حرية – (18/9/2022)
أبدت العديد من الصحف الصادرة اليوم في إيران بعد يومين من العطلة، اهتماما كبيراً بقضية مقتل الشابة مهسا أميني بعد اعتقالها من قبل دوريات “شرطة الإرشاد” الإيرانية” في طهران بعد ردة الفعل الشعبية واندلاع مظاهرات في مسقط رأسها “سقز” وعدد من مدن محافظة كردستان غربي إيران للتنديد بالحادث.
فصحيفة “آرمان ملي” وهي كبرى الصحف الإصلاحية في إيران عنونت في مانشيت اليوم (18 أيلول 2022) : “مطلب الشعب.. إعادة النظر بشكل جدي في مهام شرطة الأمن الاجتماعي”، ورأت الصحيفة أن النظام الإيراني اليوم بدأ يدفع فواتير هذه السياسات الخاطئة من قبل هذه الأجهزة الأمنية، كما سارت في نفس الاتجاه “مردم سالاري” وعنونت بشكل أوضح: “أوقفوا عمل دوريات الإرشاد”.
أما “جهان صنعت” فسخرت بألم من طريقة “إرشاد” الشرطة للنساء على الالتزام بالحجاب، وخصصت صفحتها الأولى لصورة من خريطة إيران بخلفية سوداء قاتمة تعلوها صورة الراحلة مهسا أميني، وعنونت بالقول: “موت إرشادي”، كما استخدمت “همدلي” عنوان “الإرشاد القاتل”.
في مقابل هذه الصحف تجاهلت الصحف المقربة من الحرس الثوري والمرشد علي خامنئي، مثل “وطن امروز”، و”كيهان”، و”جوان”، الموضوع إلى حد كبير واهتمت بمناسبة يوم الأربعين وتصريحات المرشد علي خامنئي الذي اعتبر مسيرة الأربعين لهذا العام “أعظم أربعين في التاريخ”، وأن المسيرات هي” بشرى إلهية”، و”معجزة ربانية”.
وفي تعليق على مقتل الشابة مهسا أميني، تساءل الكاتب ومدير تحرير صحيفة “ستاره صبح”، علي صالح آبادي، عن الأهداف التي رفعتها الثورة الإيرانية، وما آلت إليه الأوضاع اليوم، لافتا إلى أن من شعارات ثورة عام 1979 العدالة والإنسانية وصيانة حياة الإنسان المسلم وغير المسلم، ونشر الأخلاق الفاضلة. وقال في هذا الخصوص: “السؤال الأساس الذي يطرح نفسه الآن: إلى أي مدى يشعر (أدعياء الثورة) بأنهم مطبقون لهذه الشعارات؟ وإلى أي مدى يلمس الناس إنجازات أدعياء الثورة في هذا الصعيد؟”.
وأشار إلى حادثة مقتل مهسا أميني في أحد مراكز “شرطة الإرشاد”، وقال: “اتضح الآن أن دوريات شرطة الإرشاد هذه كانت بلا فائدة من الأساس، فاستنادا إلى الواقع نلاحظ أن سلوك هذه الشرطة جعل الناس متشائمين تجاه النظام والدين”.
وأشاد الكاتب بالحرية الشخصية التي كان النظام السابق يتيحها للإيرانيين، مقارنة مع نظام “الجمهورية الإسلامية” وقال إن المتدينين في النظام السابق كانوا في تزايد ملحوظ والمساجد ممتلئة بالمصلين والمحجبات في المدارس والجامعات والأماكن العامة في ازدياد كذلك، لأن الحجاب كان وفق مبدأ “الاختيار” وليس “الإجبار”.
وطالب الكاتب ضمنيا النظام الحالي بجعل الحجاب مسألة شخصية وحرية خاصة بالمواطنين ولا دخل للسلطة الحاكمة فيها.
من جانبه رأى الدبلوماسي والمتحدث باسم الحكومة السابقة، علي ربيعي، في مقال له بصحيفة “اعتماد”، أن هذه الأحداث سرعان ما سيتم نسيانها من قبل الحكومات في إيران وستصبح مجرد مخزون في العقل الجمعي للشعب الإيراني، مؤكدا أن التجارب المماثلة تثبت أن مثل هذه الأحداث لم تؤثر يوما في تغيير الرؤى والمواقف في السياسات التشريعية والثقافية والاجتماعية في البلاد.
وفي الطرف المقابل وضمن تعليقها على حادثة مقتل الفتاة مهسا أميني، طالبت صحيفة “كيهان” المقربة من المرشد علي خامنئي القضاء الإيراني بالرد على من سمتهم “مختلقي الشائعات”، واتهمت النشطاء السياسيين في الداخل وكذلك مشاهير الفن والسينما في إيران بأنهم يسيرون في ركب “أعداء النظام” بعد إدانتهم لمقتل مهسا أميني.
كما طالبت الصحيفة ذات النهج المتشدد السلطات الحاكمة في فرض رقابة على العالم الافتراضي ووسائل التواصل الاجتماعي، مؤكدة أن انتشار الشائعات والأخبار الكاذبة سببها ترك النظام وإهماله للعالم الافتراضي وعدم فرض رقابة والإشراف عليه.