حرية – (26/9/2022)
قدرت منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، الاثنين، تكلفة تأثير الحرب في أوكرانيا على الاقتصاد العالمي، بحوالي 2.8 تريليون دولار بنهاية العام المقبل، محذرة من أن الرقم قد يكون أكبر من ذلك، إذا أدى الشتاء القارس إلى تقنين الطاقة في أوروبا، مما يعني خفضا أكثر في الإنتاج.
ويُظهر تقدير المنظمة الاقتصادية الحكومية التي تضم 38 دولة عضو، وتعتبر تجمعا للاقتصادات المتقدمة ومقرها باريس، حجم التداعيات الاقتصادية لغزو موسكو لجارتها قبل سبعة أشهر.
وتسبب هجوم روسيا في ارتفاع أسعار الطاقة، مما أضعف إنفاق الأسر وقوض ثقة الأعمال التجارية، وفاقم خلل سلاسل التوريد، وتسبب في نقص الغذاء والضروريات الأخرى، وهز الأسواق في جميع أنحاء العالم.
وتخشى الحكومات الغربية من أن قرار الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بالتعبئة الجزئية واستعدادات موسكو لضم مساحات شاسعة من أوكرانيا باستفتاءات زائفة، يمكن أن يطيل الصراع لأشهر عدة، وربما سنوات، مما يزيد من حالة عدم اليقين التي تلقي بثقلها على الاقتصاد العالمي.
وحذرت المنظمة من أن الأسعار قد تزداد، إذا واجهت أوروبا نقصا في الطاقة خلال الشتاء المقبل، مع توقعات بطقس أكثر برودة.
وقدرت أن استهلاك الطاقة سيحتاج إلى الخفض بنسبة تتراوح بين 10 و15 في المئة مقارنة بالسنوات الأخيرة.
ويهدد الارتفاع الحاد للأسعار عددا متزايدا من الشركات التي اضطر بعضها لخفض أنشطته.
وتتوقع المنظمة أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 2,2% في مقابل 2,8% بتوقعاتها السابقة في يونيو، رغم أنها أبقت على توقعاتها للنمو لهذا العام عند نسبة 3% بعدما خفّضتها بشكل واضح في الأشهر الأخيرة.
وتشير المنظمة إلى أن “ضغوط التضخم تصبح معممة أكثر فأكثر، إذ إن ارتفاع أسعار الطاقة والنقل وتكاليف أخرى تؤثر على الأسعار”. وقد خفّضت المنظمة توقعاتها للعام 2023 في كل الدول الأعضاء في مجموعة العشرين تقريبًا باستثناء تركيا وإندونيسيا وبريطانيا حيث يُتوقع أن يشهد الاقتصاد ركودًا.
وبحسب المنظمة، فإن الدول المجاورة لأوكرانيا وروسيا هي التي ستدفع الثمن الأكبر: سيخضع النمو في منطقة اليورو للتراجع الأكبر من بين كافة مناطق العالم، مع توقع أن يبلغ 0,3% في مقابل 1,6% بالتوقعات السابقة في يونيو. والسبب الرئيسي هو ارتفاع أسعار الطاقة والتضخم الذي يتوقع أن يبلغ هذا العام 8,1% و6,2% العام المقبل.
كما تتوقع المنظمة التعاون أن يكون الركود الذي يلوّح به كبار الاقتصاديين العالميين منذ أشهر كخطر كبير، السيناريو المقبل في ألمانيا: إذ إن أكبر قوة اقتصادية أوروبية ستشهد بحسب المنظمة، تراجع ناتجها الإجمالي المحلي بنسبة 0,7% العام المقبل، في انخفاض قدره 2,4 نقطة مئوية مقارنة بالتوقعات السابقة.
يفلت جيرانها الرئيسيون من الركود ويُتوقع أن يبلغ النمو 0,4% في إيطاليا و1,5% في إسبانيا و0,6% في فرنسا حيث لا تزال الحكومة تتوقع نموًا بنسبة 1%.
من جانبه، يتوقع صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير الصادر في تموز/يوليو نموًا بنسبة 0,8% في ألمانيا و1% في فرنسا و1,2% في منطقة اليورو، إلا أنه قد يخفّض توقعاته في أكتوبر.
من بين المناطق الكبرى الأخرى، تتوقع منظمة التعاون والتنمية أن يبلغ النمو الأميركي 0,5% في مقابل 1,2% في التوقعات السابقة في يونيو، والنمو الصيني 4,7% في مقابل 4,9%..
وترى المنظمة أن نقصًا أكبر من المتوقع للغاز قد يؤدي بتأثير متتابع، إلى خفض الناتج المحلي الإجمالي في منطقة اليورو بـ1,25 نقطة إضافية العام المقبل، ما سيدفع عددًا من الدول إلى الغرق في ركود.
ويثير هذا السيناريو قلقًا كبيرًا إذ أن المصارف المركزية في الدول المتطوّرة وتلك الناشئة ملتزمة بشكل صارم زيادة معدلات الفائدة لاحتواء التضخم، رغم وجود خطر هنا أيضًا بتقويض النمو.
وتؤكد منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي أن رفع معدلات الفائدة هو “عامل أساسي” في التباطؤ الحالي إلا أنها تدعو المصارف المركزية إلى مواصلة ذلك لتجنّب زيادة المعدّلات بشكل أكبر في حال استمرّ ارتفاع التضخم.
وأنفقت الحكومات في جميع أنحاء أوروبا مليارات اليوروهات لمساعدة الأسر والشركات على مواجهة الارتفاع المفاجئ في تكاليف الطاقة. وقد جاءت بعض هذه المساعدات في شكل وضع حدود قصوى لأسعار الطاقة. لكن هذه الحدود القصوى تضعف الحافز للأسر لخفض الاستهلاك.
وترى المنظمة أن التدابير المالية الموجّهة والموقتة للأُسر والشركات جزء من الحلّ في مواجهة حالة الطوارئ، معتبرةً أن التدابير التي اتُخذت حتى الآن لكبح ارتفاع أسعار الطاقة كانت “موجّهة بشكل سيء”، لأنها غالبًا ما كانت تعود بالفائدة لعدد فائض من الأُسر والشركات، مطالبة بأن المساعدات يجب أن تستهدف الأسر الأكثر ضعفا.