حرية – (15/9/2022)
شهدت احتياطات العراق من العملة الأجنبية قفزة كبيرة إلى أكثر من 85 مليار دولار، وسط تفاؤل باستمرار الارتفاع حتى يصل نهاية العام الجاري إلى 100 مليار دولار.
وحسب مراقبين، فإن صعود الاحتياطي النقدي يرجع إلى عدة عوامل أبرزها ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية ما انعكس إيجابا على الإيرادات المالية للبلاد بالإضافة إلى تقليل قيمة الدينار العراقي، الذي قلص من قيمة ما تدفعه الحكومة من مرتبات شهرية، إلا أنهم حذروا من التأثيرات السلبية للاضطرابات السياسية على إيرادات البلاد في حال استمرارها فترات طويلة.
وكان البنك المركزي العراقي قد أعلن أخيراً، عن ارتفاع احتياطيات العملة الأجنبية لديه إلى أكثر من 85 مليار دولار.
وقال بيان للبنك المركزي إن “احتياطيات البلاد وصلت إلى أعلى مستوى حقّقه البنك المركزي منذ عام 2003″، في إشارة إلى العام الذي احتلت فيه الولايات المتحدة البلاد. وأضاف البيان أن “احتياطيات الذهب تجاوزت 130.4 طنًا بقيمة 7 مليارات دولار، ليصل العراق إلى المركز الثلاثين عالميًّا والرابع عربيًّا”.
وتعليقا على ذلك، قال المستشار السابق في البنك المركزي العراقي علي التميمي في اتصال هاتفي مع “العربي الجديد”، إن حكومة مصطفى الكاظمي نفذت حزمة من الإصلاحات الكبيرة بالتزامن مع ارتفاع أسعار النفط العالمي، حيث وصل دخل العراق شهريا إلى قرابة 11 مليار دولار من بيع النفط الخام.
وأضاف التميمي أن خفض قيمة الدينار العراقي أمام الدولار الذي اتخذته حكومة الكاظمي، أسهم في تقليل واضح لما تحتاجه الدولة من إيرادات لتأمين المرتبات إلى 4 مليارات دولار أو أقل والتي كانت تبلغ شهريا في السابق (قبل يناير/ كانون الثاني 2021) 6 مليارات دولار تقريبا”.
وتابع أن لجوء الحكومة إلى فرض التعامل بالعملة المحلية مع شركات القطاع الخاص العراقية والأجنبية العاملة في البلاد، وفرض فلاتر قوية على مسألة تحويل الأموال بالعملة الصعبة، أسهم في رفع قدرات العراق على الاحتفاظ بالعملة الصعبة لديه بشكل أكبر من السابق”.
وأضاف: “مع ذلك، لا تزال بالإمكان السيطرة على المزيد من العملة الصعبة ومنع تسربها للخارج، إذ إن مزاد العملة الصعبة الذي ينظمه البنك المركزي يوميا يطرح ما معدله 180 مليون دولار ولغاية 200 مليون دولار، ضمن سياسة الحفاظ على سعر صرف الدينار عند عتبة 1450 دينارا للدولار الواحد، ويمكن اعتبار هذه الطريقة غير مجدية ويجب النظر في سياسة أخرى لتحديد سعر الصرف”.
وختم التميمي بأن البلاد من المتوقع في حال الاستمرار على أسعار النفط الحالية أن ترتفع الاحتياطات لديها إلى نحو 100 مليار دولار، وهو رقم كافٍ للتفكير بإنشاء صندوق سيادي كما في الكثير من الدول، يكون ضامنا في الأزمات المالية الخانقة خاصة أن العراق دولة ريعية تعتمد في اقتصادها على النفط بنسبة تصل لأكثر من 96 بالمائة”.
وكان وزير المالية العراقي الذي استقال الشهر الماضي، علي عبد الأمير علاوي، قد توقع ارتفاع احتياطات البلاد من العملة الصعبة إلى أكثر من 90 مليار دولار العام الجاري، بفعل انتعاش أسعار النفط.
وسجل العراق انخفاضا حادا في احتياطات العملة الأجنبية في ديسمبر/ كانون الأول عام 2020، لتبلغ 48 مليار دولار، لكنها عاودت للارتفاع لتبلغ نهاية العام 2021 نحو 64 مليار دولار، وفقا لبيانات البنك المركزي.
وتأثرت البلاد اقتصاديا بالأزمة السياسية المتواصلة منذ 11 شهرا على التوالي، إذ منع تشكيل الحكومة من إقرار الموازنة المالية للعام 2022، وسط تحذيرات من مغبة دخول البلاد العام الجديد بدون مشروع للموازنة.
وتعتمد الحكومة الحالية برئاسة مصطفى الكاظمي على نظام السلف في دفع مرتبات الموظفين والموازنات التشغيلية المتعلقة بالخدمات.
وفي وقت سابق، قالت مؤسسة “عراق المستقبل” المعنية بالشؤون الاقتصادية، إن هناك “مخاوف من عدم إقرار الموازنة العامة لسنة 2023.
وأوضح رئيس المؤسسة منار العبيدي، في تصريحات للصحافيين أن “هناك تخوفا حقيقيا من عدم إقرار الموازنة العامة لسنة 2023، بسبب الأزمة السياسية الحالية، فلا موازنة دون تشكيل الحكومة”.
وبيّن العبيدي أن “قانون الأمن الغذائي ينتهي بانتهاء السنة المالية الحالية، والعام المقبل سيكون الاعتماد فيه على قانون الإدارة المالية”، لافتاً إلى أن “هناك تخوفا من عدم وجود أي موازنة خلال سنة 2023”.
وحذر رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، الشهر الماضي، من عدم استطاعة الدولة إنفاق الأموال نهاية العام الحالي ما سيؤدي إلى توقف مصالح الناس بسبب الأزمة السياسية وتعطل عمل البرلمان الذي أدى إلى عدم وجود موازنة مالية للعامين الحالي والمقبل.
وقال الحلبوسي في كلمة له ببغداد: “أدعو القوى السياسية للجلوس إلى طاولة حوار تصل لحلول للأزمة السياسية”، مجدداً “تأييده لمبادرة الحوار الوطني”.
وأضاف أن “وضع البلد لا يمكن أن يستمر على هذه الحالة، وأن ما وصلنا إليه اليوم يمثل تراجعاً عمّا كنّا عليه”، لافتاً إلى أن “نهاية هذا العام لا تستطيع الحكومة أن تنفق أي أموال من دون موازنة”.
وتابع أن “فريقا سياسيا يعطل مؤسسات الدولة بالتظاهرات السلمية، موضحاً أن “الدستور لا يتيح تعطيل مؤسسات الدولة”.