حرية – (16/10/2022)
تتصاعد وتيرة العمليات العسكرية المستمرة في أوكرانيا، الأحد 16 أكتوبر (تشرين الأول)، إذ قامت وحدات من الجيش الروسي بضرب مواقع القوات الأوكرانية، فيما تستمر كييف في محاولة صد الهجمات الروسية واستعادة الأراضي، بمساعدة الأسلحة الغربية.
وأفادت وكالة “ريا نوفوستي” بأن القوات الأوكرانية قصفت دونيتسك بثلاثة صواريخ من طراز “هيمارس”، وأن القصف الأوكراني استهدف مبنى إدارة مدينة دونيتسك، وقد شهدت دونيتسك خلال الساعات الـ24 الماضية سقوط نحو 300 قذيفة وصاروخ.
التأهب الجوي
وأعلنت القوات الأوكرانية حالة التأهب الجوي في الأجزاء الوسطى والجنوبية والشرقية من البلاد، وتم نشر المناطق المعلن عنها في حالة التأهب الجوي على الخريطة بواسطة الطبعة الأوكرانية من “كليمنكو تايم” Klimenko Time مع توضيح المناطق التي تصدر فيها الإشارات. وتشمل حالة التأهب للغارات الجوية جميع مناطق أوكرانيا تقريباً، بما في ذلك العاصمة كييف.
يأتي ذلك فيما أعلنت وزارة الدفاع الروسية إطلاق صاروخ “أنغارا-1.2” الفضائي الروسي الخفيف حاملاً قمراً اصطناعياً من مطار “بليسيتسك” الفضائي العسكري شمال غربي روسيا لصالح الوزارة. وقالت الوزارة في بيانها أن جميع عمليات ما قبل إطلاق الصاروخ تمت في الوضع الطبيعي.
وأكدت الاستخبارات البريطانية، السبت، أن قوات روسية شملتها “التعبئة الجزئية” التي أعلنت عنها موسكو أخيراً، وتشمل 300 ألف جندي، بدأت فعلاً الانتشار في أوكرانيا، في تأكيد لتصريحات بهذا المعنى صدرت عن القيادة الروسية، ما يوحي بأن جبهات القتال قد تشهد مزيداً من التصعيد في الفترة المقبلة.
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن “16 ألف مجند جديد من الذين انطبقت عليهم شروط التعبئة يقومون حالياً بواجبهم القتالي في أوكرانيا”، موضحاً أنه من المقرر انتهاء عملية استدعاء جنود الاحتياط في غضون أسبوعين، معلناً بذلك نهاية قريبة لعملية التعبئة التي تسببت في فرار عشرات الآلاف من روسيا. وقال بوتين، في ختام قمة في العاصمة الكازاخية آستانة، إنه تم استدعاء نحو 222 ألف مجند حتى الآن من أصل 300 ألف يفترض أن يشملهم التجنيد. ورفض الرئيس الروسي تكهنات بأنه يتم التخطيط لموجة ثانية من التعبئة.
وفي الجانب الآخر، كشفت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) قائمة “مساعدات أمنية” جديدة، بقيمة 725 مليون دولار، لأوكرانيا، بموجب تفويض رئاسي، ما يرفع من قيمة ما تلقته كييف من واشنطن، منذ بدء الحرب مع روسيا إلى 17.6 مليار دولار. وتضمنت الأسلحة الجديدة ذخائر إضافية لأنظمة صواريخ “هيمارس”.
وقال مسؤول دفاعي أميركي كبير إن الجيش الأوكراني الذي نجح في بداية الحرب في وقف تقدم روسيا، بات اليوم في وضع أفضل، وتمكن من إخراج الروس من مناطق خاركيف في الشمال الشرقي وإرغامهم على التراجع في الجنوب. وتتقدم قوات كييف الآن نحو مدينة خيرسون الاستراتيجية في الجنوب، مما يضع القوات الروسية تحت ضغط للاختيار بين المواجهة والانسحاب.
استهداف معسكر تدريب
هذا ولقي ما لا يقل عن 11 شخصاً حتفهم وأصيب 15 آخرون في معسكر تدريب بجنوب روسيا، السبت 15 أكتوبر، عندما فتح مهاجمان النار على مجموعة من المتطوعين الذين كانوا يرغبون في القتال في أوكرانيا.
ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن وزارة الدفاع قولها، إن المهاجمين الاثنين لقيا حتفهما بالرصاص بعد الهجوم الذي وقع في منطقة بيلغورود المتاخمة لأوكرانيا. وقالت إنهما من مواطني جمهورية سوفياتية سابقة من دون أن تذكر مزيداً من التفاصيل.
وأعلنت وزارة الدفاع في بيان “خلال جلسة تدريب على الأسلحة النارية مع أفراد أبدوا رغبتهم في المشاركة بالعملية العسكرية الخاصة (ضد أوكرانيا)، فتح إرهابيان النار بأسلحة صغيرة على أفراد الوحدة”.
أضافت “نتيجة لإطلاق النار، قُتل 11 شخصاً ونُقل 15 آخرون أصيبوا بجروح متفاوتة الخطورة إلى منشأة طبية”.
وكانت السلطات في مدينة بيلغورود الروسية قد اتهمت أوكرانيا مراراً بمهاجمة أهداف في المدينة، بما في ذلك خطوط الكهرباء ومخازن الوقود والذخيرة.
وقال أوليكسي أريستوفيتش مستشار الرئيس الأوكراني في مقابلة على موقع “يوتيوب” إن المهاجمين من دولة طاجيكستان الواقعة في آسيا الوسطى وفتحا النار على الآخرين بعد خلاف ديني.
وطاجيكستان دولة ذات أغلبية مسلمة بينما ينتمي نصف الروس تقريباً لطوائف مسيحية مختلفة. وقالت وزارة الدفاع الروسية، إن المهاجمين ينحدران من دولة تنتمي إلى رابطة الدول المستقلة التي تضم تسع جمهوريات سوفياتية سابقة من بينها طاجيكستان.
ولم يتسن التحقق فوراً من صحة مزاعم أريستوفيتش. ولم تذكر وكالة الإعلام الروسية مكان الهجوم. وقال موقع “سوتا فيجن” الإخباري الروسي المستقل إن الحادث وقع في بلدة سولوتي الصغيرة بالقرب من الحدود الأوكرانية على بعد حوالى 105 كيلومترات إلى الجنوب الشرقي من بيلغورود.
ولم تعلن أوكرانيا مسؤوليتها عن الهجوم.
الوضع “الأصعب” في شرق أوكرانيا
أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، السبت، أن الوضع العسكري الميداني قرب باخموت هو “الأصعب” حالياً في شرق أوكرانيا بعد أيام من إعلان القوات الموالية لروسيا اقترابها من المدينة.
وقال زيلينسكي في خطابه اليومي “لا يزال الوضع خطيراً للغاية في منطقتي دونيتسك ولوغانسك” في حوض دونباس الصناعي.
أضاف أن “الوضع الأصعب هو قرب باخموت مثل الأيام السابقة وما زلنا نحتفظ بمواقعنا”.
وكانت القوات الانفصالية المدعومة من روسيا في منطقة دونيتسك قد أعلنت، الخميس، سيطرتها على قريتين قريبتين هما أوبيتين وإيفانغراد.
وتقصف القوات الروسية منذ أسابيع باخموت التي كان عدد سكانها قبل الحرب 70 ألف نسمة.
قصف دونيتسك
قالت إدارة مدينة دونيتسك المدعومة من روسيا اليوم الأحد، إن قصف القوات الأوكرانية أحدث أضراراً في المبنى الإداري للمدينة.
وكتبت الإدارة عبر تطبيق المراسلات “تيليغرام” أن المدخل الرئيس للمبنى تعرض للقصف ولحقت الأضرار سيارات عدة بالقرب منه.
وتخضع مدينة دونيتسك لسيطرة جمهورية دونيتسك الشعبية المدعومة من روسيا منذ عام 2014، وتحركت روسيا في سبتمبر (أيلول) لضم مناطق دونيستك ولوغانسك وخيرسون وزابوريجيا الأوكرانية، في أكبر توسع للأراضي الروسية منذ نصف قرن على الأقل.
وأعلنت موسكو ضم هذه المناطق بعد إجراء ما سمته بالاستفتاء في المناطق المحتلة في أوكرانيا، وقالت حكومات الغرب وكييف إن عمليات التصويت مخالفة للقانون الدولي وقسرية ولا تمثل رأي السكان.
الوضع في بيلغورود
وقال حاكم منطقة بيلغورود الروسية فياتشيسلاف جلادكوف خلال ساعة باكرة من صباح الأحد، إن الهجوم الذي تعرضت له قاعدة عسكرية في المنطقة السبت لم يسفر عن مقتل مدنيين، لكن جنوداً كثيرين قتلوا أو أصيبوا.
وأضاف جلادكوف في مقطع مصور على تطبيق “تيليغرام” إنه “حدث مروع وقع على أراضينا وعلى أراضي إحدى الوحدات العسكرية”.
وقال إن “جنوداً كثيرين قتلوا وجرحوا، ولا يوجد بين الجرحى والقتلى أحد من سكان بيلغورود”.
ولم يذكر جلادكوف عدد الجنود الذين لقوا حتفهم، فيما نقلت وكالة الإعلام الروسية الرسمية عن وزارة الدفاع قولها إن 11 شخصاً لقوا حتفهم بينما أصيب 15 آخرون.
ماسك يتراجع عن تهديده
وأكد إيلون ماسك، السبت، أن شركته “سبايس أكس” ستواصل دفع مستحقات خدمة “ستارلينك” لتزويد أوكرانيا بالإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية بعد يوم واحد من إعلانه عدم قدرة شركته على الاستمرار في تحمل الأعباء المالية لهذه الخدمة إلى أجل غير مسمى.
وخدمة “ستارلينك” التي توفر الإنترنت الفضائي عبر شبكة من نحو 3 آلاف قمر اصطناعي موضوعة في مدار منخفض، تعد أمراً بالغ الحيوية لشبكة الاتصالات الأوكرانية في وقت تواجه البلاد الحرب الروسية.
وكتب أغنى رجل في العالم على “تويتر” إنه “على رغم أن ’ستارلينك‘ لا تزال تخسر أموالاً بينما تحصل شركات أخرى على مليارات الدولارات من أموال دافعي الضرائب، فإننا سنواصل تمويل الحكومة الأوكرانية من دون مقابل”.
وكان ماسك فصل في سلسلة من التغريدات الجمعة الخدمات اللوجيستية للعملية التي تكلف “سبايس أكس” نحو 20 مليون دولار شهرياً، مشيراً إلى أن الشركة لا تستطيع تمويلها إلى أجل غير مسمى.
ونشرت الشركة نحو 25 ألف محطة استقبال أرضية للإنترنت الفضائي في البلاد كلفت حتى الآن بحسب ماسك 80 مليون دولار، وستصل الكلفة إلى 100 مليون بحلول نهاية العام الحالي.
وقال ماسك في إحدى التغريدات إن “’ستارلينك‘ هو نظام الاتصالات الوحيد الذي يستمر في العمل على الجبهة بينما توقفت جميع الأنظمة الأخرى”، مضيفاً أن “روسيا تحاول جاهدة القضاء على ’ستارلينك‘ وقد أعادت ’سبايس أكس‘ تخصيص موارد ضخمة للحماية”.
الـ “بنتاغون” على الخط
في غضون ذلك أكدت الـ “بنتاغون” أنها تتواصل مع شركة رجل الأعمال الملياردير في شأن تمويل شبكة الإنترنت في أوكرانيا.
وكانت شبكة “سي أن أن” كشفت عن أن الـ “بنتاغون” تلقت خطاباً من “سبايس أكس” الشهر الماضي يشير إلى عدم قدرة الشركة على تحمل كلف خدمة الإنترنت في أوكرانيا، وطلبتها تمويلاً يصل إلى 400 مليون دولار للأشهر الـ 12 المقبلة.
وساعدت “ستارلينك” في استمرار تغطية الإنترنت في المناطق التي ضربها الجيش الروسي في أوكرانيا، وفي يونيو (حزيران) كان نحو 15 في المئة من البنى التحتية للإنترنت الموجودة في أوكرانيا قد دمر أو تضرر، بحسب السلطات.
لكن كبير مساعدي الرئيس الأوكراني ميخايلو بودولياك أقر بأهمية “ستارلينك” في تغريدة الجمعة، قائلاً “سواء أعجبكم ذلك أم لا، فإيلون ماسك ساعدنا في البقاء خلال أكثر لحظات الحرب خطورة”.
ووجد ماسك نفسه أخيراً متورطاً في خلافات مع القادة الأوكرانيين وبينهم الرئيس فولوديمير زيلينسكي بعد أن أثارت مقترحاته وقف الحرب غضبهم لتضمنها الاعتراف بالسيادة الروسية على شبه جزيرة القرم.
فرنسا ستدرب ألفي جندي أوكراني
أعلن وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان ليكورنو، السبت، في مقابلة مع صحيفة “لو باريزيان” أن بلاده ستدرب “ما يصل إلى ألفي جندي أوكراني” على أراضيها.
وكشف أن هؤلاء الجنود “سيلحقون بوحداتنا لأسابيع عدة”، مؤكداً أن التدريب سيغطي ثلاثة مستويات “تدريب المقاتلين العام” و”ثم احتياجات محددة طلبها الأوكرانيون مثل اللوجيستيات” و”مستوى ثالث من التدريب على المعدات التي قدمناها” لأوكرانيا.
أضاف ليكورنو “نقوم بذلك من خلال احترام قواعد القانون، من دون أن نكون طرفاً في النزاع لأننا لسنا في حالة حرب. نحن نساعد دولة في حالة حرب” بعد هجوم روسيا عليها.
وأكد وزير الدفاع أن فرنسا ستسلم أوكرانيا أنظمة دفاع جوي من طراز “كروتال”، مشيراً إلى إعلان أصدره الرئيس إيمانويل ماكرون، الأربعاء، بهذا المعنى.
ولفت إلى أن عدد أنظمة “كروتال” المضادة للطائرات قصيرة المدى التي سيتم إرسالها إلى كييف “يتم تحديدها مع الأوكرانيين”، وعددها “سيكون مهماً للسماح لهم بحماية أجوائهم”.
وأشار إلى أن “الهدف هو إكمال عملية (التسليم) في غضون الشهرين المقبلين”.
منذ بداية النزاع، دربت دول أخرى غير فرنسا عسكريين أوكرانيين على أراضيها، ومن أبرزها المملكة المتحدة.