حرية – (16/10/2022)
حذر وزير المالية البريطاني الجديد جيريمي هانت، السبت 15 أكتوبر (تشرين الأول)، من زيادة مقبلة للضرائب، بينما أقر بارتكاب سلفه “أخطاء” في موازنة كارثية كشف عنها الشهر الماضي وما زالت تهدد بإطاحة رئيسة الوزراء ليز تراس.
وعنونت صحيفة “ذا تايمز”، “تراس تكافح من أجل البقاء” بعد يوم على إقالتها وزير المالية كواسي كوارتنغ ليتحمل وحيداً مسؤولية الاضطرابات في الأسواق التي أحدثتها موازنتهما في 23 سبتمبر (أيلول).
وذكرت “ذا تايمز” و”ذا تلغراف” وغيرهما من الصحف أن نواباً محافظين ما زالوا يخططون لإطاحة تراس وهو أمر ربما يحدث في غضون أيام وسط تدهور موقع الحزب في استطلاعات الرأي منذ تولت المنصب خلفاً لبوريس جونسون في السادس من سبتمبر.
وأشار هانت الذي سبق أن شغل منصب وزير الخارجية ويعد من المحافظين الوسطيين إلى أنه سيتخلى عن الاستراتيجية التي أوصلت تراس إلى 10 داونينغ ستريت، مقراً “كانت هناك أخطاء”، ولفت إلى أن كوارتنغ ورئيسة الوزراء ارتكبا خطأ في محاولتهما خفض ضرائب الأعلى دخلاً وفي عرضهما الموازنة من دون انتظار توقعات مستقلة من مكتب “المسؤولية عن الموازنة”.
وقال هانت لـ”سكاي نيوز”، “اعترفت رئيسة الوزراء بذلك، لهذا السبب أنا هنا”.
وفي أول خطوة له منذ تولى المنصب في وقت متقدم، الجمعة، تحدث الوزير الجديد إلى حاكم بنك إنجلترا أندرو بيلي الذي اضطر إلى القيام بتدخلات مكلفة من أجل تهدئة أسواق السندات.
وأعلن بيلي، السبت، خلال ندوة عقدت ضمن اجتماعات الخريف لصندوق النقد الدولي في واشنطن “يمكنني أن أقول لكم إنني تحدثت إلى جيريمي هانت. ويمكنني أن أقول لكم إنه حصل تطابق فوري وواضح لوجهات النظر بيننا حول مسألة أهمية الاستدامة المالية وأهمية اتخاذ قرارات في هذا الاتجاه”.
وكان خفض الضرائب محور الموازنة الفاشلة التي أعلنها كوارتنغ ورئيسة الوزراء.
لكن تمويل الخطوة كان عبر استدانة المليارات وهو أمر أثار حال ذعر في أسواق المال ورفع الكلف بالنسبة إلى العائلات البريطانية في أوج أزمة أعباء المعيشة.
وقال هانت “سيتعين علينا اتخاذ قرارات صعبة للغاية”، محذراً من أن “جميع الدوائر الحكومية تواجه قيوداً على الإنفاق”، وأفاد بأن “بعض الضرائب لن يتم خفضها بالسرعة التي يريدها الناس. سترتفع بعض الضرائب”.
وأعلن هانت أنه سيدلي ببيان جديد في شأن الوضع المالي في 31 أكتوبر، موضحاً لإذاعة “بي بي سي” أن لديه “صفحة بيضاء” ليبدأ منها على رغم تعهدات تراس السابقة.
وفي الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) يعقد بنك إنجلترا اجتماعه المقبل لتحديد معدل الفائدة، وحذر بيلي من أن المصرف المركزي “لن يتردد” في رفع معدلات الفائدة من أجل إبقاء مستويات التضخم المرتفعة تحت السيطرة، مما ينذر بمزيد من الصعوبات بالنسبة إلى العائلات البريطانية والأعمال التجارية بعد خطة الموازنة الفاشلة.
وأقالت تراس وزير المال كوارتنغ بعد ساعات على عودته السريعة من اجتماعات مالية دولية في واشنطن وتراجعت عن نقطة أساسية أخرى في برنامجها فزادت الضرائب على أرباح الشركات بشكل كبير.
وخلال مؤتمر صحافي عقدته في داونينغ ستريت وكان الأول لها منذ خلفت جونسون قوبل أداؤها بانتقادات واسعة على خلفية فشلها في تهدئة الأسواق.
واكتفت تراس بالإجابة عن أربعة أسئلة فقط بينما كانت تتلفت بتوتر وترد بإجابات مقتضبة لتغادر القاعة بعد أكثر بقليل من ثماني دقائق على بدء المؤتمر.
وكتبت المعلقة جيني راسل في “ذا تايمز” أن “ليز تراس قضت على مسيرتها السياسية خلال دقائق بتصرفها بشكل آلي ومتردد وأصم وقائم على التحدي”.
ولدى سؤالها عن سبب عدم استقالتها، قالت تراس إنها “عازمة تماماً على المضي قدماً بما تعهدت به”.
لكن مع تخليها عن تعهداتها الاقتصادية اليمينية التي أوصلتها إلى زعامة الحزب المحافظ في مواجهة خصمها ريشي سوناك، واجهت تراس انتقادات متزايدة بأن مصداقيتها السياسية انهارت.
وقال النائب المحافظ الموالي لرئيسة الحكومة كريستوفر تشوب لمحطة “بي بي سي”، “أشعر بخيبة أمل كبيرة”، مضيفاً أن تصرفاتها، الجمعة، كانت “غير منسجمة إطلاقاً مع كل ما دافعت عنه عندما تم انتخابها”.
بدوره رأى زعيم المحافظين السابق ويليام هيغ أن بقاء تراس في منصبها بات “معلقاً بخيط” بينما لفت وزير المالية السابق فيليب هاموند إلى أنها “أهدرت سنوات وسنوات من العمل المضني لبناء سجل الحزب في الكفاءة الاقتصادية”.
لكن مع تقدم حزب العمال المعارض في الاستطلاعات حذر وزير شؤون ويلز روبرت باكلاند زملاءه المحافظين الذين ضاقوا ذرعاً بتراس من إطاحتها بعد مدة قصيرة من إطاحتهم جونسون، وقال لإذاعة “بي بي سي”، “أعتقد بأنه إذا بدأنا بالتخلي من دون أخذ العواقب في الاعتبار ورمينا برئيس وزراء جديد إلى الذئاب، فسنواجه مزيداً من التأخير والجدل وعدم الاستقرار”.
من جهته اتهم زعيم حزب العمال كير ستارمر رئيسة الوزراء بـ”التشبث” بالمنصب داعياً إلى انتخابات عامة مبكرة وقال في خطاب، السبت، “لا توجد سوابق تاريخية لما فعلوه باقتصادنا”.