حرية – (13/9/2022)
كما لندن، تعتزم كوبنهاغن توقيع اتفاقية مع رواندا لترحيل طالبي اللجوء والمهاجرين إليها. الحكومة الدنماركية، التي تبنت سياسة وصفت بالأكثر قسوة مقارنة بجيرانها، كانت قد سعت مسبقا لترحيل طالبي اللجوء لديها إلى دول أخرى، لكن يبدو أن اتفاقها مع رواندا بات على عتبة الانتهاء والتوقيع عليه بات قريبا. هل ستتمكن كوبنهاغن من المضي في المشروع قدما، أم أنها ستصطدم بجدار العدالة الإنسانية الأوروبية، كما حصل مع نظيرتها البريطانية؟
يبدو أن السياسة البريطانية لمكافحة الهجرة لاقت رواجا لدى حكومات بعض الدول الأوروبية الأخرى، خاصة لجهة ترحيل المهاجرين وطالبي اللجوء إلى دولة ثالثة، على غرار الاتفاق البريطاني مع رواندا. هذا ما يبدو أن الدنمارك على وشك القيام به، متجاهلة كم الانتقادات التي تعرضت لها نظيرتها البريطانية، وحتى التي تتعرض لها الآن من قبل الاتحاد الأوروبي.
وزارة الخارجية الدنماركية، وفي خطوة أكدت فيها على مضي الحكومة بذلك المشروع، قالت يوم الجمعة الماضي التاسع من أيلول\سبتمبر في بيان إن كلا من الدنمارك ورواندا وقعتا إعلان تعاون ثنائي، أعلنا فيه عن “النظر في إنشاء برنامج يمكن بموجبه نقل طالبي اللجوء الذين يصلون إلى الدنمارك إلى رواندا لدراسة ملف اللجوء الخاص بهم”.
هذا يعني أن الدولة الإسكندنافية ستقوم بنقل عملية طلب اللجوء إلى أراضيها كليا إلى دولة ثالثة، مع وجود خيار “إمكانية الاستقرار في رواندا”، تماما كما ورد في الاتفاق البريطاني.
الدنمارك ماضية في المشروع قبل بريطانيا
من الجدير بذكره هنا أن الدنمارك، وقبل بريطانيا، كانت قد تبنت قانونا في حزيران\يونيو 2021 يسمح بإعادة توطين طالبي اللجوء في دول خارج حدود القارة الأوروبية.
الحكومة الاشتراكية الديمقراطية أعلنت في حينه أنها في طور التفاوض مع دول عدة لتحقيق تلك الغاية. وذكرت وسائل إعلام دنماركية أن مصر وإريتريا وإثيوبيا كانت من ضمن الدول التي تم نقاش الموضوع معها. لكن في الحالة الرواندية، يمكن الاعتبار أن التفاوض عمليا انتهى، وبات يلوح في الأفق اتفاق رسمي ببنود واضحة.
تلك الخطوة أثارت كما من ردود الأفعال، من ضمنها ما عبر عنه كار ديبفاد بيك، وزير الاندماج الدنماركي، الذي أعرب عن سعادته بتلك الخطوة، على الرغم من الانتقادات.
المفوضية الأوروبية نأت بنفسها عن ذلك الاتفاق مباشرة، معتبرة أن “هناك أسئلة حقيقية بشأن إمكانية وصول الأشخاص إلى إجراءات اللجوء وإمكانية حصولهم على الحماية”.
المشروع نال حصته أيضا من الانتقادات بسبب تأثيره على الصحة العقلية والنفسية للمستهدفين. هذا كان أحد الجوانب الأساسية التي وضعت الاتفاق البريطاني مع رواندا أمام مساءلة قانونية صارمة. منظمة العدالة الطبية البريطانية نشرت الأسبوع الماضي تقريرا تخوفت فيه من “ارتفاع معدلات خطر الانتحار وإيذاء النفس لدى من تم إخطارهم بأنهم مستهدفون بالترحيل إلى رواندا”.
سياسة الهجرة الأقسى أوروبيا
عرفت الدنمارك على مر السنوات القليلة الماضية بأنها إحدى أكثر الدول الأوروبية تشددا حيال موضوع الهجرة، ولديها سياسة تعتبر الأقسى مقارنة بجيرانها. نرى ذلك في المواقف السابقة التي اتبعتها ومنها طلب الحكومة من اللاجئين السوريين العودة إلى بلادهم على الرغم من الحرب هناك، كونه بات في سوريا مناطق “آمنة”.
أيضا، هناك وزيرة الهجرة السابقة التي أدينت قضائيا في بلادها بسبب سياسة فصل أزواج اللاجئين التي كانت تحاول تكريسها، بحجة حماية الفتيات القاصرات. كما أنها اتبعت سياسة “الغيتو” في 2018 التي نصت على وجوب عدم تجاوز أعداد “الغرباء” نسبة معينة في الأحياء داخل المدن، إضافة إلى عدم حصولهم على كامل الخدمات العامة المستحقة كنظرائهم الدنماركيين. وهذه سياسة كانت مفوضية اللاجئين قد وصفتها بأنها “نظام تمييزي” ودعت كوبنهاغن إلى إنهاء العمل به.