حرية – (13/10/2022)
باتت القوات الروسية الخميس، 13 أكتوبر (تشرين الأول)، على مشارف باخموت بعدما سيطرت على قريتين بالقرب من المدينة الواقعة في شرق أوكرانيا، وفق ما أعلنت القوات الموالية لروسيا في منطقة دونيتسك.
وقال المقاتلون الانفصاليون في دونيتسك على تطبيق “تيليغرام”، إن القوات الروسية سيطرت على قريتي أوبيتني وإيفانغراد الواقعتين مباشرة بجنوب باخموت، المدينة التي يحاول الروس احتلالها منذ أغسطس (آب) والقطاع الوحيد من الجبهة الذي تحقق قوات موسكو تقدماً فيه حالياً.
قصف كييف
ميدانياً أيضاً، هاجمت ثلاث طائرات مسيرة تابعة للقوات الروسية بلدة ماكاريف الصغيرة غرب العاصمة الأوكرانية في ساعة مبكرة من صباح الخميس، وأوضح مسؤولون أن منشآت حيوية للبنية التحتية تعرضت للقصف بما قالوا إنها طائرات مسيرة انتحارية إيرانية الصنع.
وقال آندريه نيبيتوف، قائد شرطة منطقة كييف، عبر تطبيق المراسلة “تيليغرام”، “شن الغزاة قصفاً بطائرات مسيرة ليلاً على ماكاريف”. وأضاف، “بحسب المعلومات الأولية، لم تقع إصابات”.
وقال كيريلو تيموشينكو، نائب مدير مكتب الرئيس فولوديمير زيلينسكي، في وقت سابق، إن الهجوم وقع بواسطة “طائرات مسيرة كاميكازي على منشآت بنية تحتية حيوية”، من دون تقديم مزيد من التفاصيل.
وأشار نيبيتوف وأوليكسي كوليبا، حاكم منطقة كييف، إلى أن قوات الإنقاذ تعمل في الموقع.
وأبلغت أوكرانيا عن سلسلة من الهجمات الروسية بطائرات مسيرة إيرانية الصنع من طراز “شاهد-136” في الأسابيع الماضية. وتنفي إيران تزويد روسيا بالطائرات المسيرة، بينما لم يعلق الكرملين.
في المقابل، تعرّض مبنى سكني الخميس لضربة أوكرانية في مدينة بلغورود الروسية في منطقة محاذية لأوكرانيا، حسب ما أعلنت السلطات الروسية المحلية. وقال حاكم المنطقة فياتشيسلاف غلادكوف على “تيليغرام”، “قصفت القوات المسلحة الأوكرانية بلغورود. تم تفعيل الدفاع الجوي. هناك دمار في مبنى سكني”.
الحلف الأطلسي
من جهة أخرى، أكدت الولايات المتحدة مجدداً التزامها بالدفاع عن “كل شبر” من أراضي حلف شمال الأطلسي قبل المحادثات بين وزراء دفاع الحلف الخميس والتي ستشمل مناقشات مغلقة من قبل مجموعة التخطيط النووي التابعة له.
وأدلى وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن بهذه التصريحات مؤكداً التزام واشنطن بسياسة الدفاع الجماعي لحلف شمال الأطلسي بعد التهديدات النووية المتكررة التي أطلقها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وقال أوستن، “نحن ملتزمون الدفاع عن كل شبر من أراضي الحلف حيثما وأينما حدث ذلك”.
وكان أوستن يتحدث قبل وقت قصير من حضور اجتماع لمجموعة التخطيط النووي التابعة للحلف، وهي الهيئة العليا المعنية بالمسائل النووية وتتولى القضايا المرتبطة بقوات الحلف النووية.
لقاء بوتين وأردوغان
وتعهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الخميس، بمواصلة تصدير الحبوب الأوكرانية مدافعاً عن علاقات بلاده الاقتصادية مع موسكو، خلال لقاء مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في أستانا.
وقال أردوغان خلال لقاء علني قصير، “نحن مصمّمون على مواصلة وتعزيز اتفاق اسطنبول بشأن (تصدير) الحبوب وكذلك نقل الحبوب والأسمدة الروسية عبر تركيا إلى الدول النامية”. وأضاف، “يمكننا أن نعمل معاً لتحديد هذه الدول”، مؤكداً أن “روسيا وتركيا ستثيران حتماً استياء البعض ولكن الدول النامية ستكون بالتأكيد أكثر سروراً”، قبل أن يواصل الرئيسان محادثاتهما في جلسة خاصة.
وهذا رابع لقاء على انفراد بين أردوغان وبوتين خلال ثلاثة أشهر، ويعقد على هامش القمة السادسة لمؤتمر التفاعل وإجراءات بناء الثقة في آسيا (CICA) في عاصمة كازاخستان.
كما اقترح بوتين على أردوغان أن تنشئ موسكو “مركزاً للغاز” في تركيا لتصدير الغاز إلى أوروبا، في وقت تراجعت الإمدادات الروسية إلى الاتحاد الأوروبي جراء العقوبات وتسرب الغاز في خطي أنابيب “نورد ستريم”.
وأبلغ بوتين أردوغان، “بإمكاننا درس إمكانية إنشاء مركز للغاز على الأراضي التركية للتصدير إلى دول أخرى” ولا سيما أوروبا، مضيفاً أن إمدادات الطاقة من روسيا إلى تركيا كانت في حالة “تدفق كامل” وتسير وفقاً للطلبات.
الجهود الدبلوماسية
صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية كبيرة مع مشروع قرار يدين ضم روسيا “غير القانوني” مناطق أوكرانية بعد أن استخدمت موسكو حق النقض ضد مشروع قرار مماثل في مجلس الأمن الدولي.
واعتمدت الجمعية العامة القرار بأغلبية 143 صوتاً مقابل خمس دول صوتت ضده، لكن 35 دولة امتنعت عن التصويت، من بينها الصين والهند وجنوب أفريقيا وباكستان، على رغم الجهود الدبلوماسية الأميركية الكبيرة.
ويدين القرار “تنظيم روسيا الاتحادية استفتاءات مزعومة داخل حدود أوكرانيا المعترف بها دولياً” و”محاولة الضم غير القانوني” التي أعلنها الرئيس فلاديمير بوتين، الشهر الماضي، لأربع مناطق أوكرانية.
ويدعو القرار كل وكالات الأمم المتحدة والوكالات الدولية إلى عدم الاعتراف بأي تغييرات أعلنتها روسيا للحدود، ويطالب موسكو “بالتراجع الفوري وغير المشروط” عن قراراتها.
ونقلت وكالة “تاس” للأنباء عن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، قوله الخميس إن قرار الأمم المتحدة “معاد لروسيا”، مضيفاً أنه اتخذ باستخدام “الترهيب الدبلوماسي”.
الوحدة الدولية
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، إن التصويت أظهر الوحدة الدولية ضد روسيا، مشدداً على أن واشنطن لن تعترف أبداً بالاستفتاءات “الزائفة”. وأضاف بلينكن، في بيان، أن التصويت “تذكير قوي بأن الغالبية العظمى من الدول تقف إلى جانب أوكرانيا، دفاعاً عن ميثاق الأمم المتحدة وفي معارضة شديدة للحرب الروسية المستمرة ضد أوكرانيا وشعبها”.
وحضت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد كل الدول على توجيه رسالة مفادها بأن العالم “لن يتسامح مع الاستيلاء على أرض جار بالقوة”. وأضافت، “اليوم روسيا تغزو أوكرانيا. لكن غداً قد تكون دولة أخرى هي من تُنتهك أراضيها. قد تكون دولتكم. يمكن أن تكونوا التاليين. ماذا تتوقعون من هذه القاعة؟”.
واعتبر الرئيس الأميركي جو بايدن أن الجمعية العامة للأمم المتحدة أرسلت “رسالة واضحة” إلى الكرملين بتصويتها بأغلبية كبيرة على مشروع قرار يدين ضم روسيا أجزاء من أوكرانيا. وقال بايدن، في بيان، إن “الرهانات في هذا النزاع واضحة للجميع، والعالم أرسل رسالة واضحة رداً على ذلك: لا يمكن لروسيا أن تمحو من الخريطة دولة ذات سيادة”.
وبذلت الولايات المتحدة مساعي حثيثة لإقناع جنوب أفريقيا وكذلك الهند التي تتعاظم شراكتها مع واشنطن وتربطها علاقة تاريخية وثيقة بموسكو وامتنعت أيضاً عن التصويت في مجلس الأمن حيث تشغل مقعداً غير دائم.
إدانة الهجوم الروسي
وزاد عدد المصوتين لإدانة الهجوم الروسي بصوتين مقارنة بقرار الإدانة الذي اعتمدته الجمعية العامة في مارس (آذار) بعيد بدء النزاع. وصوتت بنغلاديش والعراق والسنغال، التي امتنعت عن التصويت في مارس، على إدانة روسيا. أما إريتريا، وهي إحدى أكثر الدول انغلاقاً في العالم، فقد انتقلت من التصويت بـ “لا” إلى “الامتناع” عن التصويت بينما تحولت نيكاراغوا التي تتعرض لضغط دولي متزايد بشأن سجلها الحقوقي، من الامتناع عن التصويت إلى التصويت بـ”لا” وذلك إلى جانب كل من روسيا وبيلاروس وكوريا الشمالية وسوريا.
وقالت سفيرة جنوب أفريقيا ماتو جوييني، إن بلادها تعتبر “وحدة أراضي الدول ووحدة أراضي أوكرانيا أمراً مقدساً، ونحن نرفض كل الإجراءات التي تقوض أهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي”. وأضافت، “لقد امتنعنا عن التصويت على القرار لأننا نعتقد أن هدف هذه الجمعية بما يتماشى مع تفويضها يجب أن يكون دائماً الإسهام في نتيجة بناءة تفضي إلى إحلال سلام دائم في أوكرانيا”.
أما سفيرة الهند روشيرا كامبوج فقالت إن “جنوب الكرة الأرضية بأكمله عانى أضراراً جانبية كبيرة” من الحرب وإن “قضايا ملحة” لم يتناولها القرار.
وقالت بنغلاديش، في معرض شرحها لتصويتها لصالح إدانة روسيا، إنه يتعين على المجتمع الدولي أن يقف بحزم أيضاً ضد أي محاولة من جانب إسرائيل لضم أجزاء من الأراضي الفلسطينية المحتلة. وقال سفير بنغلاديش محمد عبدالمحيط “نعتقد بشدة أن أهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة في ما يتعلق باحترام السيادة ووحدة الأراضي والتسوية السلمية لكل النزاعات يجب أن ينطبق على الجميع وفي كل مكان وتحت كل الظروف”.
تحذير روسي من حرب عالمية ثالثة
قال نائب أمين مجلس الأمن الروسي، ألكسندر فينيديكتوف، لوكالة “تاس” الرسمية للأنباء، الخميس، إن قبول انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي قد يؤدي إلى حرب عالمية ثالثة.
ونقلت “تاس” عن فينيديكتوف قوله في مقابلة إن “كييف تدرك جيداً أن مثل هذه الخطوة ستعني تصعيداً حتمياً إلى حرب عالمية ثالثة”.
وأضاف “على ما يبدو، هذا ما يعولون عليه… لخلق ضجيج إعلامي ولفت الانتباه إلى أنفسهم مرة أخرى”.
وكرر فينيديكتوف الموقف الروسي بأن الغرب، من خلال مساعدته أوكرانيا، يشير إلى أنه “طرف مباشر في الصراع”.
على بوتين “أن يعود الى طاولة” المفاوضات
في الأثناء، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في مقابلة عبر محطة “فرانس 2” خصص قسم كبير منها للحرب في أوكرانيا، أن على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين “أن يعود إلى طاولة” المفاوضات. وأضاف، “اليوم، قبل كل شيء، على بوتين أن يوقف هذه الحرب ويحترم وحدة أراضي أوكرانيا ويعود إلى طاولة المفاوضات”، مؤكداً أنه لا يريد اندلاع “حرب عالمية”.
ولدى سؤاله عما إذا كان سيدعم هجوماً أوكرانياً لاستعادة شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا في عام 2014 في خطوة غير معترف بها دولياً، قال ماكرون إنه “في مرحلة ما مع تطور النزاع” يتعين على كل من روسيا وأوكرانيا “العودة إلى الطاولة”.
وتعهد ماكرون بتوفير “رادارات، أنظمة صواريخ (مضادة للطائرات) لحماية (الأوكرانيين) من الهجمات، وخصوصاً لحمايتهم من هجمات الطائرات من دون طيار”.
صواريخ للدفاع الجوي
إلى ذلك، أعلنت وزارة الدفاع البريطانية أنها ستزود أوكرانيا صواريخ إضافية مضادة للطائرات، بما في ذلك، للمرة الأولى، ذخيرة قادرة على إسقاط صواريخ “كروز”، وأضافت، في بيان، أنها ستزود كييف “في الأسابيع المقبلة” صواريخ “آمرام” لاستخدامها من قبل نظام الدفاع الجوي “ناسامس” الذي تعهدت الولايات المتحدة تزويد أوكرانيا به.
وتشمل المساعدات الجديدة طائرات مسيرة و 18 مدفع “هاوتزر”.
وأعلن وزير الدفاع البريطاني بن والاس عن الدعم الجديد قبل اجتماع حلف شمال الأطلسي في بروكسل، الخميس.
وقال والاس “الضربات الروسية الأخيرة العشوائية على مناطق مدنية في أوكرانيا تتطلب مزيداً من الدعم لأولئك الذين يسعون للدفاع عن بلدهم.
وتعهد حلفاء أوكرانيا بإمدادها بأنظمة دفاع جوي جديدة ومزيد من المساعدات على هامش اجتماع الأربعاء.