حرية – (29/9/2022)
بعد تقارير تفيد بتحديث بحريتها، بدأ الأسطول الغربي التابع للقوات البحرية الملكية السعودية بالعمل للمرة الأولى مع التحالف الدولي لأمن وحماية حرية الملاحة البحرية.
وبحسب بيان للبحرية الأميركية، فإن الأسطول الغربي السعودي المتمركز في البحر الأحمر بات يعمل مع التحالف الدولي لأمن وحماية حرية الملاحة البحرية (IMSC) بعد أن كان مقتصرا على الأسطول الشرقي.
ويساهم الأسطول الغربي للبحرية السعودية في مهام التحالف بالقرب من مضيق باب المندب عبر دوريات داعمة للسفينة “HMS Al Jubail (828)”، بحسب البحرية الأميركية.
وقال البيان إن هذا العمل يشير إلى “شراكة موسعة بين التحالف متعدد الجنسيات والقوات البحرية الملكية السعودية”.
و”نظرا لانضمام الأسطول الغربي إلى التحالف الدولي لأمن وحماية حرية الملاحة البحرية، فإننا قادرون على توفير الطمأنينة لشركائنا في الصناعة البحرية أثناء عبورهم مضيق باب المندب إلى البحر الأحمر”، حسبما قال العميد البحري البريطاني، بن ألدوس، القائد العسكري للتحالف.
ويرى محللون أن أمن الملاحة البحرية في الممرات المائية الحيوية بالمنطقة يمثل “هاجسا لدول مجلس التعاون والدول العربية” وسط التوترات الجيوسياسية العالمية وأزمة الطاقة العالمة الناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا.
ما هو التحالف الدولي لأمن وحماية حرية الملاحة البحرية؟
في يونيو لعام 2019، تم الإعلان عن فكرة إنشاء تحالف عسكري بحري تقوده الولايات المتحدة بهدف الحفاظ على أمن الممرات المائية في مياه الخليج والبحر الأحمر.
وفي نوفمبر بعد ترقب دام لأشهر منذ الإعلان عن الفكرة، وُلد المشروع الذي يعرف أيضا باسم “التحالف الدولي لأمن وحماية الملاحة البحرية وضمان سلامة الممرات البحرية” بعضوية ست دول إلى جانب الولايات المتحدة، هي السعودية والإمارات والبحرين وبريطانيا وأستراليا وألبانيا.
ويضم التحالف الآن تسع دول بعد انضمام ليتوانيا ورومانيا، حيث يعمل فريق عمل المهمة البحرية في منطقة أطلق عليها اسم “سنتينال” للحفاظ على حرية الملاحة والقانون الدولي والتدفق الحر للتجارة لدعم الاستقرار الإقليمي وأمن الممرات البحرية.
ويعمل التحالف في جميع الخليج العربي وخليج عمان وبحر العرب وخليج عدن وجنوب البحر الأحمر.
وتحتوي هذه المنطقة على اثنتين من أهم الممرات البحرية في العالم وهما مضيق هرمز، الذي يمر من خلاله ما يقرب من سدس إنتاج النفط العالمي وثلث الغاز الطبيعي المسال في العالم سنويا، بالإضافة إلى مضيق باب المندب، الذي يمر عبره ما يقرب من 17 ألف سفينة تجارية سنويا.
ويقع يقع المقر الرئيسي للتحالف متعدد الجنسيات في البحرين التي تعتبر أيضا مقرا للأسطول الأميركي الخامس منذ منتصف التسعينات.
وانضمت البحرين إلى التحالف في أغسطس 2019، ثم حذت حذوها السعودية بعد أيام من ضربات بصواريخ وطائرات مسيّرة ضد منشآت أرامكو في منتصف سبتمبر من العام ذاته تبنّاها الحوثيون اليمنيون.
“خطوة حيوية”
ويرى خبير الدراسات الاستراتيجية والعلوم السياسية والعسكرية اللواء المتقاعد، محمد بن صالح الحربي، أن أمن الممرات البحرية للمنطقة يمثل “هاجسا لمجلس التعاون والدول العربية منذ العام 1979”.
وقال في حديث لموقع “الحرة” إن المنطقتين تمثلان “عمقا استراتيجيا” مهما ليس فقط لاقتصاد دول المنطقة، بل للاقتصاد العالمي، وفق تعبيره.
وأضاف أنه “بين عامي 1979 إلى 1988 عقب انتهاء الحرب العراقية الإيرانية، بدأت مرحلة مهمة للحفاظ على أمن الطاقة ومن ثم دخول الولايات المتحدة بالأسطول الخامس”.
في منتصف الثمانينات، انتشرت الألغام بمياه الخليج مع قيام إيران والعراق بمهاجمة شحنات النفط المصدرة من دول الخليج العربي.
يشير الحربي إلى أن توسيع مشاركة السعودية في التحالف يمثل “ثقلا” لهذا الكيان على اعتبار أن المملكة “دول مترامية الأطراف تقع على طرفي الخليج العربي والبحر الأحمر وتملك القدرة على تأمين الناقلات النفطية والتجارية”.
ودلل على أن “المملكة عضوا فاعلا ومؤثرا في المنظمة البحرية الدولية (IMO)”، وهي وكالة تابعة للأمم المتحدة تتخذ من لندن مقرا لها الهيئة مختصة بوضع المعايير المتعلقة بالسلامة والأمن والأداء البيئي للشحن الدولي.
وبينما ازدادت أهمية مضيق باب المندب المؤدي إلى قناة السويس بوصفه واحدا من أهم الممرات البحرية في العالم، مع ازدياد أهمية نفط الخليج العربي، يعبر من مضيق هرمز 30 بالمئة من النفط المنقول بحريا نحو مختلف أنحاء العالم.
بدوره، وصف المحلل السعودي، مبارك آل عاتي، أن توسيع مشاركة الرياض في التحالف بـ “الخطوة الحيوية” التي تأتي “إدراكا من السعودية بأهمية حماية الممرات المائية”.
يعتقد آل عاتي أن التوسع السعودي يأتي في إطار الرد على “التهديدات الإيرانية” في مياه المنطقة، بالإضافة إلى حماية الممرات المائية التي تمر منها منتجات الطاقة في ظل تداعيات الأزمة التي يعيشها العالم جراء الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو رأي يتفق معه الحربي.
وقال آل عاتي لموقع “الحرة” إن الخطوة السعودية جاءت “للرد على التهديدات الإرهابية والإقليمية التي يمثلها السلوك الإيراني المهدد للملاحة البحرية في المنطقة”.
ووسط التوترات الإقليمية مع إيران، تعمل السعودية أيضا على تحديث أسطولها العسكري البحري، بحسب تقرير لموقع “بريكينغ ديفينس” نشر في وقت سابق من الشهر الحالي.
وذكر الموقع أن الخطة السعودية “الطموحة” لتطوير الأسطول البحري تشمل شراء 5 سفن حربية من طراز “أفانتي 2200” في صفقة بمليارات الدولارات ضمن مشروع “السروات”.
ومشروع “السروات” هو اتفاق شراكة عسكري بين الشركة السعودية للصناعات العسكرية وشركة “نافانتيا” الإسبانية المصنعة لسفينة “أفانتي 2200”.
ومن المقرر أن تنضم السفن إلى الأسطول الغربي السعودي، مما يعني أنها لن تبحر في مياه الخليج العربي بجوار إيران، ولكن بدلا من ذلك ستعمل على حماية ما يقرب من 1800 كيلومتر من ساحل البحر الأحمر السعودي وحماية الملاحة في خليج عدن، بجوار اليمن مباشرة، حيث تتمركز قوات الحوثي الموالية لإيران.
وقال اللواء الحربي إن “ما شهدته التوترات الإسرائيلية الإيرانية والحرب الخفية على الناقلات البحرية” ساهمت في عمل الحلفاء على “تعزيز أمن الممرات الحيوية الاستراتيجية للحفاظ على الاقتصاد العالمي”.