حرية – (17/9/2022)
كشفت دراسة حديثة أن حلقات زحل الشهيرة قد تكون من بقايا قمر مزّقته جاذبية الكوكب، وظلت البقايا خالدةً لتبرز مساره باستخدام الأجزاء الجليدية المتناثرة، بحسب صحيفة The Guardian البريطانية، الخميس 15 سبتمبر/أيلول 2022.
وأجرى باحثون من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) حسابات حددت التغيرات في محور دوران زحل بمرور الوقت، ونشرت النتائج في مجلة Science العلمية.
إذ بُنِيَت أبحاثهم على بيانات المرحلة الأخيرة من مهمة كاسيني التابعة لوكالة ناسا، وتشير إلى أن كوكب زحل لم تكن له أي حلقات معظم فترة وجوده المستمرة منذ 4.5 مليار سنة.
لكن أحد الأقمار قرر أن يقترب من الكوكب الغازي العملاق أكثر من اللازم قبل نحو 160 مليون سنة، ما تسبب في تمزيق القمر وظلت البقايا خالدةً لتبرز مساره باستخدام الأجزاء الجليدية المتناثرة.
الخروج من شرنقة
وأطلق جاك ويزدوم، أستاذ علوم الكواكب في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ومؤلف الدراسة الرئيسي على القمر المفقود اسم “كريساليس”، وهو تشبيه بأجنحة فراشة خارجة من شرنقة، كما هي الحال في تشكّل الحلقات.
بينما وصف الأستاذ سكوت تريماين، من معهد الدراسات المتقدمة في برنستون، نتائج الدراسة بأنها “لافتةٌ للنظر”، رغم عدم مشاركته فيها، موضحاً أن هذه النتائج ربما تحل مختلف الألغاز المرتبطة بكوكب زحل، بناءً على “فرضية جريئة واحدة، لكنها تظل فرضيةً معقولة”.
وشرع فريق ويزدوم في أبحاثه أولاً من أجل تفسير سبب ميل زحل بنحو 27 درجة على محوره. وأشارت بعض النماذج النظرية إلى أن الميل ربما يرجع إلى كون زحل عالقاً في الرنين المداري للجاذبية مع كوكب نبتون، لكن مثل هذه النماذج عادةً ما تكون حساسةً للتغييرات البسيطة في عددٍ كبير من المتغيرات.
قوى الجاذبية
جاءت مهمة كاسيني لتدور في مدار زحل بين 2004 و2017، وتمنحنا تفاصيل كل شيء، بدايةً من تكوين زحل الداخلي، ووصولاً إلى ديناميكية حركة أقمار الكوكب الـ83.
وانهار التفسير الأصلي لحلقات زحل تماماً بعدها، حيث أشارت هذه التفاصيل الجديدة إلى أن زحل خرج من قبضة نبتون في مرحلةٍ ما من الماضي.
مما دفع العلماء إلى البحث عن أحداث تخريبية أخرى، ربما تسببت في ظهور الحلقات. ثم جاء سيناريو القمر المفقود ليتوافق مع البيانات المتوافرة بصورةٍ غير متوقعة. حيث قال ويزدوم: “أردنا تفسير ميل زحل في البداية، لكننا وجدنا أن علينا اقتراح وجود قمرٍ تابع، ثم التخلص من ذلك القمر مرةً أخرى في فرضيتنا”.
وأجرى ويزدوم مع زملائه عمليات محاكاة لتحديد خصائص القمر المُفترض. وأشارت هذه العمليات إلى دخول قمر كريزاليس منطقةً مدارية فوضوية وتعرضه لعدد من المواجهات القريبة مع أقمار زحل الأخرى، مثل إيابيتوس وتيتان، قبل 100 أو 200 مليون سنة. ثم اقترب القمر من زحل أكثر من اللازم في النهاية، وتسببت هذه المواجهة الدرامية في تمزيق القمر إلى فتات، لتترك حلقةً من الحطام في أثره.
ويمكن لفقدان قمر كريزاليس أن يفسر ميل كوكب زحل اليوم وحلقاته الواضحة. كما تتوافق هذه النتائج مع قياسات الخواص الكيميائية لتلك الحلقات. حيث يرجع تاريخ الحلقات إلى نحو 100 مليون عامٍ مضت، لكن البعض كان يتجاهلها بسبب عدم وضوح كيفية تكوينها في وقتٍ متأخر من تاريخ الكوكب. وأردف ويزدوم: “أعتقد أننا قدمنا حجةً مقنعةً للغاية”.
فيما أوضح تريماين: “ولن نعرف على وجه التأكيد ما إذا كان هذا القمر التابع موجوداً داخل مدار زحل في يومٍ من الأيام، لكن تفسير العديد من الأحجيات باستخدام فرضيةٍ واحدة يمثل عائد استثمار جيداً”.
ويصل وزن حلقات زحل إلى 15 مليون تريليون كيلوغرام تقريباً، وتتكون من الجليد بصورة شبه كاملة، حيث يمثل الماء النقي 95% من تكوينها، بينما تسيطر الصخور والمعادن على البقية.