حرية – (22/10/2022)
قالت وكالة Bloomberg الأمريكية، في تقرير نشرته الجمعة 21 أكتوبر/تشرين الأول 2022، إن الحواسيب بدأت تتعلم كيفية تأثير الحياة اليومية في الطلب على الرحلات الجوية، بعد تغذيتها ببيانات عن كل شيء.
تتنوع تلك البيانات من عمليات البحث على الإنترنت وحالات تفشي كوفيد، وصولاً إلى توقعات الطقس ونتائج مباريات كرة القدم. وفي أكثر أشكال هذه التقنية تطوراً، يتفوّق الذكاء الاصطناعي على قواعد الأجرة الجوية وأنماط تسعير التذاكر المبهمة التي هيمنت على مبيعات التذاكر طيلة عقود.
استخدام الذكاء الصناعي في زيادة أرباح الطيران
يستطيع مقدمو هذه التقنيات تحديد المبلغ الذي سيكون الركاب على استعداد لدفعه مقابل التذاكر، وإعادة تسعير المقاعد باستمرار عن طريق تقييم البيانات المتاحة. ويمكن القول إن حساب أجرة السفر جواً باستخدام الذكاء الاصطناعي يمكنه أن يزيد أرباح شركات الطيران بنسبة 10% أو أكثر، وفقاً لشركة Fetcherr، التي تدير محرك تسعير للتذاكر.
حيث قال الرئيس التنفيذي للشركة روي كوهين: “نستطيع تحديد عدد الناس الذين سيشترون تذكرةً بعينها عند كل نقطة سعرية. ومن الصعب للغاية التخفي عن نظامنا”.
من جانبها أعلنت شركة الطيران البرازيلية Azul SA، في سبتمبر/أيلول 2022، عن أول تجربة علنية لتقنية Fetcherr الخاصة بتوقع الطلب وتسعير التذاكر.
من ناحية أخرى تتمتع عمليات محاكاة الطلب التي تقدمها الشركة بدقةٍ بالغة وفقاً لكوهين، لدرجة أن أسعار التذاكر التي تحددها الخوارزميات لرحلات جوية بعد ستة أشهر، لا تتغير تقريباً بحلول وقت إقلاع الطائرة. وأردف: “تكون أسعارنا دقيقةً بالكامل تقريباً، وتصل الدقة إلى عدد السنتات في سعر التذكرة أحياناً”.
أما بخصوص قدرة الذكاء الاصطناعي على مساعدة شركات الطيران على جني أموال أكثر، فتأتي من خلال هذا المثال: “لنقُل إن شخصاً ما، يريد أن يستقل الطائرة من نيويورك إلى بوسطن يوم الخميس المقبل، لحضور حفل روك. ستأتي نتائج البحث على الإنترنت برحلات يبلغ سعر تذاكرها 263 دولاراً، و303 دولارات، و424 دولاراً. وعندما يجد العميل أن سعر 424 يعتبر باهظاً للغاية، سيختار المقعد الذي يبلغ سعره 263 دولاراً. لكن فرقة الروك هذه نادراً ما تقدم عروضاً حية، ولهذا فإن ذلك العميل كان على استعدادٍ لدفع مبلغ أكبر قليلاً. ولا تعلم شركة الطيران ذلك. لكن الخوارزميات التي تلتهم كثيراً من البيانات كانت ستُدرك أن الطلب على الرحلات المتجهة إلى بوسطن في الخميس المقبل يعتبر مرتفعاً، وستكشف الخوارزميات أن ذلك الطلب يكفي لتسعير التذكرة بـ293 دولاراً دون ترك مقعدٍ فارغ على الطائرة. وفي هذه الحالة، كانت شركة الطيران التي تعرض المقاعد بالأسعار المحددة مسبقاً ستجني 30 دولاراً إضافية”.
مساعدات ضرورية لصناعة الطيران
تحتاج صناعة الطيران إلى كل مساعدة ممكنة. إذ توقف السفر الجوي بشكلٍ شبه كامل في 2020، بالتزامن مع إغلاق حكومات العالم حدودها وفرض قيود كوفيد-19. بينما لم يتجاوز حجم نمو الإيرادات السنوية التقليدي خانة الآحاد منذ الأزمة المالية، التي وقعت قبل أكثر من عقدٍ كامل.
على الرغم من أن شركات الطيران تستخدم البرمجيات الحاسوبية منذ سنوات لإدارة تسعير التذاكر، فإن المبلغ الذي يدفعه الركاب في النهاية يتحدد وفقاً لمدى توافر المقاعد في مختلف فئات التسعير بدرجةٍ كبيرة. فيما يسعى الذكاء الاصطناعي إلى مطابقة الأسعار المعروضة مع مدى استعداد الركاب للدفع بدرجةٍ أدق، وهو الأمر الذي أصبح صعب المنال بعد عامين من الإغلاقات.
في حين ما يزال تأثير الذكاء الاصطناعي على صناعة الطيران في مهده، أصبح تدفق المعلومات أكبر من المعقول بكثير. وقال كوهين إن شركته تعالج بمفردها عدة بيتابايتات من البيانات من جميع أنحاء العالم كل ثانية، وذلك في أثناء قياسها حجم الطلب. ويُقدّر حجم البيتابايت الواحد بـ500 مليون صفحة قياسية من النصوص المطبوعة. وأردف: “يتحسن أداء الشركة كلما توسعنا أكثر”.
بينما قال كونور أوسوليفان، رئيس المنتجات في Datalex Plc التي توفر خدمة التسعير الفوري، إن إمدادات البيانات لا نهائية. وأعلنت الشركة التي يقع مقرها في دبلن، عن تجربة خدمتها بواسطة خطوط Aer Lingus للطيران في عام 2021.
مؤثرات سياسية على سوق الطيران
في سياق متصل ما تزال Datalex تعتمد بشدة على البيانات التاريخية، مثل حجوزات وجداول شركات الطيران، لتقدير الطلب الحالي والمستقبلي على الرحلات الجوية. لكن الحواسيب بدأت في قياس الأحداث التي لا تتكرر بدرجةٍ متزايدة، مثل الحفلات الموسيقية والبطولات الرياضية، إضافة إلى حجوزات الفنادق وطوابير المطارات. وأوضح أوسوليفان أن تغيير الحكومات والسياسات، أو حتى الإطاحة بالوزراء، يمكنه أن يؤثر على السوق. ويتمحور دور الخوارزمية حول تحديد الأهمية النسبية لكل معلومة.
حيث تستفيد شركات التجزئة الضخمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي من مزايا التعلم الآلي بشكلٍ واضح، ومنها Amazon مثلاً، لكن صناعة الطيران تميل بطبعها إلى تجنب المخاطر، مما يعني أنها ستتبنى هذه التقنية بوتيرةٍ أبطأ كثيراً. حيث يأتي التغيير في هذه الصناعة بوتيرةٍ شديدة البطء، لأن أنظمة الشبكات وشراكات توزيع التذاكر القديمة تُعيق التغيير.
في حين أوضح أوسوليفان أن الأرباح يمكن أن تقفز في بعض الخطوط بنسبة تصل إلى 8% بفضل مزايا تسعير التذاكر المدعوم بالذكاء الاصطناعي، بينما سترتفع إيرادات شركة الطيران إجمالاً بنسبةٍ تتراوح بين 2% و3% على الأرجح.