات باللون الزهري الفاقع التي تعرضها العلامات التجارية الفاخرة حالياً للبيع، مثل جاكيموس، وبالنشاغا، ولووي وفالنتينو. كان اللون يطغى على تشكيلة الأزياء الأحدث لهذه العلامة الراقية الأخيرة.
على كل حال لم يكن أي مما ورد مفاجئاً، حيث توقعت شركة “دبليو جي أس أن” للتنبؤ باتجاهات السوق صعود تيار “باربيكور” في مايو (أيار) عام 2020. وكان ذلك عندما أعلنت الشركة أن لون عام 2022 سيكون “لون زهرة الأوركيد”، وهو درجة من درجات الوردي الفاتح منسجم بشدة كما هو متوقع مع عالم باربي، وصفته الشركة بأنه “طيف أرغواني مشبع”.
توضح سارة ماجيوني، رئيسة قسم الملابس النسائية في “دبليو جي أس أن”، “سبب ازدهار هذا اللون في الوقت الحالي (ولماذا توقعنا ذلك) هو أنه يتمتع بخاصية تنشيطية… إنه لون مرح وجريء ومألوف للعين بطريقة لا تتمتع بها درجات الألوان الحيوية الأخرى”. يمكنكم اعتباره تطوراً لما يعرف بدرجة “الألفية” من اللون الزهري، تلك الدرجة الداكنة التي طغت على عالم الإنترنت وتقريباً كل المنشورات على موقع بنترست خلال معظم عام 2016. تضيف ماجيوني، “ربما تكون تلك الدرجة هيأت عين المستهلك لتقبل الطيف الجديد”.
إنه يشكل جزءاً من التوجه الحالي نحو ما يسمى ارتداء الملابس التي تزيد هرمون السعادة “الدوبامين”، أي الرغبة في عكس مزاج أكثر سعادة وأكثر تفاؤلاً من خلال الملابس، بعد فترات الإغلاق التي فرضها وباء كورونا. من نواح عديدة يعد باربيكور واحداً من اتجاهات الموضة العديدة التي تنتقم من الإطلالات المحايدة التي التزمنا بها عندما كنا جميعاً عالقين في منازلنا لأشهر متتالية.
لكن باربيكور لا يتعلق فقط بتبني درجة لونية معينة، لكنه مرتبط أيضاً بمزاج معين، مزاج ملازم للاستقلالية والثقة ويمكن توجيهه نحو ما تسميه شركة “دبليو جي أس أن” “الجمالية الأكثر جدية”. تقول ماجيوني “خذوا مثلاً الفساتين الضيقة، والتنانير القصيرة، والبلوزات التي تكشف منطقة البطن، وأحذية الكعب العالي الجريئة، وغير ذلك من الألوان والنقوش المرحة والمعززة لهرمون الدوبامين… كثير من هذه المنتجات كان يتحين فرصة انتشاره لفترة من الوقت، مدفوعاً على الغالب برغبة المستهلك في التأنق والخروج والاستمتاع بالحياة مرة أخرى”.
نظراً إلى الإرث الذي خلفته باربي في خمسينيات القرن الماضي فإن صعود باربيكور يتعلق أيضاً بهوس الموضة بالحنين إلى الماضي – وهو الشيء الذي أصبح واضحاً هذا العام بشكل خاص بفضل عودة ظهور صيحات من عام 2000 شهدناها هذا الموسم. تقول ماجيوني، “إنه عامل رئيس بالنسبة إلى شريحة من السكان عاشت تلك الأوقات وتسعى حالياً للحصول على شيء من الحنين في تلك الملابس المألوفة بالنسبة إليها، وكذلك أيضاً بالنسبة إلى فئة ديموغرافية جديدة تضفي طابعاً رومانسياً على الماضي”. حتى لو كان هذا الماضي واحداً لم يعيشوه بأنفسهم.
هذا هو السبب في أن كثيراً من الإطلالات باربيكور التي رأينا المشاهير يرتدونها -مثل بيلا حديد وزيندايا- قد دمجت عناصر من ثقافة عام 2000، سواء أكان ذلك توجه “قوة الفتيات” لدمى براتز التي كانت سائدة في بداية الألفية، أو أفلام مثل “شقراء قانونياً” Legally Blonde و”عديمة الحيلة” Clueless. في الأسابيع الأخيرة، دفع التوجه أيضاً بعض نقاد الموضة إلى التساؤل عن أثر باربيكور في النسوية.
مارغو روبي بدور باربي ورايان غوسليتغ بدور كين في فيلم “باربي” (وارنر بروس)
إن تبني باربيكور يحفز شيئاً أعمق حول تصورات النساء لأجسادهن وحياتهن الجنسية وكيف تتغير. توضح ماجيوني، “بالنسبة إلى الشابات يتعلق الأمر بتغيير نظرة الرجل… يرى عديد ممن يتبنون هذا الاتجاه أنه وسيلة لاستعادة (الجمال الصارخ) الذي كان مرادفاً في يوم من الأيام لباربي، وتحدي ما المعنى التقليدي للمصطلح، وإظهار [أن] الذكاء والملابس المثيرة عاملان يكمل أحدهما الآخر”.
ومن الجدير بالذكر أيضاً أن باربي نفسها خضعت لتأثير نسوي وأكثر شمولاً في السنوات الأخيرة. تختلف دمى اليوم كثيراً عن دمى باربي السابقة التي كانت بيضاء البشرة، وشقراء الشعر، ونحيلة الخصر، وكبيرة الصدر بشكل غير منطقي، وباتت الآن تشمل مجموعة واسعة من أشكال الجسم وألوان الشعر والأعراق.
في عام 2019 أطلقت شركة ماتيل مجموعة من الدمى “الشاملة للأجناس” التي تضمنت دمى بأجساد مختلفة – تمتلك إحداها طرفاً اصطناعياً وأخرى على كرسي متحرك. وفي الوقت نفسه أثبتت مجموعة “النساء الملهمات” التي أطلقتها العلامة التجارية حديثاً التزامها بتكريم النساء من جميع مناحي الحياة، من خلال الدمى المصممة على غرار شخصيات مختلفة من الناشطة الحقوقية الأميركية روزا باركس والكاتبة والشاعرة الأميركية مايا أنجيلو إلى عالمة الرئيسيات الإنجليزية الدكتورة جين غودال.
تقول ريبيكا أرنولد، محاضرة رفيعة في تاريخ الملابس والمنسوجات في معهد كورتولد للفنون، “تقليدياً، تشبه باربي بطلة خارقة تجسد أقصى درجات اللون الوردي، والأنوثة الطاغية، والسحر الناضج… لكنها أيضاً قابلة للتكيف بدرجة كبيرة، وقد أعادت شركة ماتيل تخيلها باستمرار منذ تصميمها لأول مرة في عام 1959 كي تكون مرتبطة بالمثل والتوجهات المعاصرة”.
من الواضح أن باربيكور يتجاوز بكثير ما تراه العين. نعم، إنه يتعلق بالاحتفال بلون بهيج شديد الأنوثة من نواح عديدة، ولكنه يهدف أيضاً إلى تحطيم التوقعات المجتمعية واستعادة الصور النمطية للأنوثة. تماماً كما يمكن للنسويات وضع مساحيق التجميل، يمكنهن أيضاً ارتداء اللون الزهري الفاقع، وهو متاح كذلك لأي شخص آخر.