حرية – (5/10/2022)
كل مرحلة من مراحل العملية السياسية في العراق منذ عام 2003 والى الان مرت وتمر بمخاضات عسيرة جدا، تكون الولادة فيها قيصيرية، ففي بدايتها مثلا كان معظم أبناء المكون السُّني مقاطعين لها، وفي إحدى مراحلها كان التيار مقاطعاً لها، ثم في مرحلة أخرى حدث صراع برلماني على منصب رئاسة الوزراء بين القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي وائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي بعد أن حصل شبه تقارب بين عدد المقاعد التي حصلوا عليها في مجلس النواب، كل هذه المخاضات وجدت لها الطبقة السياسية مخرجات أخرجت بها العمليةَ السياسية من بوتقتها الضيقة لترى النور بعدها حتى ولو كانت عرجاء، فكل مايهمها هو تسيير الأمور وعدم التوقف أوالتراجع في نصف الطريق.
المواطن حل سياسي جديد
بعد انتفاضة تشرين دخلت الأحزاب في العملية السياسية مرحلة جديدة وخطيرة، وهي شيطنة بعضها بعضا وبدأت تتعكز على جماهيرها للوصول الى مبتغاها، وحولت دماء مناصريها الى بساط يمشون عليه ليوصلهم الى بلاط الحكم، وبدأت تفتعل الأزمات في الشارع للحصول على المكاسب، وهذه الخطوة هي من أخطر المراحل السياسية ففيها تتحول المناورات السياسية من القوى السياسية والاجتماعات الى الشوارع، حيث بدأت الطبقة السياسية تتبع طريقة أخرى في تنفيذ أجنداتها وهي زج الشارع في الأزمة السياسية، وبدأت الخصومة المجتمعية تطفو على السطح، وبدأ المجتمع يذوب في الهويات الفرعية على حساب الهوية الوطنية، وهي لا تعتمد على إذابة الشعب حتى بالهوية القومية او الطائفية بل بالصبغة الحزبية.
الهيجان المجتمعي
صار عليك من الصعب أن تعمل في مؤسسة حكومية أو وظيفية أهلية أو أي عمل آخر مع أشخاص آخرين يحملون توجهات سياسية غير توجهاتك، لأن ذلك قد يكلفك حياتك أو عملك او يزرع بينكم زعل مستدام، والسبب أن الآيدلوجية الحزبية التي تحملها لا تتطابق مع آيدلوجية زميلك أو أخيك أو أقاربك، وبهذا أنت مدان من قبلهم أمام المجتمع لأنك تدافع عن توجهات حزبية فاسدة والعكس صحيح بالنسبة للطرف الثاني، هذه الخصومة المجتمعية وإن لم تظهر للعلن بشكل أكثر شفافية، لكن تبعاتها قد تهيء أرضية مناسبة لحرب أهلية لا سمح الله لاسيما أن الجماهير بدأت تنسجم مع هذه الافكار التي منحتها فرصة التعبير عن رأيها السياسي، حتى لو كان في نطاق محدود، سواء مع أخيك او أقاربك او زميلك
ماذا علينا أن نفعل
يجب على المجتمع العراقي ان يعي ما يحدث لأن الاستغلال السياسي له بنقل الخصومة من محيطها بين السياسيين الى المجتمع هو بمثابة منزلق خطير، واذا استمر هذا الاستغلال فإنه قد يتطور وبالتالي ستكون مصالح المجتمع نفسه في خطر كبير، واذا ما اشتعلت نار الحرب والخصومة، داخل المجتمع وتعطلت المصالح العامة ووصلت النار الى قصور المسؤولين، فستجدهم في طوابير المطار تاركين البلد في فوضى عارمة، ويبقى للشعب المتصارع في ما بينه الموت والفقر والعويل، بينما هم يعيشون في أشد الاماكن رفاهية في أوربا وبلدان الخليج او الدول المجاورة، وبالتالي لن يكون هنالك خاسر في هذه المعركة إلا الشعب، لذا علينا أن نعيَ تحركات اللعبة السياسية وأن لا نجعل من انفسنا بيادق بيد بعض السياسيين الذين ينفذون أجنداتهم السياسية تحت يافطات خدمة الشعب او رعاية مصالحه